استعرضت المجاهدة فريال قرمية، وعضو المنظمة الوطنية للمجاهدين، نضال المرأة الجزائرية في المهجر إلى جانب أخيها الرجل. وأكدت في مداخلتها ب«منتدى الشعب"، أمس، أنه ليس هناك فرق بين نضال المرأة والرجل، كلاهما كان يؤدي المهام نفسها المطلوبة من قيادة الثورة، وواجهوا الشرطة الفرنسية بشجاعة. تحدثت المجاهدة قرمية، عن دور المرأة الجزائرية في المهجر، أين كانت تنشط ضمن اتحادية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، وقالت: "المرأة كلما كلفتها جبهة التحرير الوطني بمهام تكون حاضرة دائما لتلبية نداء الجزائر". شددت المجاهدة على ضرورة جعل تاريخ 17 أكتوبر محفورة في ذاكرة كل جزائري، لأنها جزء كبير من نضالنا في المهجر. وأشارت ضيفة "الشعب"، إلى كفاح المجاهدين، سواء في الجبال حيث يتعرضون لرصاصات الجيش الفرنسي. في حديثها عن مجازر 17 أكتوبر 1961، أشارت إلى مرسوم الحكومة الفرنسية الذي فرض حظر التجول على الجزائريين دون غيرهم من الفرنسيين، ومنعهم من الخروج مساء من الساعة الثامنة والنصف ليلا إلى الخامسة صباحا. وأضافت المجاهدة في شهادتها، أن قادة الثورة ردوا على رسالة مناضلي اتحادية جبهة التحرير الوطني بفرنسا بباريس وضواحيها، الذين كانوا يجتمعون في المقاهي والفنادق للتشاور حول القضية الوطنية وجمع الاشتراكات، وطالبوا بالرد على قرار الحكومة الفرنسية القاضي بحظر التجوال، الذي ضيق عليهم نشاطهم ومنعهم من الاجتماع. كانوا في مختلف ضواحي فرنسا وأخطروا مسؤوليهم بهذا القرار، وطلبوا منهم تقديم ترخيص يسمح لهم بالقيام بمظاهرات للتنديد بهذا القرار العنصري، تقول المجاهدة قرمية. وأشارت إلى أن مسئولي الاتحادية لم يشاركوا في المظاهرات لأنهم سيتعرضون للقبض، واجهت النساء الشرطة الفرنسية. وتواصل شهادتها: "إذن، اتحادية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، التي كانت آنذاك بمنطقة كولوني، أخبرت مسؤولينا الذين وافقوا على تنظيم مظاهرات سلمية بدون حمل أي سلاح أبيض، أخبرونا باختيار تاريخ تنظيم المظاهرات 14 أو 15 أو 16 أو 17 أكتوبر 1961، لكن من المستحيل تنظيمها يوم 14 أو 15، لأن مثل هذه المظاهرات يحضر لها مسبقا، لابد من إجراءات وتنظيم المناضلين، وفي الأخير اتفق على يوم 17 أكتوبر". وقالت المجاهدة: "لا يمكن أن ننسى أيضا أن المظاهرات كانت عبر المدن الكبرى لفرنسا. مثلا، على مستوى ليون كان هناك 400 امرأة، يوم 19 أكتوبر 1961 خرجت النساء في مظاهرات مع أطفالهن، للمطالبة بإطلاق سراح أزواجهن، وبتاريخ 18 أكتوبر خرج التجار في مظاهرات تنديدا بما فعلته الشرطة الفرنسية بأمر من السفاح موريس باوبون". وأكدت المجاهدة، أن 17 أكتوبر 1961، كانت مذبحة حقيقية بحق المهاجرين الجزائريين، لا يمكن أن تنسى إلى اليوم، لأنها شاهدتُ بأمّ عيني كيف كان يقمع الجزائريون ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب وتم رميهم في نهر السين بدون رحمة ولا شفقة في بلاد تدعي حقوق الإنسان، قائلة: "فعلوا أكثر مما فعلته النازية". وأشارت إلى أن الصحافيين منعوا من تغطية ما وقع في المظاهرات للتعتيم على الحقائق، فقط بعض الصور التقطت بسرية. وقد كتب المؤرخ الفرنسي جون لوك إينودي، الذي اشتغل كثيرا على هذا الملف لمدة 15 سنة من البحث والتحقيق ولديه أرشيف تحصل عليه، وبفضله تعرف الرأي العام الفرنسي والعالمي على بشاعة ما ارتكب في الليلة الدموية ل17 أكتوبر 1961، واصفة كتابه بالعمل الرائع والجاد الذي كشف حقيقة ما جرى من جرائم بحق الجزائريين في ذلك اليوم المشؤوم. وتأسفت المتحدثة، أنه خلال المظاهرات لم يتحرك الشعب الفرنسي، وقف وراء نوافذ بيوته يشاهد ما تفعله الشرطة الفرنسية بالجزائريين، من قمع وضرب بالعصي ورمي في نهر السين، ما عدا بعض النساء المسنات اللواتي أنقذن الجرحى الجزائريين وأدخلنهم للعمارة. وأضافت، أنه رغم هذه المذبحة، إلا أن مظاهرات 17 أكتوبر 1961 أعطت نتائج جيدة وهذا ما أثلج صدر المناضلين. تروي المجاهدة قرمية: "خرجنا في مظاهرات يوم 19 أكتوبر 1961، ونحن ننادي بإطلاق سراح المناضلين. وجدنا أنفسنا في سجن سان بول، أدخلونا إلى فناء السجن تحت أشعة الشمس، كان معنا نساء مرضى ورضع وأطفال صغار، ثم وضعونا في سيارة الشرطة وحولونا إلى سجن فورمون لوك، لتخويفنا. لكننا لم نستسلم وواصلنا الصراخ دون انقطاع، نطالب باستقلال الجزائر وإطلاق سراح بن بلة، وإخوتنا في النضال وأزواجنا". وتضيف المتحدثة: "رموا فوقنا المياه القذرة فأصبحت رائحتنا قذرة وحولونا إلى سجن فورمن لوك، وبعد الساعة الخامسة مساء أطلقوا سراحنا". وأشارت المجاهدة، إلى أنه بالرغم من أن بعض الفرنسيين لم يتحركوا خلال معركة 17 أكتوبر 1961، فهذا لا يعني أن كل الفرنسيين كانوا بدون رحمة، وأشادت في هذا الإطار ببعض الفرنسيين المثقفين الذين ساعدوا الثورة الجزائرية بنقل مسؤولي اتحادية جبهة التحرير الوطني بفرنسا وإيوائهم، وذكرت أسماء بعض المناضلات الفرنسيات، منهن سيمون فان، التي صرحت بأنها تخجل مما فعلته فرنسا في الجزائريين. ومحامية جبهة التحرير الوطني نيكول، التي قدمت شكاوى لقاضي التحقيق بضرورة زيارة محافظات الشرطة والتحقيق في التعذيب الذي يتعرض له الجزائريون، لكن لحد الساعة لم تلق شكاويها ردا. واختتمت المجاهدة قرمية، مداخلتها بالقول: "أظهرنا أننا كنا متحدين حول جبهة التحرير الوطني من اجل تحرير بلدنا والكل يعرف الآن عظمة الثورة الجزائرية ونتحدث عنها بكل افتخار".