تعد غابة السعيدية الواقعة ببلدية بوهارون شرق عاصمة الولاية من أهم الفضاءات الخضراء التي أهدت للناظر صور طبيعية أسرت قلوب كل من زارها، رغم افتقادها للمرافق والترفيه، غير أن جمال أشجار الصنوبر والزيتون وظلالها الملقى على البحر جعلها جنة في الأرض، فضلا عن كونها ملتقى لهواة الكرة الحديدية لضمها أكبر المسابقات، ما دفع بالقائمين على القطاع إلى التفكير في جعلها ضمن المحميات الطبيعية المعترف بها في الجزائر. تصنف ولاية تيبازة واحدة من الأقطاب السياحية التي تجذب أكثر من مليوني سائح سنويا، وذلك لسحر الطبيعة العذراء التي تتمتع بها، ناهيك عن شواطئها التي تصنف من أجمل الشواطئ باحتوائها على أزيد من 100شاطئ مسموح، بالإضافة المجمعات السياحية التي أضافت للمنطقة حسنا وجمالا. وغابة السعيدية الواقعة ببلدية بوهارون والتي تبعد عن عاصمة الولاية ب10كلم واحدة من أهم الأماكن التي استطاعت بفضل جمالها الرباني أن تخطف الأضواء دونا عن باقي المناطق الأخرى لامتزاج حسنها بزرقة مياه البحر وسحر الطبيعة العذراء التي تحوي أشجار الزيتون والصنوبر، أين حطت ”الفجر” رحالها في منطقة السعيدية، الفاتحة ذراعيها على بعد 60كلم عن عاصمة البلاد. زيارتنا لهذه المحمية التي لم تصنف إلى حد اليوم بصفة رسمية، ضمن المحميات الطبيعية لم تأت من وحي الصدفة، بل لعلمنا المسبق بحكم احتكاكنا وقربنا منها بأنها ملاذ طبيعي للاسترخاء بعيدا عن الضجيج، أين الغابة الكثيفة الأشجار والنخيل المطلة على حافة الطريق الوطني رقم 11، الرابط بين مدينة بوسماعيل وتيبازة، والتي تجلب العديد من العائلات لقضاء أيام العطلة، تحت ظل الأشجار لاستنشاق الهواء النقي. وتقابل هذه الغابة أمواج البحر التي تبعث على الهدوء والطمأنينة، فهي فضاء للراحة والاستجمام بأتم معنى الكلمة، تقضي فيه العائلات أجمل الأوقات رفقة أبنائها بحثا عن الترفيه وخلق نوع من الحيوية التي ترسم الفرحة في وجوه الأطفال، لتوفر ظروف اللعب والاستمتاع بالغابة، بعيدا عن متاعب الحياة اليومية، لتتمكن من اعتلاء عرش السياحة بولاية تيبازة في فترة زمنية وجيزة، رغم توفر المدينة على مرافق ومراكب سياحية أخرى. ”البايلا” وشواء السمك..تطبع حلتها الربيعية تستقبل غابة السعيدية ضيوفها المتوافدين من داخل وخارج الوطن، في حلة ربيعية طبعتها الأكلات الشعبية المعروفة بالمنطقة، على غرار شواء أنواع السمك و”البايلا”، حيث تتميز بسحر جمالها الطبيعي المطل على ضفة البحر المتوسط وسط غابة كثيفة الأشجار، حيث يتوافد على هذه الغابة عدد هائل من العائلات، فأينما وجهت نظرك رأيت العائلات ملتفة على فراشها المنصوب فوق الحشيش وبجانبها موائد خشبية، حيث تحضر معها آلات الشواء وتتخذ من الحطب وسيلة لإشعال النار لشواء السمك أو النقانق أوما طاب لها، وخير دليل على ذلك دخان المشاوي الذي يفوح في كل مكان. ناهيك الأكشاك الموجودة في مكان لبيع الحلويات والمعجنات التقليدية التي تعد من أشهر الأطباق الجزائرية كالبغرير، الخفاف، والمعارك والمسمن كما يطلق عليه البعض، كما أننا لم نفوت الفرصة للحديث مع بائعي المكسرات والشاي، وكذا شواء الذرة، التي تسيل اللعاب وتجعل المرء لا يقاوم الرغبة في تذوقه، خاصة وأنهم يعتمدون على خشب الزيتون وأوراق الصنوبر المعروفة بفوائدها الصحية والمفيدة لعلاج الكثير من الأمراض، ليؤكد لنا أسامة بائع الذرة أنه يبيع كميات هائلة منه، حيث يقوم بشوائها مباشرة أمام الزبون، مع ترك الحرية للزبون في كيفية طهيها، وكذا إضافة مقدار الملح الذي يريد. ولسبر آراء بعض الزوار المتوافدين إليها تحدثنا مع إحدى العائلات القادمة من ولاية البليدة، التي أبدت لنا إعجابها الشديد بجمال المنطقة وكذا الهدوء والنسيم المنعش المنبعث من أشجار الصنوبر ورائحة البحر، معربة عن ارتياحها في هذا المكان التي يقصدونه مع نهاية كل أسبوع للتمتع بجمال الطبيعة. وعلى بضع خطوات اقتربنا من بائع الشاي، وسألناه عن مدى إقبال الناس عليه، فأجاب هذا الأخير ”بأن العائلات تقبل عليه كثيرا، خاصة في أيام العطل، فقد تحولت هذه المدينة إلى وجهة سياحية وقبلة للمولعين بجمال الطبيعة العذراء لدرجة أنها أخذت المشعل من باقي المناطق الساحلية الأخرى”. ..ملتقى هواة الكرة الحديدية بإمتياز وبعيدا عن جو الطبيعة والاستجمام فغابة السعيدية تستقطب العشرات من هواة الكرة الحديدية أو ”ليبول” كما يطلق عليها بالعامية من كل حدب وصوب، بعدما أصبحت مكانا لإقامة المسابقات المحلية عبر 48ولاية والتي تنتهي بتتويج إحدى الفرق بكؤوس محلية، حيث تعرف الكرة الحديدية إقبالا من طرف اللاعبين وحتى المتفرجين الذي يصطفون بالقرب من الطريق الوطني الذي يربطها بعاصمة الولاية تيبازة، الأمر الذي جعلها تضاهي المدن الكبرى بازدحام الطرقات، فالوالج إليها في العطل ونهاية الأسبوع يضطر إلى الانتظار ساعات للمرور بها في جو من المرح والجمال الذي يهون عليه صبر التريث وكميات الوقود المستهلكة، اقتربنا من علي واحد من أشهر أبناء المنطقة والذي حاز على العديد من الكؤوس المحلية، الذي أخبرنا بأن هذه الرياضة تعد واحدة من الموروث اللامادي التي تتميز به، أين تقام أهم المسابقات الدورية والسنوية في هذا الخصوص. السعيدية ..محمية طبيعية مع وقف التنفيذ لاتزال تعاني غابة السعيدية تهميشا من طرف القائمين على القطاع، رغم جمالها الذي جعلها فوق أنف الجميع، حيث شكلت بعض المناطق السياحية محور نقاش في العديد من المداخلات واللقاءات للوقوف على بعض النقاط السوداء وكذا الأماكن التي تستحق أن تصنف، ضمن المحميات المعترف بها في الجزائر، وغابة السعيدية واحدة من الاقطاب التي روهن عليها مؤخرا لدعم الاقتصاد الوطني في ظل سياسة التقشف التي تتخبط بها البلاد. في هذا السياق، قال عمر خابر رئيس المحافظة الوطنية للساحل أنه يمكن لسياحة المحميات الطبيعية المرتكزة على وعي السائح أن تدعم الاقتصاد الوطني وذلك من خلال التركيز على بعض الأماكن والاستثمار فيها، داعيا إلى وجوب تطوير برامج اقتصادية واجتماعية لمرافقة عملية تطوير سياحة المحميات، مع العمل على رفع مستوى الوعي لدى السائح الزائر لهذه الفضاءات الطبيعية.