سارع العاهل المغربي، إرضاء لحليفه الجديد، الى اطلاق خطة لإعادة تأهيل وترميم مئات المواقع اليهودية بالمملكة، مع كل ما يتطلبه ذلك من أموال، سيتم اقتطاعها حتما من الخزينة العمومية، فيما تناسى الافواه التي جفت جوعا وصراخا ولازالت تطالب بلقمة العيش. فبعد أن بارك تطبيع علاقات بلاده مع الكيان الصهيوني, سارع الملك محمد السادس, حسب ما كشفت عنه وسائل اعلام دولية, الى اطلاق خطة تهدف إلى ترميم مئات المعابد والمقابر ومواقع التراث اليهودي في عدة مدن من المغرب, إلى جانب إعادة الأسماء الأصلية لبعض الأحياء اليهودية, وتجديد مقبرة مدينة فاس والتي تضم 13 ألف قبرا ليهود. وبدأت مخاوف الشعب المغربي تتجلى على أرض الواقع, وهو من حذر من خطورة التقارب مع الاحتلال الصهيوني على بلده وعلى استقرارها. كما يمكن تجديد التساؤل الذي طرح مطولا على خلفية موجة التطبيع الجديدة : "هل هي رمال متحركة أم زلزال كبير؟", الا أن كل منها مصيبة سيواجهها الشعب المغربي لا محالة. وبهذا التسريع في خطى تمتين علاقاته بالكيان الصهيوني, يكون العاهل المغربي ضرب كل الدعوات المطالبة بضرورة تراجعه عن هذا الغلط, عرض الحائط ومنها دعوة رابطة علماء المغرب, التي طالبته بالتراجع عن مسلسل التطبيع الذي "يشكل خطرا استراتيجيا على المملكة المغربية والمنطقة المغاربية بأسرها", و أكدت على أن "اليهود الغاصبين أعداء للمسلمين وللبشرية, كما بين الله ذلك في كتابه, وشهد التاريخ بهذه العداوة في كل فتراته, فما دخل اليهود منطقة إلا سعوا في إفسادها وإشعال الحرب بين أهلها". وكانت الرابطة دعت "أهل العلم والرأي والفكر والسياسة والتأثير إلى تحمل مسؤولياتهم في تبيان خطورة هذا التطبيع لعموم الناس بكل وسيلة ممكنة, وكشف آثاره التدميرية على المنطقة في كل النواحي : العقائدية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية". وتعد خطة العاهل المغربي - بحسب ما جاء في صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية, "مشروعا غير مسبوق في العالم العربي للحفاظ على التراث اليهودي, ولاقت تقديرا كبيرا في إسرائيل". و استنادا لما تضمنته الخطة, فإن الشعب المغربي المسلم سيشهد, بأم عينه وعن قريب, انتشارا للمتاحف المخصصة للجالية اليهودية التي يسعى العاهل المغربي جاهدا توفير جميع الخدمات لها. الملك محمد السادس, الذي لا يظهر الا في القليل من المناسبات الرسمية والغائب عن الساحة السياسية ببلاده, فلا ردة فعل له ازاء الاحداث ببلاده ولا على الصعيد الدولي, ها هو يظهر وينجز ويخطط خدمة للكيان الصهيوني ولرعاياه بالمغرب على حساب أبناء شعبه. وقد تلقى محمد السادس فعلا الشكر على "تفانيه في خدمة اليهود وجهوده الكبيرة لإحياء تراثهم في المملكة والمحافظة عليه", حسب ما كشف عنه الاعلام العبري. وسبق أن احتضن المغرب صلاة يهودية في كنيس بالرباط, "للدعاء" من أجل الجيش الإسرائيلي, خلال زيارة وزير الدفاع الصهيوني, بيني غانتس, الى المملكة, في حدث غير مسبوق تعرض لإدانة واسعة داخل المغرب ودوليا و أثار غضب عارم في أوساط نشطاء من مختلف الدول العربية على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي الوقت الذي يبدد فيه نظام المخزن أموال الشعب لإرضاء الصهاينة, ينخر الفقر والغلاء والبطالة والمستوى المتدني للمعيشة أجساد أبناء الشعب المغربي وهو ما يدفع بهم الى الخروج الى الشارع للمطالبة بحقوقهم لكن دون جدوى, فالفساد قد عم وتجدر والترهيب أضحى سلاح المخزن لتكميم الافواه. وقد لخصت الجامعة الوطنية للتعليم بالمغرب في بيان لها مؤخرا, الحالة الاجتماعية المزرية بالمغرب و أدانت "غلاء المعيشة وتغول المخزن, وهجمته الشرسة على الجماهير الشعبية", الى جانب "تمادي الحكومة الحالية في تطبيق نفس السياسات الليبرالية المتوحشة, كما الحكومات السابقة, وترجمة اختياراتها الطبقية على مستوى قانون المالية من خلال تخفيض الضريبة على الشركات, مقابل تكريس هشاشة الشغل والبطالة, التي وصلت مستويات غير مسبوقة وغياب إجراءات اجتماعية ملموسة لفائدة الجماهير الشعبية". ويأتي ذلك - تقول الجامعة - بسبب "الزيادات الصاروخية في أسعار جل المواد الاستهلاكية الأساسية, وتجميد الأجور, و استمرار التضييق والقمع وضرب الحقوق والحريات والإجهاز على المكتسبات, وضد القرار الإقصائي لوزارة التربية, المتعلق بتسقيف سن التوظيف لاجتياز مسابقة التعليم, و انصياعها لضغط و ابتزاز لوبي التعليم الخصوصي عبر رفض توظيف أساتذة التعليم الخصوصي إلا بموافقة مشغليهم".