يتوجه نحو 56,4 مليون إيراني يوم الجمعة إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد من بين أربعة مرشحين وافق مجلس صيانة الدستور على ترشحهم وهم حسن روحاني وابراهيم رئيسي ومصطفى هاشمي طابا ومصطفى أغا مير سليم لولاية تمتد لأربع سنوات. وكانت الحملة الانتخابية التي استمرت على مدى شهر انتهت أمس الاربعاء حيث عقد المرشحون آخر تجمعاتهم الانتخابية في مدينة مشهد بحضور عشرات الآلاف من المؤيدين مركزين على ملف الاقتصاد. واعتبار من يوم أمس يمنع على المرشحين القيام بأي أنشطة دعائية مباشرة أو عبر وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أو أن تنشر أي معلومات من شأنها ان تؤثر على نتائج الانتخابات. وإتسمت المناظرة الأخيرة التي جرت بين المتنافسين بتوجيه انتقادات حادة للرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني من قبل منافسيه المتشددين بسبب ما وصفوه ب"فشله" في إنعاش الاقتصاد خاصة بعد الاتفاق النووي الذي وقعته إدارته مع القوى الكبرى, رغم إدراكهم جيدا أن فترة رئاسته كانت صعبة, إلا أن فشله في خفض معدلات البطالة وتحسين الاقتصاد جعله موضع انتقاد. وحسب الدستور الايراني سيفوز بالانتخابات الرئاسية في دورتها ال12 المرشح الذي سيحصل على أكثر من 50 بالمائة من مجموع الاصوات المعبر عنها في الجولة الاولى وإن لم يحصل أي مرشح على هذه النسبة فسيتم تنظيم جولة الاعادة في 26 مايو الجاري بين مرشحين اثنين حاصلين على أكثر الأصوات. كما أظهرت استطلاعات للرأي العام من جهة أخرى أن ثلثي مواطني ايران ينوون المشاركة في عملية التصويت. "رهانات حاسمة" في انتظار المرشحين تبدو نتيجة الانتخابات في ظاهرها محسومة, فمع بدء الصمت الإنتخابي أعلن كل من إسحاق جهانجيري ومحمد باقر قاليباف الانسحاب من السباق الرئاسي, كما أعلن مصطفى مير المقيد رهن الإقامة الجبرية منذ عام 2011 عزمه التصويت لصالح روحاني, إلا إن حسابات الوضع القائم على الأرض تؤكد أن هناك منافسة حقيقية بين الإصلاحي حسن روحاني والمرشح المحافظ إبراهيم رئيسي القاضي السابق في لجان الإعدام. وينظر المراقبون إلى أن روحاني - الذي انتخب رئيسا لإيران في عام 2013 بأغلبية كاسحة - يخوض "معركة وجود ومصير" بصورة تفوق كل التوقعات أمام منافس شرس وعنيد يحظى بأكبر غطاء ديني متمثلا في المرشد الأعلى للدولة الأمر الذي قد يحطم آمال روحاني في تجديد ولايته لفترة تالية, ومن ثم الحفاظ على مكتسبات الاتفاق النووي التاريخي الموقع في (2015), الذي قد يتحطم على صخرة فوز منافسة إبراهيم رئيسي الطامح إلى استرداد السلطة من الإصلاحيين, خاصة بعد رفض ترشح الرئيس السابق أحمدي نجاد بأوامر من المرشد الأعلى أية الله على خامنئي. وحسب تقارير اعلامية لا تحمل المؤشرات الأولية تفاؤلا لترجيح كفة روحاني والإصلاحيين إذا ما قورنت بكفة مرشح المحافظين رئيسي المعتمد على مساندة ودعم المرشد بما تتضمنه من تأثير نوعي, وتهافته على استقطاب أصوات أهل السنة وحشدها في صفه للإطاحة بالرئيس روحاني المكتفي بالرهان على إنجازه النووي ومحاولاته المجتهدة لكسر الحصار الاقتصادي الدولي. ويعد النظام الإيراني "شكلا غير معتاد" لأنظمة الحكم, فرئيس الجمهورية ليس الرجل الأول, ولا هو رأس السلطة, الأمر الذي جعل المراقبون يؤكدون أن نتائج الانتخابات "لن تغير من الأمر كثيرا لأن الرئيس يملك فقط هامش تحرك والسلطة الأساسية والقرارات الكبرى تقع في يد المرشد الأعلى للجمهورية". ويرأس رئيس الجمهورية - بحكم الدستور في إيران - السلطة التنفيذية, وينتخب لمدة أربع سنوات, ولا يجوز إعادة انتخابه لأكثر من دورتين متتاليتين, ولكن يمكن أن يترشح من جديد بعد مرور فترة واحدة بعد الفترتين, والسلطة التنفيذية والمؤسسات التشريعية والقضائية لها دور مؤسساتي فقط في اتخاذ القرار, إلا أن القرار الاستراتيجي يصدر بإشراف المرشد الأعلى هناك, حيث يتمركز قلب النظام السياسي الإيراني حول مفهوم "ولاية الفقيه", الذي يمثله المرشد الأعلى. وتنص المادة 57 من الدستور الإيراني على أن السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية يشرف عليها المرشد والإمام المختص بهم حاليا هو على خامنئي , كما ينص الدستور المعدل لعام 1989, على أن صلاحيات رئيس الجمهورية هي توقيع المعاهدات والاتفاقيات, كما يعنى المرشد بمباشرة بعض أعمال السلطة التنفيذية خاصة ما يتعلق بالقيادة العليا للدولة, والعمل على تنفيذ مواد الدستور, ومباشرة أمور التخطيط والميزانية والشؤون الإدارية والتوظيفية للبلاد بشكل مباشر أو عن طريق شخص أخر.