لا يزال الاحتفال برأس السنة الأمازيغية (12 يناير الذي أقره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يوما وطنيا) لدى عديد سكان منطقة سوق أهراس تقليدا راسخا مرتبطا بالطبيعة وبالموسم الفلاحي. و تعبر هذه المناسبة أيضا عن مدى ارتباط الإنسان الأمازيغي القديم بأرضه من خلال ممارسة بعض التعبيرات التي يرجى منها إبعاد شبح الجوع والتماس أسباب الخير والسعادة. وأوضح في هذا السياق الأستاذ جلال خشاب باحث في التراث الشعبي بجامعة "محمد الشريف مساعدية" ل/وأج بأن سوق أهراس تبقى محافظة على إرثها الأمازيغي من خلال تسمية مدنها مثل تاورة (تاغورة) وتارقالت (تاروقالت)، إضافة إلى حضور بعض التعابير الأمازيغية في الخطاب اليومي. وفضلا عن ذلك يعمد الرجل والمرأة إلى قطع بعض الأعشاب ليجمعهما في شكل إكليل دائري بالنظر إلى ميزة الدائرة الدالة على التفاؤل والخير الوفير ويحتفظ بها إلى غاية مارس حيث تحرق وتستبدل بما سيزود به العام الجديد. ومن العادات الخاصة بإحياء يناير بهذه الولاية أيضا أن تعمد النسوة إلى إنجاز أواني فخارية جديدة تبركا بالعام الجديد والمتمثلة في قدر العائلة (البرمة) والطاجين. ممارسات تدعو إلى توثيق روابط الصلة وإذابة الخلافات... وبالموازاة مع ذلك يهتم الرجل بالذبح ويفضل في ذلك التيس لسواده وكذلك الديك إبعادا لكل أذى متمثل في التقلبات الجوية الخطيرة التي قد تتسبب في إتلاف محصوله الفلاحي الذي يعتبر مورد رزقه الوحيد ثم يكون الاجتماع في بيت الجد أو ما يعرف ب"برج العائلة" حسب الأستاذ خشاب مؤكدا بأن جميع هذه الممارسات تدعو إلى توثيق روابط الصلة فيما بين أفراد الأسرة والمجتمع ككل وإلى إذابة كل الخلافات وبعث نبض جديد في العلاقات الاجتماعية والاهتمام بوضع الفقير الذي يتضح في مثل هذا الفصل. وأضاف ذات الباحث أن هناك من يبني تفاؤله انطلاقا من فنجان قهوة وما يحتويه من فقاقيع تطلعا إلى كسب مادي في الأفق مشيرا إلى أن هذه الممارسات تمتد إلى إعداد أطباق مميزة لا تخرج عن العجائن مثل الكسكسي فضلا عما توفر من حلويات تبركا بذوقها وبعام كله خير ورفاه. واعتبر الأستاذ خشاب أن ترسيم يوم 12 يناير من كل سنة كعيد وطني ،يمثل انطلاقة مهمة للتعامل مع الموروث الشعبي الجزائري من منظور بحثي ينطلق من الجمع والترتيب وينتهي إلى الدراسة الكاشفة عن ارتباطه بالعنصر الإبداعي وبالهوية.