عشرون سنة عن سقوط جدار برلين وتسقط معه كل التبعات السياسية الناجمة عن الحرب العالمية الثانية، منها الحرب الباردة خاصة و »اللاحرب« و »اللاسلم« وغيرها من الدلالات الجيو-سياسية والاستراتيجية التي كانت محل اعتماد من قبل الدول الغربية أساسا. والأمر يتعلق بإسقاط جدار طوله 165 كلم وعلوه ثلاثة أمتار، وإنما الخلفية الجوهرية لمثل هذا الفعل هو توقيع شهادة وفاة ما يسمى بالكتلة الشرقية أو المعسكر الاشتراكي، وانهيار كل مؤسساته التي كانت قائمة من أجل أداء المهمة الدفاعية والخدمة الاقتصادية منها حلف وارسو ومنطقة الكوميكون، لندخل مرحلة الفراغ السياسي في شرق أوروبا أي رحيل ما يعرف بالقطبية الثنائية. ولاداعي اليوم لإثارة أسباب هذا الانهيار الكبير لأنظمة كانت قائمة بذاتها، وإنما الدول الغربية عملت المستحيل وكل ما في وسعها لقلب الأوضاع رأسا على عقب وهذا عندما كانت تشجع ظاهرة ما كانت تسميهم بالمنشقين خاصة في الاتحاد السوفياتي ورأسهم شخصية »زكاروف« الذي أسست من أجله جائزة في أوروبا، للتمويه على الشمولية والديمقراطية الشعبية. واثر هذا التفكك للمعسكر الشرقي، فإن أغلبية من تولوا مقاليد السلطة أفرطوا في استعمال القوة للوصول الى المناصب وتبني خيارات أخرى وهي الانتخابات والتعددية الحزبية وحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات التي كانت تطلق هنا وهناك من طرف الغرب. وفي هذه الأثناء، فإن الدول الغربية رفقة الولاياتالمتحدة اكتشفوا »عالم آخر« ونسوا أن هناك قارات أخرى لها التزامات تعاون حيالها، لذلك فإن أكبر خطأ ارتكبته هذه الدول التي أسقطت جدار برلين، والأنظمة الاشتراكية هي أنها قررت بجرة قلم تحويل كل الاستثمارات الضخمة التي كانت موجهة الى شمال افريقيا وغيرها من البلدان الى هذه الأنظمة الجديدة، وهذا لعدة اعتبارات منها رخص اليد العاملة، وضعف الرسوم، وتوفير الأسواق. وما يزال هذا القرار المنحاز يلحق الضرر الكبير في كافة الجهات من المعمورة، بالإضافة الى كل تلك الاستثمارات الضخمة فإن العديد من تلك الدول ما تزال تنقل مصانع بأكملها الى الدول الشرقية »سابقا« تهربا من بعض الاجراءات الضريبية التي تسن من حين لآخر في بلدها الأصلي. الدول الغربيةوالولاياتالمتحدة أرادت أن تغير تلك البلدان ديكورها السياسي والاقتصادي من خلال ادخال العناوين الكبرى منها التجارية خاصة، وتحول كل شيء الى بازار ضخم، كل العلامات موجودة في هذه البلدان، ولم يعد هناك أي اشكال مع هؤلاء سياسيا، إلا مع روسيا حاليا التي تريد فعلا أن تفرض وجودها كقوة على أكثر من صعيد، وهذا من خلال تفادي التبعية وانتهاج سياسة الندية، خاصة مع بروز مد يساري قوي في أمريكا اللاتينية بقيادة فنزويلا وبوليفيا، بالاضافة الى كوبا، هذا ما جعل النظرة الأمريكية تراعي هذا التوجه الجديد بالرغم من اعتبار هذه القارة وكرا لمخابراتها، حيث تحت غطاء شركة »أي.تي.تي« الالكترونية أسقطت الرئيس الشيلي بالفادور أليندي في السبعينات. وحال العلاقات الدولية اليوم مجحفة في حق الدول الطموحة