ينتظر أولياء الأطفال المصابين بطيف التوحد بشغف انتهاء مشروع مركز التكفل النفسي والبيداغوجي المخصّص لهذه الشريحة من المرضى حتى تنتهي معاناتهم اليومية. يشتكي الأولياء من قلة المختصين للتكفل بمرضى التوحد، ما جعل الوضع الصحي للعديد منهم، يتدهور ويصعب التكفل بهم، كما أن تأخر إنجاز المركز يضطر الكثيرين لتسجيل أطفالهم بمدارس خاصة للتوحد وروضات للأطفال المصابين بطيف التوحد بمبالغ جد باهظة قد لا يقدر عليها إلا أقلية، بينما يواصل الأطفال ذوي طيف التوحد الخفيف دراستهم بأقسام خاصة بالمدرسة الابتدائية عفان فاطمة بوسط المدينة. ومن بين العينات الكثيرة، سعاد التي يعاني ابنها الأكبر من التوحد الشديد، والذي سجلته بمدرسة خاصة للتوحد، وبعدما لم تر أي تحسن على حالته الصحية، وبسبب المصاريف الكثيرة اضطرت لتوقيفه عن الدراسة والتكفل به بنفسها بالرغم من ثقل المهمة. وهناك عيّنات كثيرة من أمثالها ليس باستطاعتهم فعل شيء غير تقبل الوضع الراهن، في انتظار أن تجد لهم السلطات الحل الناجع، ومن الأطفال من يتابع العلاج على مستوى مصلحة التكفل بمرضى التوحد بمستشفى الأمراض العقلية والتي يؤطرها اخصائيون نفسانوين وأطباء مختصين في الأمراض العقلية لمتابعة الحالة الصحية لطفل التوحد وتطور المرض، وأيضا تشخيص الحالات الجديدة وتدريب أوليائهم على كيفية التعامل معهم ومساعدة الطفل على كيفية الاعتماد على نفسه مستقبلا. وبالرغم من انطلاق أشغال لمركز الوطني في 2021 بحي سيدي الجيلالي، إلا أن امتداد الأشغال لثلاث سنوات يؤرق الأولياء الذين لم يعد لهم حول ولا طاقة لمصابهم، وتتربع المنشأة المتخصصة في التكفل بمرضى طيف التوحد على مساحة 3200 متر مربع، وبغلاف مالي قدر آنذاك ب 240 مليار سنتيم. وحسب بطاقتها التقنية، توجد بها قاعات التشخيص والعلاج، مكتبة، مسبح وغيرها من المصالح، تستوعب 300 مصاب بطيف التوحد يتراوح عمرهم بين 4 إلى 20 سنة، من شتى مناطق الوطن. ويتكفل بهم أخصائيّون نفسانيّون وأطباء نفسانيون ومختصون في الأمراض العقلية ومختصون في الأرطوفونيا، لتشخيص حالتهم الصحية ومعالجتها، وأيضا المراقبة الطبية والنفسية لهم لدعم وتنمية قدراتهم الذهنية حتى يتمكنوا من اكتساب استقلالية والاندماج الفعال في المجتمع. ومن جهة أخرى، سيوفّر المركز لأوليائهم تكوينا لتحسين مهاراتهم وتعليمهم كيفية التعامل مع هذه الشريحة من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يعانون أغلبهم من التوحد الشديد، ما يتطلب تعاملا خاصا. وما زالت جمعية مرضى التوحد تعمل جاهدة لتوفير المناخ الجيد للمنخرطين فيها، حيث تسعى جاهدة لإيصال نداء استغاثة أوليائهم للسلطات العليا في البلاد، خاصة أن عدد المرضى في تزايد مستمر لا يمكن إحصاؤهم بسبب غياب سجل وطني لهم.