لم تثن الإعاقة الحركية، التي يعاني منها الشاب زكي بولعظام من مدينة ميلة، عن الوصول إلى هدفه على الصعيد الدراسي والتخرج من الجامعة، رغم صعوبة وضعيته الحركية كونه لا يفارق الكرسي المتحرك أبدا. ويخفي زكي صاحب ال24 ربيعا خلف هدوئه وملامحه البريئة، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة (3 ديسمبر)، ثورة من الإصرار والإرادة لإثبات أنه من أصحاب القدرات الخاصة وليس الاحتياجات الخاصة، فاستثمر هذا الشاب، كما صرح به، بركان التحدي الكامن بداخله منذ وعيه بإعاقته التي منعته من المشي على قدميه، واستغله في الدراسة حيث قال: صحيح أنني لم أكن متفوقا فيها من حيث النتائج، إلا أنني لم أضيع أي عام دراسي رغم وضعي الخاص . ومما زاد من إصرار زكي سعيه لإدخال الفرحة والسرور على قلبي والديه نظير ما قدماه ويقدمانه له منذ ولادته إلى اليوم، لأنهما كانا العون والسند والحافز لمواصلته الدراسة إلى غاية التخرج، حيث أنهما بمعية إخوته الثلاثة كانوا وهم دائما بالنسبة له، كما قال، الأسرة والأصدقاء في نفس الوقت. ويرى زكي، المتخرج هذا العام من المركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف بميلة بعد تحصله على شهادة الماستر (تخصص إدارة ومالية)، أن ما حققه على الصعيد الدراسي ثمرة جهد عائلته معه بالدرجة الأولى قبل مجهوده الخاص. ومما ساهم في دفع هذا الشاب صاحب الحالة الخاصة إلى صعود درج الدراسة من المرحلة الابتدائية إلى الجامعي زملاءه وأساتذته الذين عرفهم عبر مشاوره الدراسي والذين جعلوا منه مدللهم، كما قال، فلم يحس بالفرق بينه وبين أقرانه الذين كانوا معه حتى خارج أوقات الدراسة أيضا. وقد جعل هذا الاهتمام والالتفاف زكي يتناسى إعاقته ولا يفكر إلا في إثبات نفسه وإنهاء تعليمه. ولقد أحس هذا الشاب في حفل التخرج من الجامعة بأنه نجم الحفل بامتياز، بعدما وقف له جميع الحضور وحيوه بحرارة شديدة، فكان بما حققه في دراسته من ذوي القدرات الخاصة وليس الاحتياجات الخاصة، حسب قوله. أما اليوم، يسعى زكي للظفر بمنصب عمل يتماشى واختصاصه الذي يحبه كثيرا، ليثبت نفسه في مرحلة جديدة من حياته بعد تخطيه لمرحلة الدراسة. ومن جانب الأسرة، يقول والده عبد المجيد أن هذا الشاب المتوج بشهادة ماستر هذا العام توج أيضا بحب من حوله واهتمامهم به، ناهيك عن الاحترام الذي يحظى به من قبل الكثيرين، وهو، كما أضاف، جدير به لأنه لم يكن ولدا متعبا، بل كان خلوقا وصبورا ومطيعا وطموحا فاستطاع بذلك كسب رهان التحصيل العلمي وهو على كرسيه المتحرك الذي لا يبارحه.