كثيرون يفضلون أن لا يتركوا شيئا بعد وفاتهم هاجس الميراث يهدد استقرار العائلات الجزائرية تفككت العديد من العائلات الجزائرية بسبب قطعة أرض والكثير من العائلات باتت اليوم متفرقة بسبب تناحر بين الإخوة حول تقسيم تركة الأب بعد وفاته وفي عادات الجزائريين يبقى البيت الكبير لجميع الإخوة وخصوصًا البنات المتزوجات فبيت والدهن يظل لهن في النهاية يتجمعون جميعهم فيه بحكم أن بيت والدهن أولى بهن و لكن هذه العادات تغيرت مع مرور الزمن خصوصا بعد أن يموت الوالدان تبدأ حسابات الجمع والطرح والقسمة للميراث وأولها المنزل الكبير الذي يعتبر في عيون الكثيرين مصدر رزق قائم. ق. م ارتفعت في الجزائر ظاهرة بيع مللك الورثة أو ما يعرف في عديد المناطق ب بيع ملك الجدود وقد ترتب عن ذلك مشاكل في العائلات الجزائري حينما تغيب عيون الأم والأب تصعد فكرة بيع الملك وتقاسم الثروة التي غالب ما تفرق بين الأبناء بين عشية وضحاها وينفض الجمع واللمة بعد تقسيم يذهب بيت الأجداد بين أيديهم ويبقى الإخوة أعداء مدى الحياة. اللافت أن منازل الأجداد تباع عادة للغريب وغالبًا ما يرفض الإخوة أن يبقى البيت لشخص واحد منهم أو يتمتع به أحدهم كما كانت العادة أن يكون الابن الأكبر أو الأصغر أو من لديه متاعب مادية لكن تغير الزمن وصار البيت لمن دفع أكثر وما انجرت عن ذلك من مشاكل بالجملة بين الإخوة والورثة وهناك قضايا بين الإخوة ظلت معلقة لأزيد من عقد من الزمن دونما حل لأن الورثة الشرعيين مهاجرون أو رفضوا بيع حصتهم في البيت وهو ما يسبب تفكك العائلة ولا أحد يستفيد من السكن الموجود . أسر تحرم المرأة من الميراث وبالرغم من أن قطاع المواريث في القانون الجزائري مستمد من الشرع الإسلامي إلا أن هناك معضلة أخرى تعرفها عديد الأسر في بعض المناطق الجزائرية وهي حرمانها للمرأة من الميراث في عادات لا تزال راسخة بحكم الأعراف والتقاليد حيث جرت العادة أن لا تطالب المرأة بحقها في الميراث بحجة أنها لا تحتاجه ما دامت في بيت زوجها بل وأكثر من ذلك فإن مطالبتها بالإرث وبحقها فيه يجلب الفضيحة والعار للعائلة ويتم تحييدها عنها إلى درجة أن الميراث مثل حشرة تقوم بتفتيت قطعة قماش وتفسده حيث أفسدت معارك الأسر حول الميراث تماسك العائلات وزعزعت كيانهم وخلقت بينهم عداوات استمرت على مر العقود وفرقت بين الأبناء جميعًا وأن الكثير من الجزائريين صاروا يفضلون أن لا يتركوا شيئًا بعد وفاتهم على حد التعبير الشعبي الجزائري عاش ما كسب مات ما خلى أي أنه في حياته ما كسب شيئًا ولما مات لم يترك شيئًا ليتطاحن عليه خلفاؤه. مراعاة قوة القرابة في التشريع الإسلامي علم الميراث في الشريعة الإسلامية يمتاز بخصائص لا نجد لها نظير في غيرها وأهمها تحصين حقوق الورثة وذلك بأمرين وإجبارية انتقال الميراث وتقيد الوصية بالثلث وبالتالي فان مراعاة قوة القرابة في التشريع الإسلامي وإعطاء كل ذي حق حقه فلا يحرم وارث لضعفه وقلة حيلته كما يحفظ للجنين في الميراث النصيب الأوفر عند القسمة كما يستمد علم الميراث مصادره من القرآن الكريم حيث وردت أحكام المواريث في آيات مختلفة منه قوله تعالى في كتابه الحكيم: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلّ منه أو كثر نصيبا مفروضًا}. ومن السنة النبوية الشريفة ما ورد من أحاديث تناولت أحكام الميراث قوله: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر) وقوله: أيضًا: عن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث وكذلك من اجتهادات الصحابة والإجماع فهذا العلم الجليل حظي بعناية الفقهاء حتى انتهوا به إلى أن أصبح ما عليه من تنسيق وترتيب وضبط وتوضيح. كل أموال الميراث سبب لقطيعة الرحم لا شك في أن انتقاص الحقوق وأخذها بعدما بينها المشرع عز وجل يسبب كرهًا وشحناء في الصدور وقطيعةً في الغالب لأن كل صاحب حق أولى بحقه وخاصةً إذا كانت الأخت أو البنت في حاجة لحقِّها وقد جعله الشرع لها:{ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } فهو مفروض لها من الله ومنعُها منه يسبب العداوة والقطيعة وقاطع الرحم مقطوع من الله عز وجل ومُفسِدٌ في الأرض _ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ. قال صاحب الظلال في تفسير هذه الآيات: وهذا التعبير.فَهَلْ عَسَيْتُمْ يفيد ما هو متوقع من حال المخاطبين ويلوح لهم بالنذير والتحذير احذروا فإنكم منتهون إلى أن تعودوا إلى الجاهلية التي كنتم فيها: تفسدون في الأرض وتقطعون الأرحام كما كان شأنكم قبل الإسلام .