يبدو أن البشرية قد مرت بمراحل كان مجرد الاختلاف في الرأي أو تضارب المصالح أو تسلط الرأي الواحد يمكن أن يودي إلى نزاعات ومشاكل لا حدود لها ولا شك أن الحربين العالميتين: الأولى والثانية كانتا نموذجين صاروخين للاختلاف ونزعة الهيمنة والتسلط على مقدرات العالم. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الموضوع بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم الحقائق التالية: 1) لقد عانى الناس من ويلات هذين الحربين إذ مات ملايين من البشر وألقيت قنبلتان على هيروشيما ونازاكي في اليابان، ومنذ ذلك الحين اكتشف العالم أن التعاون والتضامن وقبول الآخر والايمان بحق الاختلاف يمكن أن يقود إلى ثقافة أخرى تجنب العالم مزيدا من الأهوا ل، ومن شأن مصيبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى وتلتها منظمة الأممالمتحدة بعد الحرب العالمية الثانية وأقام عدد من زعماء العالم الثالث وعلى رأسهم جمال عبد الناصر وتيتو منظمة الدول غير المنحازة لتحقيق حدة الصراع بين القطبين الذي ظهرا بعد الحرب العالمية الثانية وهما الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي. 2) كانت هذه التنظيمات محاولة لوضع أسس جديدة للتعامل بين الدول والحكومات يقوم فيها الحوار بدور مهم فعال في حل المشاكل والصراعات، بغية الوصول إلى نقاط تفاهم سليمة بعيدا عن الانفعالات القاتلة وويلات الحروب. 3) إن هذا التوجه السائد منذ قرن يجب أن يتأكد ويتبلور ويتعزز من خلال ثقافة جديدة تغزو كل الفئات وكل الطبقات، وهو ما نسميه طبقة النخبة الواعية، كما أن ثقافة الاختلاف لا ينبغي أن تبقى حكرا على أوساط النخبة. في حين لا نشعر بها الغالبية العظمى من الناس، ولكن يجب أن تتحول ثقافة الاختلاف إلى مبادئ عامة يعيها الانسان العادي ويقتنع بها ويعيشها قولا وفعلا، ومن ثم لا يمكن استمالته إلى أفكار مضادة تدعو إلى العنف والتعصب والكراهية وتجريم الآخر، لمجرد أنه مختلف في الفكر أو العقيدة أو أي شيء آخر. 4) والمؤكد أن ثقافة الاختلاف هي الأساس الذي قامت عليه الحضارة الاسلامية في فترة ازدهارها على مدى ثمانية قرون واتفق معظم المفكرين الأجانب على القول بأن الإسلام هو دين التسامح وحرية الاختيار وقبول الآخر على نحو ما تشير إليه الآية الكريمة » لا إكراه في الدين«، »لكم دينكم ولي ديني«، »فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر«. 5) في كتاب ''زمن ------------------------------------------------------------------------