أجمعت أغلب الروايات والقراءات المتتبعة لحادثة مقتل المدير العام للأمن الوطني، العقيد علي تونسي، يوم الخميس بمكتبه بالعاصمة على يد أحد مساعديه، العقيد ولطاش شعيب، المكلف بوحدة الطيران بالأمن الوطني، أن ما حدث له علاقة بالفساد في قطاع الشرطة، خاصة وأن القاتل تم تداول اسمه في تحقيقات الفساد التي تقوم بها المديرية العامة للأمن الوطني، استمرارا لعملية التطهير التي باشرها المرحوم العقيد علي تونسي منذ توليه مهامه على رأس المديرية، وهذا في انتظار نتائج التحقيق القضائي. ويرى المتتبعون لحملة مكافحة الفساد في البلاد، التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وتقودها مختلف مصالح الأمن، والعزم الكبير الذي أبداه المدير العام للأمن الوطني العقيد علي تونسي في مباشرة تطهير جهازه من مختلف أشكال الظاهرة منذ مدة، قد تكون أحد الأسباب التي أدت بالعقيد ولطاش شعيب إلى استعمال السلاح ضد مديره، بعد أن أصبح في قائمة المقالين من مناصبهم بسبب احتمال تورطه في واحدة من الملفات التي يجري التحقيق فيها. ويعترف المسؤولون في مختلف المناصب بالصرامة التي التزم بها العقيد علي تونسي منذ تعيينه على رأس جهاز الشرطة، خاصة في مجال تطهير القطاع من كل ممارسات التعسف والتعدي على القانون، وحتى في سنوات العشرية السوداء، لم ينقطع عن معالجة مظاهر الفساد مهما كان شكلها، لا لشيء سوى لوضع الجهاز في المكان المنوط به من حيث التسيير الاحترافي. وكان علي تونسي قد استلم مهامه في ذروة تعفن الجو السياسي والأمني في البلاد، واشتغل مع أربعة وزراء للداخلية. وقد واجه الراحل علي تونسي أثناء وجوده على رأس جهاز الأمن الوطني بعض المتاعب بعد أن قام بعزل ونقل العديد من كبار ضباط الاستعلامات العامة وتطهير جهاز الشرطة من العناصر غير المنضبطة بسبب التقصير والإهمال وتجاوز الصلاحيات واستغلال النفوذ وإحالتهم على العدالة إلى غاية الحصول على البراءة أو تأكيد الإدانة.