حطم حبوش يوسف طابو المثلية الجنسية في عرضه” طيحة ونوضة” الذي افتتح باب المنافسة في الطبعة 47 من مهرجان مسرح الهواة الذي تحتضنه مستغانم إلى غاية نهاية الشهر الجاري، حيث اتخذ المخرج القادم من فوكة بولاية تيبازة نص ”التمرين” للراحل أمحمد بن ڤطاف عتبة لطرح العديد من المشاكل التي يعاني منها الشاب والفنان خاصة. اعترف حمو حبوش أنه لم يعتمد على أي نص لطرح نظرته للمشاكل التي يعيشها الشاب الجزائري، فالعرض الذي قدمه على خشبة دار الثقافة ولد عبد الرحمان كاكي بمستغانم، هو حصيلة ورشة وتجربة ثلاث سنوات من علاقة حب نسجها هؤلاء الشبان مع المسرح. العرض الذي وقعه كل من بلبراهم نذير، حبوش صالح، الطاهري خالد، وبوترفاس عبد الرحيم، يروي قصة طموح شباين بسيطين أحدهما رسام والآخر عازف ڤمبري، وسط الإحباطات اليومية للحياة يصطدم الفنان بسلسلة عراقيل تعيقه عن تحقيق أحلامه. الحرڤة، المخدرات والكحول والنفاق الاجتماعي والإقصاء والتهميش.. كلها مشاكل طرحتها ”طيحة ونوضة” في سلسلة لوحات كاريكاتورية اعتمد فيها المخرج ”المسرح داخل المسرح”، وكأن الحياة نفسها مسرح كبير الكل يؤدي فيها دورا قد يتقنه وقد يكون تواجده في واجهة العرض محض مصادفة فقط. اللوحات المسرحية حملت رؤية المخرج يوسف حبوش وهواجسه كشاب جزائر، وقد اعترف في الندوة الصحفية التي عقدت على هامش العرض أن ”قلبه كان معمر” وكان يبحث عن طريقة لقول كل شيء في هذا العرض.”طيحة ونوضة” حمل تناقضات المجتمع وهواجسه وتناقضاته، وحتى اللغة المستخدمة كانت لغة شعبية شبابية تتماشى تماما مع هواجس وإحباطات الشباب. وقد استند المخرج على المثلية الجنسية كإطار لقول هذه التناقضات الاجتماعية التي تواجه ليس الشاب فقط لكن كل الجزائريين، ومعها نقل الصورة الكاريكاتورية للشخوص والنماذج الاجتماعية في لوحات مسرحية مختلفة بين السياسي والاجتماعي. وكانت أبرز لوحة في العرض تفاعل معها الجمهور هي اللوحة التي تصور السكير وقد صار سلطانا يحكم وهو يمتطي ظهر الشعب وهو لا يكاد يفارق زجاجة الخمر ووزيره مثلي. في هذه اللوحة بين المخرج كيف ينتقل النفاق السياسي بين السلطة والمعارضة من سلطان يبذل المال في ”البالون والجواري والسندويش” لضمان سكوت الشعب وبين مستشارين قلقين على”الحروب والحفلات” إشارة إلى أوجه إنفاق المال ومعارضة لا يهمها إلا الكرسي فقط. الدين أيضا - في نظره - أضحى غطاء للنفاق وتحقيق المآرب، فنموج الشيخ الموظف الذي يختبئ خلف السبحة للوصول إلى أغراضه، وهذا بنفس الدرجة التي يتواطؤ فيها موظف البلدية في بيع المخدرات. العرض غني بنماذج اجتماعية وتأويلات سياسية تعكس ارتباط الفن الرابع بالنقد اللاذع للسلطة ورموزها، في لغة هزلية فكاهية وساخرة قد يكون ظاهرها الضحك للهروب من مشاكل الواقع لكنه الضحك الذي يثير التذمر والاستنكار.