الماضي لا يبشر خيراً.. أين نحن في خريطة الجينات الأولمبية؟ تحليل: خلدون الشيخ أخيراً وبشق الأنفس وبعد تأخير 12 شهراً افتتحت منافسات أولمبياد طوكيو رسمياً بعد مخاض عسير ويتطلع الرياضيون وسط أجواء صامتة لغياب الجماهير لكن مدوية بفعل التكنولوجيا إلى تحقيق آمال وأحلام شعوبهم بالفوز بالميداليات. لن أذهب إلى السؤال التقليدي عن عدد الميداليات العربية المتوقعة في هذه الاولمبياد كون الحصيلة قد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة خصوصاً أن الماضي لا يبشر خيراً بإحراز 22 دولة عربية مجتمعة 108 ميداليات فقط منذ المشاركة الاولى بالألعاب في أولمبياد ستوكهولم 1912 بينها 26 ذهبية و27 فضية و55 برونزية وهي حصيلة تجمعها دولة متوسطة القدرات في دورة ألعاب واحدة أي انها حصيلة متواضعة بل هزيلة جداً ولهذا سيكون السؤال عن سبب عدم القدرة على انتاج الأبطال أو عدم الاهتمام بتنشئة أجيال يكون في استطاعتها المنافسة في الساحة العالمية خصوصا أن هذا يتوقف على أمور ربما لا علاقة لها بالرياضة بما أن هناك الكثير من الأبطال من ذوي الأصول العربية يمثلون دولا أخرى لاقوا فيها الرعاية والتربية والصقل الملائم لمواهبهم لكن الفكرة أن نرسم ملامح ما يمكن أن يبرز فيه رياضيونا لو سنحت لهم فرص متكافئة في ابراز مواهبهم. عندما ندرس الخريطة الرياضية للعالم أو الجينات الأولمبية وأين تذهب الميداليات وفي أي رياضة سنكتشف أننا تائهون في هذا العالم ونفتقد الهوية التي تميزنا عن غيرنا فغالبية الميداليات في سباقات المسافات الطويلة تكون من نصيب عدائين من شرق افريقيا وبالأخص كينيا وأثيوبيا ربما الأمر يتعلق ببيئة المكان وتركيبة البنية الجسدية لساكني هذه البقعة من الأرض والغريب انه حتى لو كان الفائز بسباقات المسافات الطويلة أوروبيا أو أمريكيا فاننا سنجد أن أصله يعود إلى هذه البقعة والأمر ذاته ينطبق على سباقات المسافات القصيرة (100 متر أو 200 متر) وسنجد أن أصولهم من غرب افريقيا في حين يبرع الاوروبيون في ألعاب السباحة والغطس والماء والألعاب الجماعية ومن النادر ان نجد بينهم أبطالا أفارقة. وفي شرق آسيا نجد احتكار شبه كلي لألعاب الخفة والحركات السريعة من تنس الطاولة والريشة الطائرة والاسكواش والجمباز أما غالبية دول وسط آسيا وجنوب أوروبا فانهم يبرعون في الألعاب القتالية من المصارعة والجودو ورفع الأثقال ونجد اللاتينيين يبدعون في كرة القدم والسلة واليد وبعض الالعاب الفردية مثل التنس. لكن السؤال المهم: أين يبرع العرب؟ ما هي رياضتهم المفضلة؟ حتى قبل أولمبياد طوكيو فان أبرز الانجازات في تاريخ مشاركاتنا جاءت من سباقات العدو في المسافات المتوسطة أي ما بين شرق افريقيا (المسافات الطويلة) ومن ذوي الاصول من غرب افريقيا (المسافات القصيرة) فحصلت المغرب على 18 ميدالية والجزائر على 6 من هذه الألعاب فيما حصل البعض على ميداليات في الملاكمة (13 لمصر و6 للجزائر وواحدة للعراق) لكن مع ذلك لا أجد ما هي الرياضة التي تميزنا عن غيرنا الا اذا ذهبنا إلى عمق الخليج العربي وأدركنا ان هناك عشقا للرماية والفروسية وهو بالضبط ما عكسه فوز الامارات بذهبية الرماية في 2004 وأيضاً ذهبية وفضية للكويتيين فهيد الديحاني وعبدالله الرشيدي لكن لم نر فرسان العرب يبرزون على الاطلاق. يجب ان تكون هناك هوية واضحة لرياضيي منطقتنا وان تكون مرتبطة بتاريخها وجذورها قبل ان نعمل على تنميتها وصقلها مع التشجيع على ممارسة رياضات أخرى تتلاءم مع قدراتنا ضمن جدول زمني محدد يكون هدفه أولمبياد ما بعد 8 أو 12 سنة على الأقل تكون ميداليتهم أكثر فخراً ورونقا وهم يرددون النشيد الوطني بدل الابتسام بحمل العلم العربي وعقولهم وقلوبهم في كينيا وأثيوبيا. في أولمبياد طوكيو ربما لا نعرف الكثير من الأسماء ولا الوجوه ولا الأبطال المتنافسين على عكس نجوم كرة القدم لكن نميل بسهولة لتشجيع هذا وذاك وربما الذي نشجعه هو أعلام الدول فقبل بداية أي منافسة في أي رياضة كانت نستطلع أشكال الاعلام وألوانها فنختار أولاً العلم العربي كي نشجع هذا الرياضي ونحمسه للفوز في المسابقة وان لم يوجد أي علم عربي مثلما الحال في الكثير من الألعاب فتمسح عينانا الاعلام بسرعة البرق لتختار علم دولة مسلمة لنشجع رياضييها وان شككنا في الامر ولم نجد علماً لدولة مسلمة فسنختار علم دولة صديقة أو محبة للعرب والمسلمين لنغوص في الاستمتاع في المسابقة ان كانت رفع أثقال أو سباحة أو رماية أو ملاكمة ساعة بعد ساعة لكن أتمنى من القارئ ألا يقع في فخ وقعت فيه منذ سنوات في احدى الدورات الاولمبية عندما احترت في اختيار أعلام الدول كي أؤيد رياضييها فعندما اخترت علم دولة قطر في مسابقة رفع الاثقال وجدت ان الرياضي هو بلغاري الاصل وعندما أيضاً اخترت العلم ذاته في سباق 1500 متر وجدت المتسابق لا يتحدث العربية لأنه كيني ففضلت البحث عن الأسماء العربية للمتسابقين بدل الأعلام كي أضمن تشجيع عربي لكنني عندما فعلت واخترت اسماً عربياً في سباق 800 متر وجدته يمثل فرنسا!