شان-2024/ودي: المنتخب الجزائري للمحليين يفوز أمام رواندا (2-0)    الاقتصاد الجزائري بخير.. والقدرة الشرائية تتحسن    رافعات من الجيل الجديد تؤسّس لموانئ"ذكية" بالجزائر    آخر الروتوشات لانطلاق امتحان البكالوريا    إجراءات جديدة لإصدار تأشيرات العمرة الموسم القادم    الجزائر تتوّج بالجائزة الذهبية "اليتيم"    "حماس" تدين جريمة الاحتلال بحق سفينة "مادلين"    المديرية العامة للحماية المدنية تطلق مسابقة توظيف    مجلس الأمة يهنّئ بالجائزة الذهبية "لبيتم"    كنت مستعدا لكسر ساقي من أجل البرتغال    إجماع على استقدام جمال بن شاذلي    خطوة أخرى لتعزيز التنمية بقرى وادي الأبطال    رفع ألفي طن من النفايات    جمع 27 ألف "هيدورة"    "التطور الحضاري لمدينة تلمسان" محور يوم دراسي    عوالم من نور تتجاوز الملموس البائس    تتويج سيليا العاطب سفيرةً للثقافة الإفريقية 2025    مناقشة مشروعي القانونين المتعلقين بمحكمة التنازع والوقاية من المخدرات    12 جوان.. آخر أجل لتفعيل حسابات المكتتبين في "عدل3"    مبادرة حسنة من الحجّاج الجزائريين    برنامج "عدل 3" : ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    السيد مراد ينوه بتجند مستخدمي الجماعات المحلية خلال أيام عيد الأضحى المبارك    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن : العمليات الانتقالية السياسية السلمية في وسط إفريقيا تمثل "تقدما لافتا" باتجاه المصالحة    مصطفى حيداوي : تقدم ملموس في إعداد المخطط الوطني للشباب وإستراتيجية قطاع الشباب    أشاد بمجهودات أعوان الرقابة.. زيتوني ينوه بحس المسؤولية الذي تحلى به التجار خلال أيام العيد    توقيف 3 مجرمين وحجز قرابة 5ر1 مليون قرص مهلوس بباتنة    عودة أول فوج للحجاج الجزائريين غدا الثلاثاء الى أرض الوطن بعد أداء المناسك في ظروف تنظيمية محكمة    ألعاب القوى/ الملتقى الدولي بإيطاليا: العداء الجزائري سريش عمار يتوج ببرونزية سباق 1500 م    عيد الأضحى: احتفال في أجواء من البهجة والتضامن والتآزر    الملتقى الدولي بموسكو: نسرين عابد تحطم الرقم القياسي الوطني لسباق 800 م لفئة اقل من 20 سنة    "قافلة الصمود" : قرابة 1700 مشارك ينطلقون من تونس لكسر الحصار الصهيوني على قطاع غزة    وهران : الطبعة الأولى لمعرض الجزائر للسكك الحديدية بدءا من الأربعاء    معركة سيدي عبد الرحمان بالشلف : بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    جامعة فرحات عباس بسطيف: 3 باحثين يتحصلون على براءة اختراع في مجال قياس الجرعات الإشعاعية    تنظيم الطبعة الرابعة لصالون الصيدلة "ألفارما" من 26 إلى 28 يونيو بعنابة    وزير الثقافة زهيرَ بللُّو يهنئ الفنانين في يومهم الوطني    حث على تعزيز أداء الخدمة العمومية عبر كامل التراب الوطني    هلاك 9 أشخاص في حوادث المرور    غزة : استشهاد 11 فلسطينيا وإصابة العشرات    الفريق أول شنقريحة يترأس مراسم حفل تقديم التهاني    عملية جمع جلود الأضاحي لسنة 2025 تشهد تقدما ملموسا    الصحفي عبد الرحمن مخلف في ذمة الله    خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    متابعة 50 مشروعا كبيرا لضمان نجاعة الإنفاق    ناصري: كل عام وأنتم بخير    إيمان خليف تغيب عن بطولة العالم للملاكمة    بن جامع يدعو لإسقاط درع الحصانة عن الكيان الصهيوني    أعياد ودماء وخبز    شخصيات سياسية تدعو روتايو إلى الاستقالة    المغير: لمياء بريك كاتبة تتطلع إلى الارتقاء بأدب الطفل    تشييع جثمان المجاهد المرحوم مصطفى بودينة بمقبرة العالية    "وهران : اختتام الطبعة ال11 لمهرجان "القراءة في احتفال    الخضر يبحثون عن التأكيد    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية الجديدة (ينار) بمنطقة الأوراس
نشر في النصر يوم 11 - 01 - 2014

زاوجة بين الطقوس التاريخية والأسطورية ودعوة إلى النهوض بالثقافة الأمازيغية
تحتفل مختلف قرى ومدن منطقة الأوراس وباقي ولايات القطر الجزائري بحلول رأس السنة الأمازيغية بكثير من الأنشطة الثقافية والفلكلورية المتنوعة، وعلاوة على القيام بمعارض للصور والألبسة التقليدية وبرمجة محاضرات للتعريف بالموروث التاريخي والثقافي للحضارة الأمازيغية على مستوى الوطن،
فإن العديد من المتتبعين والمهتمين يرفضون أن تصنف هذه الاحتفالات في خانة "المناسباتية" طالبين من الجهات الوصية التحرك لتسهيل مهمة الباحثين وتوفير الإمكانات المناسبة للغوص في عمق اللغة الأمازيغية التي تعكس عمق الشخصية الجزائرية الضارب في التاريخ الإنساني وتحمل في نظرهم الكثير من الدلالات مع إلزامية الاهتمام بالتراث الأمازيغي الذي حسبهم لازال لم ينل حقه من الاهتمام والمتابعة ناهيك عن المطالبة بجعل رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا يتم ترسميه على غرار بقية الأعياد والمناسبات التي أقرتها الدولة، في هذا الملف نقف على العديد من الآراء لباحثين وأساتذة ومهتمين بالثقافة الأمازيغية من الناحية اللغوية والتراثية وعديد المسائل التي تصب في هذا الجانب.
صالح سعودي
خديجة ساعد (باحثة في اللغة الأمازيغية)
"ينّار ... جذور لغوية ودلالات تاريخية"
بدأت السنة الأمازيغية كسنة فلاحية بالدرجة الأولى ولا زالت تمارس الطقوس الخاصة بالفلاحة في اليوم الأول كقلب الحجارة من طرف النساء وهو ما يوضح كمية الرطوبة في الجو من خلال تكاثر الحشرات والعكس في حال الجفاف، بحيث تكون الأرض خالية من كل شيء، التبرك بالحشيش الذي يوضع على مداخل البيوت، ونثر القمح المطبوخ في البساتين كله يعتبر تقربا من الطبيعة لتكون أكثر خصوبة وعطاء وسخاء وكل هذا يصادف الثالث عشر جانفي "yennar aqdim، وهناك تسمية أخرى في الأوراس وهي"bu ini" ، وإيني هو حجر من أحجار الأثافي التي تنصب عليها القدر، وقد ارتبطت بيناير لأنها تبدل في اليوم الأول منه، فالعام الجديد يستقبل بتجديد الحياة ككل وفيه تطلى البيوت بالجير ، وتغير الأواني وتتزين النساء ويتأنقن ، ولأن للنار قدسيتها وجبروتها في كل الثقافات القديمة ، فإن المرأة تعمد إلى تغيير أحجار القدر " إنين : الأثافي " وتسكب السمن على الحجار الجديدة تفاؤلا بالخير القادم. اما في بعض المدن الساحلية يسمى "draz وهي كلمة تعني العيد من الفعل iderrezأي أعاد وكرر و"aderriz" هو العرس والعيد عموما، حين نتوغل قليلا في المدلولات اللغوية لبعض المناطق خاصة " تكوت" ومنطقة "إغزر أملال " وإغزر ن تاقة " فنجد أن اليوم الرابع عشر لا يقل أهمية عن يوم الاحتفال الرسمي ويتضح ذلك من التسميات العديدة التي تطلق عليه مثل : mezleɤ أو «ass n ferɛun» أوyennar ajdiđ" " وكل هذه الدلالات تشير إلى الحدث المرتبط بتتويج شيشنق كملك على مصر سنة 950 ق م، كما تشير إلى ذلك الكتابات التاريخية القديمة ، والدليل لا زال في الأوراس أكثر من غيره وهو ما يبرز بصدق الجذور الحقيقية لهذا الاحتفال وصحة الحدث التاريخي المرتبط بهذه المناسبةmezleɤ. تطلق هذه التسمية على يوم الرابع عشر من جانفي وهو نفسه ass n ferɛun» أس ن فرعون " ولهذه التسميات جذورها في اللغة الأمازيغية بصفة عامة : tazellaxtتغْرير yezleɤ غرَّر، أفلت بالفرصة yessezleɤ خلّصه، أطْلق سراحه : tazelɤa ميدالية، وسام ،جرأة وبعيدا عن العاطفة ومن خلال معاني الألفاظ فإن الباب يبقى مفتوحا على احتمالين: معنى التغرير والمكيدة قد يشير إلى انقلاب عسكري واستيلاء على السلطة، باعتبار شيشنق قائدا عسكريا مرموقا في الجيش المصري في عهد بستيموس الثاني وليس رمسيس كما يقول البعض. المعنى الثاني هو الميدالية والوسام والجرأة وتشير إلى تتويج وانتصار حربي مستحق .. مهما كانت الوقائع التاريخية فهناك شيء ثابت لا يمكن إنكاره، وهو ارتباط شيشنق بأرضه الأم وتفاعل شعبه مع انتصاراته في كل مكان، لأن السيطرة على ملك الفراعنة، وغزو المشرق بذلك الدهاء والحنكة كان حدثا كبيرا هز العالم القديم، وتناقلته الأجيال لمدة طويلة رغم أن شيشنق وعائلته حكموا باسم مصر الفرعونية، إلا أنهم حافظوا على عاداتهم الأمازيغية من خلال لباسهم وتسريحات الشعر التي تميز صورهم المنقوشة على الأعمدة والمسلات إلى يومنا هذا، وهذا ما خلد انتصارهم ليبقى هذا الاحتفال في الموروث الحضاري للأمازيغ عبر العصور..
باديس لونيس (أستاذ جامعي)
لما لا نطالب باعتبار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا
أعتقد أن أحسن وسيلة لإحياء المناسبة هو الحرص على تنظيم ندوات علمية تبحث في تاريخ الثقافة الأمازيغية وراهنها، واستشراف مستقبلها من خلال تقديم مسرحيات ومعارض فنية في إطار الهوية الأمازيغية، إضافة إلى تقديم مشاريع عملية في إطار توحيد اللهجات والتعريف بها ومناقشتها وإقامة الشراكات بين مختلف الجمعيات على مستوى دول المغرب الكبير، وهذا دون نسيان معارض الأزياء الأمازيغية والتعريف بمختلف العادات والتقاليد الخاصة في مثل هذه المناسبات، ولما لا نطالب ليس فقط بترسيم الأمازيغية ولكن باعتبار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا.
سليم سوهالي (كاتب سيناريو ومؤلف مسرحي)
الأمازيغية في حاجة إلى مناهج وتوحيد الحرف والمصطلحات بدل الاحتفالات والمناسبات
من بين الحكايات التي وصلت إلينا عبر تداولها تلك التي تحتفظ بها الذاكرة الشعبية إلى يومنا هذا والتي جاء فيها أن "ينار" (شهر يناير) التمس من " فورار" (فيفري) أن يعيره يوما لمعاقبة العجوز التي سخرت منه، فكان أن حلت ذلك اليوم عاصفة شديدة تسببت في مقتل العجوز، فأصبح ذلك اليوم يمثل في المعتقدات الشعبية رمزا للعقاب الذي يحل على كل من تسول له نفسه الاستخفاف بالطبيعة، وهذه الحكاية في الأصل تعكس بعض المعتقدات التي كان الأمازيغ يؤمنون بها قديما كغيرهم من الشعوب، فالطبيعة كانت تشكل بالنسبة للأمازيغ الملهم لمعتقداتهم، لذا فإن الكثير من الآلهة التي عبدوها كانت تجسد الطبيعة مثل الإله (مادر) كما أن كل أعيادهم غالبا كانت تقام بداية فصل الربيع مثل عيد (تافسوث) وغيره، كل هذه المعتقدات لها علاقة بتجدد الحياة فالاحتفال بهذا العيد له أيضا علاقة بشؤون أخرى من الحياة، كما أن السنة الأمازيغية الجديدة تتزامن أيضا مع نفاد المؤونة الغذائية التي عادة ما تحتفظ بها العائلات بمخازنها تحسبا لمواجهة الأوقات الصعبة، كما يعد يناير بمثابة وقفة لتقييم "حصيلة" سنة كاملة و الاستعداد لاستقبال عام جديد.
ويعتبر يناير مناسبة لتجديد القوى الروحية من خلال ممارسة بعض الطقوس والقيام بتضحيات لإبعاد شبح الجوع والنحس وجلب الخيرات ووفرة المحاصيل، علما أن إحياء هذه الطقوس يأخذ أشكالا مختلفة من منطقة لأخرى، ويبقى الاعتقاد الراسخ في هذا الشأن هو أنه "من يحتفل بيناير يبعد عن نفسه الحسد وأذى الدهر" وفق معتقد شعبي، مما يعني أن جلب السلم والسعادة يتطلبان تقديم تضحيات يطلق عليها تسمية "أسفال" والمتمثلة في ذبح ديك على عتبة البيت لإبعاد الشر وجلب الخير، يتم عشية حلول السنة الأمازيغية الجديدة إعداد الطبق التقليدي ليناير "أمنسي نيناير" (عشاء يناير) المتمثل في طبق من الكسكسي المرفق بالدجاج أو اللحم و الخضر يستهلك جماعيا في صحن واحد اعتقادا من الجميع أن هذه فرصة سانحة للتصالح بين الأشخاص وترك النزاعات جانبا، وينبغي على أفراد الأسرة تناول العشاء حتى يشبعوا، كما تحرص الأسر بهذه المناسبة على تقديم أطباق من الكسكسي" (هدية) للجيران و حتى لأفراد العائلة الغائبين، حيث توضع لهم ملاعق فوق المائدة رمزا لحضورهم. وفي الأيام الموالية يتم إعداد أطباق أخرى بدون لحم ترمز إلى الخصوبة ووفرة المحاصيل تكون مرفقة بفطائر مطلية بالعسل (الغرايف) للتفاؤل بسنة حلوة مع الحرص على عدم تناول مأكولات متبلة بالتوابل أو مرة المذاق خوفا من جلب سنة بنفس المذاق، كما يعمد البعض أيضا إلى عقد قرانهم خلال هذا الشهر باعتباره رمز للخصوبة و قص شعر الصبيان لأول مرة (أخرفي)، هذه بعض المظاهر التي ترافق هذا العيد الأمازيغي الضارب في عمق التاريخ، أما علاقة يناير بشيشنق الأمازيغي الذي تولى عرش مصر وغزا فلسطين في العام 950 قبل الميلاد فانا لا أميل إلى هذا التفسير لغياب البراهين الكافية فالكثير من الأمازيغ سيطروا على مصر الفرعونية وكان معظم الكهنة الساهرين على معابد الإله آمون من أصول أمازيغية فالحياة الدينية في مصر الفرعونية كان اغلب كهنتها أمازيغ لذا لا تزال هناك أسرار لم تفك إلا بمقارنة الأمازيغية باللغة الهيروغليفية.
وفيما يخص وضع الأمازيغية فهو وضع مؤسف للغاية كون أغلب الجمعيات التي تعمل لترقيتها لم تتمكن إلى غاية الآن الخروج من شرنقة الفلكلور وهى بذلك عن قصد أو عن غير قصد تحولها إلى فلكلوريات، وأنا ارفض هذا التوجه لأنني أرى أن الأمازيغية رافد من روافد الثقافة الإنسانية، وهى إرث إنساني كبير لا يجوز حصره في بعض المناطق والغوص في عالم الأساطير وإبعادها عن الحياة اليومية، فالأمازيغية التي ناضلت من أجلها منذ 1980 هي مشروع لمجتمع متطور يواكب تطورات العصر، وليس مجرد إحياء مناسبات وأساطير، صحيح أننا بحاجة إلى هذا، لكن يجب تحرير العقل الأمازيغي من منطق الفلكلور وفسح المجال للحاق بركب التقدم، فاللغة الأمازيغية في حاجة إلى مناهج وتوحيد الحرف والمصطلحات وغيرها، أم جعل الأمازيغية مجرد احتفالات ومناسبات ترتكز على ماض ولى، لذلك يجب فسح المجال للباحثين وتدعيمهم في كل المجالات لخدمة هذا الإرث الإنساني الكبير.
عادل سلطاني (شاعر وناقد ومهتم بالتراث الأمازيغي)
ليلة رأس السنة الأمازيغية ينظر إليها على أنها رمز للخصوبة والنماء والحياة
إن مناسبة الاحتفال برأس السنة الفلاحية الأمازيغية "ينار" مازالت تؤثث المخيال الشاوي خصوصا والشمال الإفريقي "التمازغي" عموما بممارسات طقوسية رائعة ورثناها جيلا بعد جيل عن أسلافنا البيض الذين نعتهم "الأغارقة" ذات تاريخ بطائر الخطاف في رحلته الأبدية الخالدة بحثا عن الربيع، وما إن يقبض الأسلاف على الربيع يعودون من رحلتهم من جديد ليلقوه في "تمازغاهم" السعيدة التي وصفها الفراعنة وأطلقوا عليها اسم "أمينتي"، أي عروس المغرب، في هذه المناسبة الثقافية الأمازيغية السعيدة التي يبتهج فيها البيت الشاوي الأوراسي الكبير بطقوس موروثة كانت تحتل اجتماعيا مكانتها المقدسة في تقاليدنا العريقة، حيث أن النسوة يقمن بتغيير أثافي الموقد بأثافيَ جديدةٍ وبدفن رماد المواقد القديمة أو يرمى بعيدا تيمنا بحلول بركة هذا العام الجديد كما تملأ الأواني بالماء في ليلة رأس السنة الأمازيغية رمزا للخصوبة والنماء والحياة ويتم تنظيف حرم البيت "هماسخث ن خام" كما يتم تبييض البيت الحجري بمادة الجير ووضع بعض الحشائش الخضراء على السقوف وهذا التطقيس يندرج ضمن مفهوم الخصوبة الواسع ولا يعني إلا حياة الأرض الأم وحياة القطعان التي تعتبر ركيزة أساسا في معاش الأوراسي وبالتالي حياته حيث تقوم المرأة وهي عماد البيت الأوراسي بتحضير وجبة إيشرشمن الشهية أو بتحضير طبق آكسكسو بلحم الديك، وأهل البادية من الشاوية يمارسون هذه العادة إلى اليوم، أي إسالة الدم كما يتم إعداد الحلويات التقليدية المعروفة في أوراسنا الكبير وفي وطننا وفي إقليمنا التمازغي الواسع مع اختلافات مناطقية تعكس الخصوصية الثقافية المارساتية لكل منطقة مع اختلاف زمن وميقات الاحتفال بالمناسبة.
محمد مرداسي (باحث في التراث الأمازيغي)
"ينّار هو عيد كل الجزائريين، والمدرسة ساهمت في عدم الحفاظ على التراث الأمازيغي"
الاحتفال ببداية السنة الأمازيغية أساسه تقويم فلاحي تمليه طقوس الاحتفال ب "ينار" التي تعكس اعتقاد ساد الشعوب الأمازيغية القديمة بحلول سنة جديدة يكون فيها الغذاء وفيرا، الأمازيغ كانوا يحيون بالفطرة مناسبة دخول شهر يناير منذ القدم قبل أن يُقرها شيشناق منذ 950 سنة قبل الميلاد، وتزامن ذلك وتمكنه من دخول مصر وبسط حكمه فيها، ليصبح منذ تلك الفترة الاحتفال بيناير جزء من ذاكرة الأمازيغ، فالاحتفال بحلول ينار هو بمثابة عيد كل الجزائريين ولا يقتصر على منطقة معينة دون أخرى، الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يجب أن يكون في إطار خارج عن التشنج والتعصب، فالدول المجاورة مثل تونس والمغرب أعطت للتراث الأمازيغي ومنه الاحتفال بيناير اهتماما كبيرا وحافظت عليه رغم أن تونس فيها نسبة التعريب أكثر من الجزائر غير، مع الأسف إحياء مناسبة شهر ينار تراجعت لدى العائلات الجزائرية مقارنة بسنوات ما قبل الاستقلال، والسبب في رأيي يعود لعدم بلورة مشروع مجتمع وفشل التخطيط المنتهج كالثورة الزراعية التي تسببت في النزوح من القرى نحو المدن وجعلت هذه الأخيرة تفقد صفة التمدن وتتحول إلى أرياف موسعة لعدم أهلية واستعداد أهل الريف للاندماج في المدن والذين يتخلون وينسلخون من عاداتهم التي تمثل جزء من هويتهم ظنا منهم أنها تشكل عقدة، كما أن اللوم يقع على المدرسة ما تسبب في عدم الحفاظ على التراث الأمازيغي على غرار الاحتفال ب "ينار" طيلة عقود مضت وتغافلت فيها عن الأمازيغية لأسباب وصفها بغير المبررة.
العربي دحو (أستاذ جامعي)
"رأس السنة الأمازيغية تتصف بطقوس تجمع بين طي السنة المنقضية والتفاؤل بالعام الجديد"
ما عايشته من الممارسات التي يؤديها السكان في مثل هذه المناسبة يتمثل في تغيير الأثافي (لمناصب) ورماد النار بتنظيف المكان التي تشعل فيه وعندما يقتلعون حجرة الأثافي الجديدة ينظرون تحتها فاحصين ما يجدونه فعندهم إن وجدوا شيئا مهما يكن حشرات نبتات بلل أو رطوبة فهم يفسرونه إيجابا أو سلبا بحسب ما يؤولون ما وجدوه فيتشاءمون من السنة القادمة إن كان ما وجدوه تحتها يشير إلى ما هو سلبي ويتفاءلون خيرا إن كان ما وجوده يحتمل ذلك، كما أنهم يطبخون للعشاء (أمرزايم) أو ما يعرف بالشخشوخة المفتتة من كسرة الشعير أو القمح، وهي تقابل في صورتها بكيفية من الكيفيات ما يعرف حاليا بقسنطينة مثلا ب(شخشوخة الظفر)، على إن يطبخ ب (السمن) الطبيعي الذي يحتفظون به في الجرات بعد حصولهم عليه مما يمخضونه من الحليب في فترة الربيع والتي يدفنونها في التراب ولا يستخرجونها إلا بهذه المناسبة خصيصا لها من جهة ثم التداوي به من الزكام أو أي مرض آخر يصيبهم في الشتاء بسبب البرد، كما يعتقدون زيادة على تطعيم ذلك بالفلفل الحار الأحمر الذي يخلع أيضا بعد جنيه من البساتين أثناء نضجه. وهناك أقوال يرددونها عند البحث عن الأثافي ووضعها في مواقعها، وأيضا عند اجتماع العائلة حول قصعة الشخشوخة أو المثرد كما يسمونه أيضا، هذا مجمل ما يحضر بهذه المناسبة، وكل عام والجميع بألف خير في جزائرنا الغالية.
انطلاق الاحتفالات الوطنية لرأس السنة الأمازيغية 2964 بتبسة
أعطى والي تبسة نهار أمس إشارة انطلاق الاحتفالات الرسمية الوطنية لرأس السنة الأمازيغية 2964 التي تحتضنها ولأول مرة ولاية تبسة تحت شعار:رمزية، أصالة ودلالة تاريخية، واحتضن إشارة انطلاق هذا الحدث الثقافي الهام قصر الثقافة محمد الشبوكي بمشاركة ممثلين عن أكثر من 14 ولاية، وفي رزنامة هذه الاحتفالية العديد من الاطباق الثقافية والفنية والرياضية والاجتماعية، واحتضنت ليلة البارحة الاقامة الجامعية للبنات بتبسة العشاء التقليدي على شرف ضيوف الولاية وكذا القادمين من الولايات الأخرى ايذانا بدخول العام الأمازيغي الجديد، وهو أهم طبق ثقافي في هذه المناسبة التي أعدت بشأنها عروض فنية ومحاضرات وجلسات فكرية يشارك فها وجوه اعلامية وسينمائية وثقافية وفنية على غرار الكاتب رشيد بوجدرة ومحمد حازرلي وغيرهم، كما سيقام صالون مصغر للكتاب والوسائط السمعية البصرية بالإضافة إلى صالون آخر مصغر للحرف والصناعات التقليدية وكان مدير الترقية الثقافية بالمحافظة السامية للأمازيغية قد أكد اختيار ولاية تبسة لاحتضان التظاهرة الوطنية المتعلقة باحتفالات رأس السنة الأمازيغية لهذه السنة، وأشار عصاد سي الهاشمي إلى أن الاحتفالات ستنطلق بداية من 11 جانفي إلى غاية 14جانفي 2014،ويتضمن البرنامج كذلك أجنحة للطبخ المحلي والوطني المرتبط" بيناير"، إذ يعد هذا الجناح حجر الزاوية في هذه الاحتفالية التي تتكرر مرة واحدة في كل عام،وأشار منشط الندوة إلى أن تدريس الأمازيغية قد انطلق عام 1995 في 15 ولاية جزائرية ،مع العلم أن الأمازيغ ظلوا على مدار التاريخ يحتفلون بحلول السنة الأمازيغية الجديدة ويحيون هذه المناسبة بالكثير من الطقوس والعادات التي لازال البعض منها صامدا في وجه النسيان احتفالا بانتصار الأمازيغي "شنشاق" على فراعنة مصر عام 950 قبل الميلاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.