مراصد إعداد: جمال بوزيان أخبار اليوم تواصل رصد آراء حول ميراث الأنثى حين الاطلاع على الواقع السيء للمسلمين في الميراث وفق الشريعة نلاحظ أن مشكلات لا حصر لها يصنعها الأنانيون الذين يرفضون أحكام الله دون الالتزام بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ويلجأ كثير من الذكور المتواطئين مع بعض إلى حيل لمنع شقيقاتهم من الميراث كتقديم هدايا حين الخِطبة والزواج أو دفع حقوق عمرة أو تسليم مبلغ مالي زهيد جدا وأحيانا بالضغط عليهن لشراء حصصهن في شركات أو عقارات وغيرها أو إجبارهن على التنازل وفي حالات أخرى كثيرات لا يعرفن حقوقهن في الميراث ولا يطالبن به..ويرفض الذكور أخذ شقيقاتهم لحقوقهن بداعي أزواجهن الأغرابعن الأسرة ويرفضونه حتى وإن تكن له رابطة دموية معهم رغم أن الفرائض واضحة جدا منذ 14 قرنا. سألنا أساتذة الأسئلة الآتية: كيف ترى الشريعة الإسلامية ذلك الانحراف؟ وكيف تحدد المسؤوليات؟ ومن يلزم الذكور بتطبيق أحكام الله؟ وما عقابهم في الدنيا والآخرة؟ وما دور القوانين الوضعية في حل المشكلات العالقة منذ عقود لا سيما أن بعضا منها لا تزال تتفاقم تداعياتها في المحاكم منذ سنوات وعقود؟ نود تسليط الأضواء على قضايا ميراث الأنثى في العالم العربي من كل جوانبها وعرض المقترحات الكفيلة بتطبيق ما أمر به الله جل وعلا دون تدليس وتواطؤ وحيل واستغفال (ما ذُكر من حيل نماذج فقط قد تكون حيل أخرى). الدكتور مصطفى حنانشة أستاذ جامعي الشريعة الإسلامية تضمن لكل واحد حقه مهما يكن وضعه *تقسيم الميراث جاء مفصلا بالأرقام في القرآن الكريم ولا مجال للضبابية فيه *المجتمع كله يتحمل مسؤولية جرائم منع ميراث الأنثى * وجوب تكوين الناس شرعيا وأخلاقيا وتبيين الحقوق لكل واحد الإسلام دين ينظّم شؤون الحياة جميعها سواء أكانت الشّؤون ماديّة أم معنويّة فرديّة أم جماعيّة وكذلك من مسلّمات العقيدة الإسلاميّة عند المسلم أنّه يسلّم لأمر الله تعالى مهما يكن الأمر سواء وضحت الحكمة منه أم لم تتضح قال الله تعالى:فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا الآية (65) من سورة النّساء ومن القضايا الشّائكة في مجتمعنا اليوم قضية تقسيم الميراث التي نتجت عنها خصومات وقطيعة أرحام وضياع حقوق وتشويه صورة الإسلام وهذه نتيجة رفض الأحكام الشّرعيّة ولو ضمنيا ومن أكبر الأجواء التي تلائم ترعرع النّزاعات العائليّة تأخير تقسيم الميراث الذي يأتي في تغيّر الظّروف كموت الورثة فيزيد الأمر تعقيدا أو تبدّل أثمان العقارات فيزيد تغوّل الورثة على بعضهم البعض والنّظرة الدّونيّة تجاه الأنثى وامتلاكها المال بصفة خاصّة التي تسيطر على عقليّة الرّجل ومؤدّاها أنّه ليس من المنطق أن تمتلك المرأة المال لأنّها لا تحسن التّصرّف فيه. وقد تفنّن عباد الدّينار والدّرهم في تنويع حيل مختلفة للانقضاض على حقوق البنات منها: أنّ الفتاة ينفق عليها إخوتها ولمّا يأتي نصيبها سينفقون عليها وهذا منتهى أملها فما الدّاعي أن تأخذ من الميراث؟ أو يحضّرونها مجلس القسمة ويطلبون منها المسامحة لإخوتها أو ستنطق الأم دعوة عليها إن أبت الموافقة ويُضرب عليها حصار لما تأتي لبيت أبيها زائرة فيعقدونها نفسيّا وتقع تحت طائلة الضّغط حتى تسامح أو يعطونها أسوأ الموجود أو يقوّمون نصيبها بثمن بخس بدعوة عدم دخول أجنبي عليهم ويقصدون زوجها أو يلقون في رَوع أبيهم أو أمّهم قبل موتهما أو موت أحدهما أن يسجل الميراث باسم الذكور هبة أو بيعا حتّى يقطعوا الطّريق على أخواتهم وثائقيا وغيرها من الحيل الشّيطانية الكثيرة جدا لكن هناك أمرا قد يُظلم فيه الذّكور وذلك أنّهم منذ بلوغهم سنّ العمل يشاركون أباهم في العمل خاصّة إذا كان عملا حرا ويدفعون الغالي والنّفيس في تطوير المال لكن دون أن يكون لهذه الشّراكة منهجا تنظيميا يضمن حقوق الكلّ ولما تقع الفاجعة في فقدان الوالد يختلط عندها الحابل بالنّابل كما يُقال فيتحايل الذّكور لأخذ حقهم فيقعون في تجاوز حدّهم والأصل الوضوح من بداية الأمر والوالد حي يُرزق. والشّريعة الإسلاميّة الغرّاء فيها الحلول العادلة لكن على المجتمع أولا أن يسأل ويستشير قبل القيام بأي عمل فتقسيم الميراث جاء مفصّلا بالأرقام في القرآن الكريم لا مجال للضبابيّة فيه إلا مَن أراد أن يَعْوج عن الطّ ريق الواضح وقد ضمنت الشَّريعة لكلّ واحد حقّه مهما يكن وضْعه متصلا كالابن الشّريك للميت أو منفصلا كوارث لا علاقة له بمال الميت. والإسلام يعتمد في ضمان الحقوق على ركيزتين: -الرّكيزة الإيمانيّة: وهي ما يسمّى بالضّمير والتي تعتمد على خوف الله تعالى من أكل حقوق الغير وأنّه محرّم شرعا وأنّ الله تعالى سيعاقبه إن تعدّى على غيره في الدّنيا بالخزي الذي من مظاهرة: خسارة المال وفشل المشاريع وضياع الأولاد والإصابة بالأمراض وأمّا عقوبة الآخرة فأشدّ وأعظم وهي كما قال الله تعالى:إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا الآية(10) من سورة النّساء. -الرّكيزة الثّانيّة: العقوبة القانونيّة من قِبل القضاء الشَّرعي حيث يرفع المظلوم للقاضي مظلمته ويتحرّى القاضي في الأمر ويحكم لصالح المظلوم ويردع الظالم ويردّه عن غيه رحمة به وشفقة عليه من غضب الله في الدّنيا والآخرة. وعلى المجتمع كلّه أن يتحمّل مسؤولية هذه الجرائم فيساهم في ردع الظّالم بمقاطعته والتّشهير بمعصيته الخبيثة وقبل ذلك تكوين النّاس شرعيّا وأخلاقيّا وتبيّن الحقوق لكلّ واحد وانفصال مال الولد عن مال والده وعلى أسرة القانون أن تتفنّن في إيجاد قوانين تلزم النّاس بتسجيل ممتلكاتهم دون كلفة الضّرائب وتبعاتها ومحاسبتهم بعد ذلك على تلك الممتلكات ومنع التّلاعب بها من قِبل الوالد وأبنائه فتصبح في حكم المال الذي تدفعه صناديق الضّمان ولا يُقسّم إلا بالفريضة التي يستخرجها الورثة من مكاتب التّوثيق وتقسيم الميراث بُعيد موت صاحب المال ورفض كلّ العقود التي أجراها الميت في مرض وفاته كما قرّرت الشّريعة أو تطليق الزّوجة وغيرها لأنّها إجراءات حرمان فيُعاقب بضدّ قصده.