«الجزائر...أولا وأخيرا»...شعار ردّده المصوّتون وعي كبير بالمسؤولية الملقاة على المواطن تجاه بلده لمسناه في مختلف المراكز الانتخابية التي زارتها «الشعب» ببلديتي برج البحري وعين طاية، اين وجدنا كل الفئات العمرية مقبلة على صناديق الاقتراع، ورغم ان كل واحد منهم اختار مرشحه الأفضل إلا أنهم اتفقوا جميعا في ان خروجهم للتصويت كان من اجل الجزائر أولا وأخيرا. المركز الانتخابي حي قعلول كان وجهة «الشعب» الأولى، صور كثيرة تخيلناها عن يوم الاقتراع، إلا أننا ومع أول خطوة داخل هذا المركز تبدّدت كل مخاوفنا لأنّنا وقفنا عن قرب على ما صنعه حب الجزائر في أبنائها. المركز الانتخابي حي قعلول: «أنتخب لأُجنّب بلدي العبثية» وجدناها في إحدى المكاتب الانتخابية في مركز حي قعلول، ر مريم، 35 سنة، كانت تبحث عن اسمها بعدما فقدت بطاقتها الانتخابية حيث تم توجيهها واعطاؤها استمارة التسجيل لتتمكن من أداء واجبها، سألتها «الشعب» عن سبب إصرارها على التصويت رغم فقدانها للبطاقة فأجابت: «يجب ان نكون عقلانيين في مطالبنا فالحرية حق لا نفرط فيه لكنه حق مرتبط بواجب نقوم به اتجاه البلد والوطن الذي لا نملك سواه، لذلك أنا هنا من أجل أن أصوت لصالح من أراه الأفضل والأصلح ليكون رئيسا للجزائر، لأن اختياره هو أول خطوة نحو الخروج من الفراغ الذي نعيشه منذ عدة اشهر، وهو السبيل لكسب ثقة المستثمرين الذين سيجدون أمامهم دولة قائمة بكل هيئاتها لأنه الرجل الأول لبناء اقتصاد قوي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التفريط في حق كل جزائري في امتلاك بلد امن ومستقر، لأن غياب رئيس شرعي للجزائر سيطيل الأزمة، ويذهب بها الى ما لا تحمد عقباه». أما المحامية سميرة - ب، 37 سنة، فقالت عن سر تصويتها في لقائها مع «الشعب»: «التصويت بالنسبة لي أكثر من واجب لأنّني أحيا ما تحياه الجزائر منذ عشرة أشهر بكل تفاصيله بحكم عمل زوجي في جهاز الامن، فحالة الاستنفار والتأهب لدى جهاز الامن الوطني أمر أعيشه في عائلتي أيضا وهو متعب ومقلق في نفس الوقت، الحالة الاستثنائية التي تعرفها الجزائر ألامسها عن قرب من خلال زوجي، لذلك مبادئي لا تسمح لي بالبقاء متفرجة فقط بل يجب أن أكون فاعلة بصوتي الذي اقدمه الى الجزائر، ذهبت مع أمي وأبي لنصوت، طبعا سمعنا بعض التعليقات المرتبطة ب «الكاشير» إلا أن القضية أكبر وأرقى، وأنبل من أن نربطها بشيء مادي يرمى في النهاية الى القمامة، لذلك للوعي دور أساسي في صناعة المستقبل، ودونه نحن عاجزون عن تغيير مسار الجزائر نحو المجهول». زوليخة، 65 سنة، هي الأخرى صوّتت وزوجها في هذا المركز من أجل الجزائر وفقط، قالت ل «الشعب» إنّها لبّت نداء الوطن،معتبرة التصويت واجبا أخلاقيا وديني يحاسبنا الله عليه لأن المستقبل مسإولية الجميع. عبد الرحمن بوالمخ، رئيس المركز الانتخابي حي قعلول في تصريح ل«الشعب»، قال إن العملية الانتخابية جرت في ظروف عادية، كان الاقبال خلالها متوسطا لم نسجل خلالها أي مناوشات او حوادث تذكر، كاشفا في ذات السياق ان عدد المسجلين بهذا المركز بلغ 2993 مسجل. «هذا الوطن لا نملك غيره» وجهتنا الثانية كانت المركز الانتخابي حي نسيم البحر، هناك وجدنا إصرارا على الانتخاب من خلال الطابور الذي وجدناه امام مكتب التوجيه، كل شخص فيه يبحث عن رقم المكتب الخاص به او عن طريقة تمكنه من الإدلاء بصوته بعد تضييعه لبطاقة الناخب، وكان محمد صابري، 58 سنة أول شخص سألناه عن سبب تواجده في المركز، فأجاب قائلا: «جئت الى هنا من اجل اختيار رئيس جديد للجزائر، جئت مع زوجتي وابنتي التي لم تتجاوز22 سنة للتصويت لأنّنا مقتنعون بأن الجزائر بحاجة الى كل أبنائها حتى لا تكون لقمة سائغة في فم كل طامع في خيراتها وثرواتها، اليوم نحن هنا لأداء واجبنا تجاه هذا الوطن الذي لا نملك غيره». وهنا استطرد محمد قائلا: «في البداية كنت رافضا للانتخابات لكن ما قام به البرلمان الأوروبي ومحاولته التدخل في شؤون الجزائر من باب كذبة حماية الأقليات، جعلني أغير رأيي بل وأقتنع أن وجود رئيس شرعي للجزائر هو خير حل للابتعاد عن الدخول في نفق مظلم». لم تتعب زكية - س من البحث والسؤال عن المركز الانتخابي حي نسيم البحر حتى أن الوصول اليه تطلّب منها أكثر من ساعتين، لكن ذلك لم يثن عزيمتها حتى وجدته، سألتها «الشعب» عن السبب فقالت: «انتقلت للعيش هنا حديثا لذلك أنا لا اعرف المنطقة جيدا، لكن ذلك لن يكون عائقا أمام ادائي لواجبي الانتخابي لأن الجزائر بحاجة الى كل صوت يعبر عن رغبة في التوجه نحو مستقبل افضل، وخوف في نفس الوقت من مجهول لا تحمد عواقبه، لذلك كان عليَّ السؤال لساعتين كاملتين لأجد هذا المركز، أدّيت واجبي وأنا أتمنى أن يحفظ الله الجزائر والجزائريين». وهنا استطردت قائلة: «لا يمكن لأي جزائري أن يخذل الجيش الوطني الشعبي الذي حقّن دماءنا ل 10 أشهر كاملة، كيف نخيّب ظنه وهو لم يخيّب ظن أي جزائري مهما كان رأيه واتجاهه، بل اعتبر كل واحد من 40 مليون مهمته الخاصة بالحفاظ على الجزائر بعيدا عن أي انزلاقات تنتهي غالبا بهدر الدماء والممتلكات». وحتى نتعرف أكثر عن ظروف إجراء المواطنين لواجبهم الانتخابي، سألت «الشعب» سليم لفقير ممثل عن مترشح عبد القادر بن قرينة، الذي أجاب قائلا: «ظروف جيدة بل أحسن من تلك التي عهدناها من قبل، الناخبون توافدوا على المركز الانتخابي في إصرار ملحوظ على أداء هذا الواجب، الذي كان لأغلبهم أكثر من مجرد اختيار رئيس بل هو خروج من أجل الجزائر أولا لأنّها في منعرج خطير لن تتخطاه بسلامة إلا بوعي أبنائها وبناتها وشعورهم بالمسؤولية تجاهها». وأضاف لفقير قائلا: «أغلب المواطنين هنا يؤكّدون أنّهم لا بد لهم من رئيس أولا حتى يتمكنوا من محاسبته، لذلك أول لبنة في التغيير هو وضع رئيس اختاره الصندوق في أعلى هرم السلطة، هنا ذكر لنا مثال رجل جاء لينتخب رغم أنّه لم يؤد هذا الواجب منذ 1991، إلا أن الظروف التي تعيشها الجزائر فرضت عليه المجيء من أجلها، وهذا ما يدل على وعي كبير تميز به الجزائري في هذا الموعد الحاسم». وأكد في ذات السياق بوعلباني حميد، رئيس مركز حي النسيم (المدرسة الابتدائية حسيبة بن بوعلي)، أن العملية الانتخابية جرت في ظروف عادية وهدوء كان فيها عنصر الشباب متواجدا بقوة، بل عائلات كاملة جاءت من أجل الادلاء بصوتها، ملاحظا ان الاقبال كان مقبولا، نسبة الرجال كانت أكبر صباحا فيما كانت النساء حاضرات بقوة في المساء، ويذكر أن عدد المسجلين بالمركز الانتخابي حي النسيم بلغ 4420 مسجل. «الانتخاب حق وواجب» وجهتنا الثالثة كانت المركز الانتخابي «بنات مركز» للنساء بمدرسة عبد الحميد بن باديس عين طاية، أين التقينا وهيبة – ر، موظفة ببلدية عين طاية، أدت واجبها الانتخابي رفقة ابنتها الطالبة الجامعية وزوجها الذي أداه في مركز آخر، قالت ل«الشعب» عن الموعد الحاسم: «الانتخاب حق وواجب، هي حرية لا يمكن لأحد أن يساومك عليها، لذلك وجب على كل واحد احترام الآخر، فمن أراد أن ينتخب فله ما أراد، ومن أراد البقاء في المنزل فله ذلك، أما أن تفرض رأيك على غيرك فهذا أمر غير مقبول ومرفوض تماما، لأنّ الجزائر بحاجة إلى من يبنيها باحترام الآخر، والاحترام حق وواجب كل واحد منا». أما رئيس المركز عين بوزيد محمد، فأكد أنّ عدد المسجلين يتوزّعون على 6 مكاتب، واصفا مجريات العملية الانتخابية بالعادية والهادئة، كاشفا أنه وباعتبار ان المركز خاص بالنساء فقط لم يبدأ إقبال النساء على العملية الانتخابية إلا بعد منتصف النهار. كلمة لابد من قولها الجولة التي قادتنا إلى مختلف المراكز الانتخابية ببلديتي برج البحري وعين طاية، أكدت لنا أنّ الجزائر قويّة بأبنائها الذين هبّوا هبة الرجل الواحد من أجل استقرارها وأمنها، هبة تضرب عرض الحائط كل تلك الأحكام المسبقة عن شعب يعيش ليأكل وينام، وللأمانة وعلى غير ما عهدناه من قَبل، سهَّل المؤطّرون للعملية الانتخابية، عملنا الصّحفي بتزويدنا بمختلف المعلومات مع تركهم لنا حرية التنقل بين المكاتب، ما يعطي انطباعا قويا بالشفافية والمصداقية.