الشيخ: قسول جلول في آخر يوم من سنة 2018م عرض فيلم وثائقي حول إنجازات الرئيس بنادي المجاهد الجزائر خصص هذا الفيلم لكبريات الإنجازات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتربوية التي تمت خلال 20 سنة من تولي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة . لكن ما لاحظته هو عدم ذكر من قريب أو من بعيد منجزات الرئيس في الجانب الديني والنشاط المرتبط به.. أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: -الأسبوع الوطني للقرآن الكريم.-الجائز ة الدولية للقرآن القرآن تحت الرعاية والإشراف المباشر لفخامة رئيس الجمهورية.- ولا الإشارة للجامع الجزائر الأعظم ومساجد الأقطاب بالولايات.-وكذا نشاطات أخرى في مجالات الحج والأوقاف والملتقيات... إلخ. يعود بنا الفيلم الوثائقي إلى الأزمة التي مرت بها البلاد ...وكيف تم علاجها بارتكاب أخف الضررين .تحت شعارات مختلفة : الوئام المدني تسيير الأزمة المصالحة الوطنية فهي من صميم الدين والبعد الديني فيها يظهر جليا في الألفاظ والمعاني حتى في بعض المصطلحات مثل الإرجاء .قال تعالى(( وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ))الآية 106من سورة التوبة وأعطت ثمارها الطيبة رغم عمق وأبعاد الأزمة الخطيرة وأتذكر يومها أننا كنا نبحث عن آيات التراحم والتعاون والتسامح والتآخي والصفح الخ ونوجه أئمتنا عدم ذكر الآيات التي تفهم وتؤول خلافا لمقصودها فمن أهم إنجازات الرئيس : الوئام المدني وهو عبارة عن مشروع إصلاحي فالإصلاح مطلب ديني فهو دعوة الأنبياء والمرسلين ودعوةُ القُرآن إلى إصلاح المجتمع كلِّه إصلاحًا شاملاً وكاملاً يحفَظُ كيانَه وأفرادَه من الانحِراف أو الإفساد في الأرض وإهدار حُقوق الخلق في سبيل المصالح الشخصيَّة والأهواء الذاتيَّة الفرديَّة. لأنَّ الإنسان لا يستطيعُ أنْ يعيش بِمُفرده في هذه الحياة دُون الاحتكاك بغيره والاتِّصال به فكرا وتعاملا فكان لا بُدَّ من إيجاد القَواعد والتشريعات التي تحفَظُ هذا المجتمع وتُقوِّمه وتصلحه وتُهذِّبه. ولا بد من الضَّوابط العامَّة لأفراد المجتمع التي يجبُ أن يلتزموا بها في سُلوكهم حتى يستطيعوا العيش بأمان واستقرار . و القُرآن الكريم بيَّن وأوضح المِنهاج القويم والخطَّة الرائعة الشاملة لإصلاح المجتمع والذي أولاه القُرآن الكريم الجزء الكبير من تَشريعاته الإصلاحيَّة في الحياة الإنسانيَّة في القديم والحديث و هو الجامع لأصول هذا الإصلاح الاجتماعي الشامل فتم إصلاح الأسرة بالتشريعات المناسبة وتم إصلاح المحتمع بالتكافُل و التِزام مبدأ الأخُوَّة: قال تعالى: _ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ _ [الحجرات: 10 *التزام مبدأ التعاون: قال - عزَّ وجلَّ -: _ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ _ [المائدة: 2] التِزام مبدأ العدل قال تعالى: _ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى _ [الأنعام: 152] -*التِزام مبدأ الرِّفق والرَّحمة: قال تعالى: _ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ _ [الفتح: 29.... تجسدت هذه العملية في المصالحة الوطنية * التِزام مبدأ العفو والصَّفح الجميل: ظهر هذا المبدأ بوضوح وجلاء في المصالحة الوطنية قال الله سبحانه: _ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ _ [الشورى: 43]. وقال - عزَّ وجلَّ -: _ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ _ [المائدة: 13. وقال سبحانه: _ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ _ [آل عمران: 134.وقال سبحانه: _ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ _ [النور: 22 إلى غير ذلك من الآيات الجامعة لقَواعد وأُصول إصلاح المجتمع التي ظهرت آثارها وحققت أهدافها في المصالحة الوطنية ! ظهر العفو بأبعاده الدينية والوطنية في المصالحة الوطنية والذين إستفادوا من العفو هم كثير والعفو مطلب ديني ظهر في برنامج الرئيس كقاعدة جوهرية للعفو والتسامح وكظم الغيظ وضبط النفس عند الغضب والمصائب وهو من الأخلاق الإسلامية العظيمة وهو أبلغ في التعبير من الكلمات وأقوى في التأثير من العبارات والمقالات . وهو يدل على قوة الشخص وعلى سلامة النفس من الغل والحقد والحسد وعلى صفاء القلب من الروح العدوانية. - إن التحلي بالعفو وخاصة عند المصائب والشدائد يريح النفس ويطمئن القلب.. و صاحب القلب الخالي من العفو يملأ قلبه بالغل والحقد والحسد والتشفي والأخذ بالثأر وهذا كله إعصار وبركان في النفس لا يهدأ حتى ينتقم - والعفو: من أسماء الله الحسنى إن الله كان عفوا غفورا ومعناه: أنه كثير العفو والداعين للثأر والانتقام لا مكانة لهم في برنامج الرئيس - والعفو: صفة من صفات الله تعالى - والعفو: هو خلق الأنبياء والمرسلين في عفوهم عن أقوامهم وهم يؤذونهم ويعذبونهم. - والعفو: هو خلق العظماء والسادة من الناس وليس خلق الضعفاء . - والعفو: هو خلق الكرام من الناس وليس خلق الحقراء والأراذل من الناس. - والعفو: يورث حب الله قال تعالى: والعافين عن الناس والله يحب المحسنين - والعفو: يورث حب الناس فإن الناس يحبون من يعفو عنهم. - والعفو: يورث العز في الدنيا والآخرة قال (صلى الله عليه وسلم): ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا . - وأمر تعالى بالعفو في قوله تعالى وليعفو وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم ومن من الناس لا يحب أن يغفر الله له؟! فلماذا لا يعفو؟ - وأمر الله نبيه بالعفو فقال خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين هذه المعاني كلها ظهرت في المصالحة الوطنية وفي برنامج الرئيس وأصبحت طبيعتها وتجربتها أشد عمقاً وأقوى تأثيرا على سياسات الدول كتجربة ناجحة لحقن الدماء وتغميد الجراح فهي بمثابة مدرسة للمتمدرسين وقبلة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا وأصبحت الجزائر نموذجا للحلول الجاهزة والمعدة مسبقاً للمواجهة الفورية للمواقف المعقدة أو الأزمة والتخفيف من آثارها وفي سياستنا التوافقية للأزمات والصراعات السياسية بين الدول والجزائر في الوئام المدني إسترشدت بالقرآن الكريم في إدارة الأزمات . لأن القرآن الكريم يرشدنا عن بعض الأزمات التى حدثت منذ أربعة عشر قرنا من الزمان من خلال قصة سيدنا نوح وسيدنا يوسف عليهما السلام وقصة ملكة سبأ وتوجت إدارة الأزمات بصلح الحديبية لأنها تخللها تفاوض بين المسلمين وقريش وانتهت بصلح الحديبية المعروف فالجزائر إقتدت بالعظماء والأنبياء والمرسلين في سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية