جدد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، التأكيد على نية «إحداث تغيير حقيقي»، وأبرز في المقابل معضلة البيروقراطية، التي تعيق تنفيذ القرارات المركزية على الصعيد المحلي، ما يعني بالضرورة أن التغيير المنشود لابد وأن يبدأ وبقوة داخل مؤسسات الدولة عقب الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور. عاد المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي، ليشير مرة أخرى إلى «قوى التعطيل» المتغلغلة في مفاصل الهياكل التنظيمية للمرافق العمومية، وسعيها الحثيث إلى كبح عجلة التغيير، إلى حد عرقلة القرارات الصادرة عن السلطات العليا للبلاد. ورغم نتائجها الوخيمة على الاقتصاد الوطني وعلى مصالح المواطنين، لازالت الممارسات الإدارية والخطيرة، تفرض منطقها على الصعيد المحلي، بما يوهم الناس أن لا شيء تغير. واللافت في إشارات رئيس الجمهورية والوزير الأول، أن الشرخ لم يعد بين المواطن ومؤسسات الدولة، وإنما بين الإدارتين المركزية والمحلية. ويفهم من تصريحات الوزير الأول، خلال زيارته، السبت، إلى ولاية الجلفة، أن تنفيذ السياسات العمومية المسطرة في برنامج رئيس الجمهورية ومخطط عمل الحكومة، لم تجد طريقها إلى المواطن البسيط بسبب البيروقراطية، ما يعني ضياع كثير من الوقت والجهد، وفوق ذلك وضع السلطات العمومية في حرج كبير أمام المواطنين بسبب عدم تطابق القول مع الفعل. وقال جراد: «إن كثيرا من القرارات التي تتخذ على المستوى الوطني لصالح المواطن، لا تطبق محليا بسبب البيروقراطية»، معتبرا ذلك من مخلفات «20 سنة من العبث والفساد وعدم احترام كرامة المواطن». في الوقت ذاته، أكد الوزير الأول، «وجود نية صادقة وحقيقية للدولة بقيادة رئيس الجمهورية في التغيير»، لكن السؤال الذي يطرح اليوم، هو كيف تترجم النية إلى الواقع الذي يجعل المواطن متيقنا من التغيير الفعلي؟. ويمكن المقارنة بين ما اتخذ من تدابير وإجراءات ذات الصبغة التنفيذية الفورية في اجتماعات مجلس الوزراء ومدى تنفيذها على الأرض، ليتجلى الخلل القائم داخل البناء الهرمي للسلطة من الأعلى إلى القاعدة، حيث ينبغي أن ينفذ. جراد أكد أن بداية التغيير الحقيقي، ستكون بعد الفاتح نوفمبر المقبل، في حالة ما إذا تمت تزكية مشروع تعديل الدستور من قبل الشعب الجزائري، «حيث سينهي هذا الدستور كافة الانحرافات السائدة في وقت سابق»، يفيد المتحدث. وتضع الوثيقة الدستورية المعروضة للاستفتاء حدودا وقيودا (المواد 25-26-27) تمنع تغوّل الإدارة على المواطن وعلى مؤسسات الدولة، بل وتضعها بنص العبارة في «خدمة المواطن»، لكن يبقى تكريس هذا الأساس القانوني السامي في نصوص فعلية ضابطة تضع الممارسات القديمة في سلة المهملات. ومما يستشف من كلام الوزير الأول، أن طريق التغيير لم يعبد بشكل كامل، ولازالت هناك مطبات وعراقيل مقاومة، تتطلب القاعدة الدستورية اللازمة والإرادة السياسية القوية ونسف قوى التعطيل من كل المراكز والمفاصل في المرافق العمومية. ويفهم أيضا من خرجة جراد، والتصريحات السابقة لرئيس الجمهورية، أن ما سيأتي في إطار السياسات العمومية عقب الاستفتاء على تعديل الدستور، لن يكون مثلما قبله، إذ يتوقع حملة تغييرات واسعة على صعيد الأشخاص والمؤسسات.