بعد الاهتمام المتزايد للدولة في الفترة الأخيرة بالتوجّه نحو غرس خمسة آلاف نخلة ببشار (03) ثلاثة آلاف الحالية وإعادة الاهتمام بالنخيل خصوصاً مع إعادة الاعتبار للواحات. لكنّ مثل هذه السمة الإيجابية تتقلص كلّما خضنا أكثر في أراضي الواحات بإقليم بشار وخاصة واد الساورة في الجنوب. يعتبر إقليم ولاية بشار الذي يتربّع على أكثر من 100 واحة من النخيل وأكثرها متواجد على ضفة الأودية والتي أنشأها سكان الجنوب، حيث تعتمد على نظام سقي ذاتي. يتمّ حفر الآبار بجوار ضفة الوادي أو استصلاح مساحات شاسعة ومتوسطة وصغيرة، حسب قدرة كل عائلة تسكن في هذه القرى النائية ويقوم بإيصال الماء عن طريق حوض مرتبط بسواقي تقوم بتوزيع المياه على الفلاحين بالتساوي، وبعدها يتمّ غرس النخيل وبعض المزروعات الأخرى، وبذلك دخل العائلة في عملية الإنتاج الذاتي لتستمر الحياة في منطقة قاحلة من الصحراء الكبرى على ضفة الأودية. ومن أهم أسرار اعتماد رجل المنطقة القديم، على غرس فسائل النخيل حفر بئر وإنشاء أحوض ماء «اسمه الماجن» ورفع الماء على السطح الوادي من أجل السقي، نظرا للطبيعة القاسية والمناخ المتقلب، ونقص مياه المطر الذي يحتّم على الفلاح الذي لا يزرع في ضفة الوادي أو السقي مرتين في اليوم، ومن يتهاون أو يقصّر في ذلك يجد ما زرع قد يبس، عكس المناطق الأخرى مثل واد سوف أو ادرار ، التي يتمّ سقيها، حيث تغرس النخيل عن طريق عملية «الباردة» وهي الحفر حتى يصل الى المياه الجوفية ويتم طمر النخلة أو الفسيلة التي تصبح عروقها مع المياه، وهذا غير متوفّر بمنطقة بشار لأن المياه تكون عميقية كما هو في واحات وادي الساورة وواحات ألواد الخضر، وبويعله، فندي تاغيت، موغل وبني عباس، كرزاز ......الخ. في السنوات الأخيرة كان لظاهرة الإهمال، الحرائق العشوائية نقص الأمطار وعدم وجود الحواجز المائ أثر كبير ولم يبق منها إلا القليل في بعض القرى البعيدة، والتي عرفت هي الأخرى خطر هجرتها وعزوف الشباب عن خدمة النخيل، وتحوّل الاهتمام الأكبر للفلاحين، لزراعة حقول المشمش وغيرها من الزراعات، ذات الربح السريع، والعمل اليسير والتكلفة المنخفضة مقارنة بإنتاج التمور. كما يشتكي الكثير ممن مازالوا يتمسكون بغرس النخيل وإنتاج التمور عن رفض أبنائهم خدمة الأرض، حيث كان في القديم، يتعاون جميع أفراد الأسرة في أعمال الحقل، مما يجعل كلفة إنتاج التمر زهيدة، أما اليوم فقد أصبحوا شيوخا ولم يتمكنوا من مواصلة الخدمة ويعملون على استعمال أشخاص للقيام بالأعمال الخاصة بتلقيح النخيل «التذكير». 100 واحة متنوعة حيث توجد أكثر من 100 واحة بإقليم ولاية بشار وتتوفر على العديد من أنواع التمور وتغطي هذه الواحات أكثر من 30 في المائة. مع ذلك، تعاني من تدهور متواصل بسبب موجات الجفاف الحاصلة كلّ سنة تجلّى ذلك بحسب السيد عبد العزيز الحبيب عضو المكتب الوطني للاتحاد مهندس المزراعيين الجزائريين ب»تناقص الماء في الآبار المرتبطة بالمياه الجوفية والأمطار التي لم تجد سدود استيعابها، لكنّ توالي موجات الجفاف وغياب سياسة إمداد الموارد المائية قلّص المساحات المزروعة، وبدأ معه انقراض الواحات شيئاً فشيئاً مثل واحة فندي، بني ونيف، بويعلة، صفصاف، تاغيت، بني عباس موغل، بوكايس، والسب يعود إلى أن هذه الواحات هي تعود الى عائلة عن طريق التوارث ونقص المساحة الموروثة التي توجد عليها مجموعات من النخيل وزيادة عدد الوراثة والعنصر الثاني والأساسي مرض «البيوض» كل هذه العوامل هي السبب مع تخلي أهالي الواحات عنها وإهمالها. ورغم الاهتمام المتواصل من طرف السلطات والمصالح الفلاحية، فإن هذه التجربة تكون مجدية عند عملية تجديد الواحات وإنشاء محيطات فلاحية تعتني بالنخيل يجب توفير العديد من العناصر كالبحث عن الخريطة الهيدرولوجية للمياه والعمل على التحكم في إنتاج الفسائل عن طريق الأنسجة والتي تعتبر الطريقة العلمية الناجحة في العديد من الدول على وغرسها وتفادي الأمراض ومعرفة النوع التمور التي تقاوم المرض مثل الفقوس، الشركة، هذه الأنواع التي مزالت متواجدة في واحات بشار. وأدى عدم الاعتراف بموروث الواحات البيئي والبشري محلياً إلى تناقص عدد أشجار النخيل بفعل عوامل طبيعية منها انتشار مرض البيّوض الذي يصيب أجود أشجار النخيل وتمورها. كذلك، تؤثر سلباً ظاهرة التصحر، وزحف الرمال، وانهيار (الآبار) بسبب فيضانات الأودية، وسوء توزيع الماء والأراضي، وتقلص مساحة الواحات بشكل فظيع. فقد بعضها ما بين 30 في المائة من مساحتها. تضاف إلى ذلك عوامل بشرية يوضحها المهندس والخبير عبد العزيز الحبيب هجرة الشباب إلى المدن ورفض العمل في الواحة لأسباب اقتصادية. وانسحاب العديد من الفلاحين المخضرمين ذوي الخبرة في زراعة النخيل يضيف المتحدث «فالمشكلة فينا نحن، لقد تخلينا عن عاداتنا وتقاليدنا. لا نعمل، ومع ذلك نريد الربح السريع». كذلك، فإنّ بعض الحقول «تموت بموت أصحابها» أو هجرتها. وعلى مسافة 17 كلم بواد بشار نجد زحف الإسمنت الذي لوّث واحات واكدة وواد بشار. ضرورة العودة إلى الأرض قال لنا السيد عبد العزيز مهندس فلاحي، عملنا ونعمل على مبادرات اجتماعية وثقافية، وما كان ينقصنا العمل على المستوى الجماهيري حتى يرتبط الشباب بوضع الواحات، خصوصاً أنّ الجيل الجديد مفصول تاريخياً وجغرافياً عن الواحة والمخاطر التي تهدّدها، بالمناطق التالية منها تاغيت اوبوكايس، بني عباس، موغل والخاسر الأكبر اليوم هو المواطن حيث يتمّ ارتفاع ثمن التمور التي تبدأ من 200 دج إلى 500 دج، لذلك تعتبر الواحات منتجاً إنسانياً فريداً وذكياً في فضاء الصحراء وقدمت اكتفاء غذائياً من الخضار والفواكه والتمور. وتحاول وزارة الفلاحة، أن تنقذ النظام الواحات بدعمها مشاريع تنموية تتعلق بإصلاح قنوات الماء وفتح المسالك والأراضي وتشجيع النازحين على العودة والاستثمار في أراضيهم . كذلك، تعمل مديرية الفلاحة ومديرية الغابات على توفير الفسائل (النخل الصغير) بثمن مناسب أمام الفلاحين، إلّا أن عدم مواكبة تطوّر والبحث العلمي ّلتطوير المشاريع يؤدي إلى فشل هذا البرنامج، إذا لم نبحث عند المصدر الأساسي وهو مصدر المياه والعمل على إنشاء مخابر تعتمد على التحكم في الأنسجة عن طريق الفسائل. وأيضاً يحاول بعض الشباب إنشاء مساحات نخيل خاصة بهم لكنّهم يواجهون عوائق مادية تثنيهم عن تحقيق رغباتهم في حقول صغيرة وعدم وجود أراضي تتوفر على المياه وقريبة من الكهرباء وحتى إن وجدت تكون مستغلة بقرار فاق 5 سنوات ولم يتم استغلالها. فالواحات مجال صالح للإنتاج والسياحة معنا ويستقطب على الأقل نسبة من الشباب العاطل عن العمل وهم يحتاجون إلى الدعم والإحاطة بهم رسمياً، وبالفعل تم منحهم قطع أرضية تفوق 3 هكتارات وتتوفر على مصدر المياه وتوفير لفسائل المستخرجة عن طريق الأنسجة حتى مع ذلك، فإنّهم في حاجة إلى الدعم وتكوين ومرافقة». وأثناء زيارة ارض في طور الاستصلاح بمحيط بن زيرق كان ل»الشعب «لقاء مع السيد مومن بن كروم يقول من واقع خبرته الزراعية إنّ الحلّ إذا أردنا أن نعيد للوحات بريقها وإنشاء مناطق فلاحية جديدة تكون بها أنواع من النخيل وننقد متبقي منها والذي يعتبر موروثا إنسانيا يكمن في الاعتماد على الطاقة الشمسية يتوجبّ إعادة تعبئة الموارد المائية، وتفعيل الخبرات والتقنيات التي يمتلكها المهندسين أو المرشدين الفلاحين في تربية أشجار النخيل»، يجب توفير فسائل تكون عن طريق الأنسجة بطرق علمية لمعرفة النوع وتفادي المرض وتأقلم مع المنطقة وتخصيص مساحات تفوق 3 هكتارات لغرس فسائل النخيل والاعتماد على نوعية جيدة مثل «الفقوس، حرطان، الشركة، بشرط أن يتمّ توفير المياه وتدعم مشاريع الشباب بهذه العملية ننقص من معدل النزوح من هذه المناطق الحيوية وإعادة هذا الموروث الذي أصبح يندثر.