اتصالات الجزائر تضمن استمرارية خدماتها يوم 1 ماي    عقب شبهات بعدم احترام الأخلاق الرياضية :غلق ملف مباراة اتحاد الكرمة - مديوني وهران    نجم المانيا السابق ماتيوس يؤكد أن بايرن ميونخ هو الأقرب للصعود إلى نهائي دوري الأبطال على حساب الريال    حوادث المرور: وفاة 38 شخصا وإصابة 1690 آخرين خلال أسبوع    عطاف يستقبل بالدوحة من قبل رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر    المجلس الشعبي الوطني: لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية تستمع إلى عرض لوزير الصحة    نظام إلكتروني جديد لتشفير بيانات طلبات الاستيراد    نحو إنشاء بنك إسلامي عمومي في الجزائر    طاقة ومناجم: عرقاب يستقبل المستشار الدبلوماسي لرئيسة الوزراء الإيطالية المكلف بخطة ماتي    شرفة يستقبل المدير التنفيذي للمجلس الدولي للحبوب    ملتقى وطني عن القضية الفلسطينية    أوسرد تحتضن تظاهرات تضامنية مع الشعب الصحراوي بحضور وفود أجنبية    المغرب: اتساع دائرة الهيئات المشاركة في احتجاجات الفاتح ماي تنديدا بسياسيات المخزن    المغرب: مركز حقوقي يطالب بوقف سياسية "تكميم الأفواه" و قمع الحريات    اليوم العالمي للشغل: مكاسب تاريخية للعمال الجزائريين والتفاف واسع حول المسار الإصلاحي    رئيس الجمهورية يُبرز الدور الريادي للجزائر    هل تُنصف المحكمة الرياضية ممثل الكرة الجزائرية؟    عهدٌ جديدٌ في العمل المغاربي    مشعل الشهيد تحيي ذكرى وفاة المجاهد رابح بطاط    الجزائر معرضة ل18 نوعا من الأخطار الطبيعية    درك بئر مراد رايس يفكّك شبكة إجرامية دولية    منح 152 رخصة بحث أثري في الجزائر    المجلس الأعلى للشباب/ يوم دراسي حول "ثقافة المناصرة" : الخروج بعدة توصيات لمحاربة ظاهرة العنف في الملاعب    عطاف يحل بالدوحة للمشاركة في الدورة الثالثة لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي/منافسة الأفلام القصيرة: أفكار الأفلام "جميلة وجديدة"    في انتظار ضبط تاريخ نهائي الكأس: تأخير موعد الجولة 25 لبرمجة مواجهتين مؤجلتين    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    ترقية التعاون بين "كوصوب" وهيئة قطر لأسواق المال    إجراءات للنهوض بفروع نقل البضائع والمسافرين والتخزين    مجلس الأمة يشارك في منتدى حوار الثقافات بأذربيجان    الاحتلال يفشل في تشويه "الأونروا"    سياسة الاحتلال الصهيوني الأخطر في تاريخ الحركة الأسيرة    هكذا يُمهّد الصهاينة لاجتياح رفح..    بهدف القيام بحفريات معمقة لاستكشاف التراث الثقافي للجزائر: مولوجي:منحنا 152 رخصة بحث أثري على المستوى الوطني    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    محرز يقود ثورة للإطاحة بمدربه في الأهلي السعودي    بلومي يُشعل الصراع بين أندية الدوري البرتغالي    شباب بلوزداد يستنكر أحداث مباراة مولودية وهران    "حماس" ترد على مقترح إسرائيل بوقف إطلاق النار 40 يوما    مفتشتان من وزارة الريّ بعنابة    اتفاق على ضرورة تغيير طريقة سرد المقاومة    إبراز أهمية إعادة تنظيم المخازن بالمتاحف الوطنية    منتخبو بلدية المحمدية ينهون حالة الانسداد    مصادرة 100 قنطار من أغذية تسمين الدجاج    إخماد حريق شب في منزل    لا أملك سرا للإبداع    الشرطة تواصل مكافحة الإجرام    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    استئناف حجز التذاكر للحجاج عبر مطار بأدرار    عنابة: حجز قرابة 30 ألف قرص مهلوس    سنتصدّى لكلّ من يسيء للمرجعية الدينية    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام جديد وصفحة جديدة
بقلمسلطان بركاني
نشر في الشروق اليومي يوم 08 - 09 - 2018

مع نهاية كلّ عام،وقُبيل بداية عام هجريّ جديد، يعود حجيج بيت الله الحرام من أعظم رحلة قادتهم إلى أطهر البقاع وأكرمها على الله، فيُذكّرون بهيئاتهم وأحوالهم ووجوههم المشرقة كلَّ من حولهم من عباد الله بحلاوة التّوبة والعودة إلى الله وفتح صفحة جديدة في الحياة.. إنّهلا أحلى وأروع أن يفكّر كلّ واحد منّا في حياة جديدة يبدؤها مع بداية عام هجريّ جديد، وهو يرى حجيج بيت الله العائدين إلى أهليهم قد تغيّرت أحوالهم وتبدّلت طباعهم وعاداتهم؛ يحثّون الخطى إلى بيوت الله ويسابقون إلى الصّفوف الأولى، ويرتّلون كلام الله، ويعمرون أوقاتهم بذكر الله.
ليس حجيج بيت الله الحرام هم وحدهم من ينبغي لهم أن يبدؤوا حياة جديدة بعد حجّهم، وليس الحاجّ وحده هو من ينبغي له أن يفتح صفحة جديدة من حياته.. كلّنا جميعا مطالبون بأن نبدأ حياة جديدة، ويفتح كلّ واحد منّا صفحة جديدة من حياته، وهو يتأهّب لاستقبال عام جديد.. المولى تبارك وتعالى لم يخاطب بالتوبة حجيج بيته الحرام وحدهم بل خاطب بها عباده المؤمنين جميعا، فقال جلّ من قائل: ((وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون)).. أبواب التّوبة مفتوحة -ولله الحمد- في كلّ وقت وكلّ ساعة وكلّ لحظة، لكنّ الحنّان المنّان جعل في أيام الدّهر محطّات تهبّ فيها النّفحات، ويجد فيها العبد مَنْ وما يذكّره بمصيره ومآله وبسنوات عمره التي انقضى منها الكثير وبموعد الرّحيل الذي لا يعلم متى يكون.
ساعات معدودة ويرحل العام الهجريّ التاسع والثّلاثون بعد الأربعمائة والألف، ليفسح المجال لعام هجري جديد.. يذكّر من تذكّر بعمر جديد وحياة جديدة، يبدؤها على أنقاض حياة عاشها في سنوات مضت وهو غافل عن الله والدّار الآخرة، لا همّ له إلا أن يتزوّد للدّنيا ويعمر الدّنيا ويعمل للدّنيا.. الآخرة بالنّسبة إليه كطيف يمرّ بمخيلته من حين إلى آخر من دون أن يهتمّ به.
حقيق بنا ونحن نستعدّ لوداع عام هجريّ آخر من عمر أمّة الإسلام ومن عمر كلّ واحد منّا، أن نجعل هذه السّاعات ساعات مراجعة ومحاسبة؛ يعدّ فيها كلّ واحد منّا سنوات عمره بعد البلوغ، وينظر ما الذي قدّمه فيها لدنياه؟ وما الذي قدّمه في المقابل لآخرته؟ كم جعل من أعوام وأشهر وأيام وكم أنفق من أوقات، لأجل بناء المسكن والزّواج وشراء السيارة؟ وكم جعل من أوقات للصّلاة وقراءة القرآن وأعمال البرّ والخير؟
نعم أخي المؤمن.. في سنوات عمرك التي مضت، ربّما تحسّنت أوضاعك المعيشية، فوسّعت بيتك وبنيت طابقا جديدا، وجدّدت سيارتك، وزادت أرباح تجارتك، وزوّجت ابنك فلان وابنتك فلانة، لكن ماذا عن دينك؟ هل من جديد في علاقتك مع الله؟ عشرُسنوات أو عشرون وربّما ثلاثون أو أربعون سنة بعد البلوغ، ولا جديد في علاقتك مع الله؟ لا جديد في دينك؟ لا جديد في عملك للآخرة؛ بل ربّما زاد قلبك قسوة، وزادت روحك غفلة، وما عاد همّ الآخرة يشغل قلبك إلا قليلا.
في كلّ عام نزداد إقبالا على الآخرة وإدبارا عن الدّنيا، لكنّ قليلا منّا من يحاسبون أنفسهم ويتلمّسون حصادهم، فلماذا؟ لأنّنا لا ننظر إلى هذه الحياة الدّنيا بعقولنا وإنّما ننظر إليها بأهواء أنفسنا التي تغترّ بالدّنيا وتنسى الموت.. لو تأمّلنا حال الدّنيا بعقولنا لأدركنا أنّ الواحد منّا كلّما ازداد عمره سنة في العدِّ، نقصت من عمره سنة في الحقيقة،حتى ينفد العمر، ويحين الأجل، ونستقبل حياة أخرى تبدأ بالموت، هي الحياة الحقيقية التي تمتدّ إلى أبد الآبدين من دون نهاية.
رحيل عام ينبغي أن يذكّر كلّ واحد منّا بموعد الرّحيل عن هذه الحياة.. ويذكّره بالاستعداد لهذا الرّحيل، بمحاسبة نفسه ومراجعة حاله.. لعلّ الواحد منّا ما يزداد كلّ عام إلا بعدا عن الله وهو لا يشعر،و لعلّه قد مرضت نفسه ومات قلبه وهو لا يشعر.. المؤمن الكيّس الفطن يحاسب نفسه كلّ يوم، لكن على الأقلّ ينبغي أن يحاسب نفسه كلّ عام إلى أين يسير ويتّجه؟ ما من تاجر إلا ويحسب الحسابات مع نهاية كلّ شهر أو مع نهاية كلّ عام إن قصّر، وما من موظّف إلا وهو يحسب الحسابات مع نهاية كلّ شهر، لينظر كم تقاضى وكم أنفق وكم ادّخر.. فلماذا لا ننسى حسابات الدنيا وننسى حسابات الآخرة، مع أنّ الآخرة خير وأبقى؟
ساعات وينقضي عام آخر من أعمارنا، لم نشعر به كيف بدأ ولا كيف سينقضي.. لقد تقارب الزّمان.. فما يكاد الواحد منّا يفتح عينيه مع الفجر حتى يجد نفسه في آخر النّهار قد أوى إلى فراشه.. أصبحت الأعوام كالشّهور، والشّهور كالأسابيع، والأسابيع كالأيام.. الدنيا قد ارتحلت مدبرة، والآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكلّ واحدة منهما أهل؛ فيا ترى ممّن سنكون أنا وأنت أخي المؤمن؟ من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة؟ تأكّد أخي المؤمن أنّك كلن نعيش إلا عمرا واحداوحياة واحدة لا حياة بعدها إلا في الجنّة أو في النار.. فلماذا أخي المؤمن لا تنظّم حياتك؟ لماذا أنت مصرّ على أن تقضي هذا العمر الوحيد والأوّل والأخير في الغفلة عن الله والدّار الآخرة؟ إلى متى وأنت غافل عن الموت؟ إلى متى وأنت تلهث خلف هذه الدنيا التي استعدّت للرّحيل؟ إلى متى وأنت تضيّع الصّلاة؟ إلى متى وأنت لا همّ لك إلا قتل الأوقات؟ إلى متى وأنت تقارف المحرّمات؟ إلى متى وأنت تنظر إلى الحرام وتسمع الحرام وتأكل الحرام؟.. متى ستنظّم حياتك أخي المؤمن؟ متى ستبدأ الاستعداد للموت؟
أخيرا، لا ينبغي للواحد منّا أن يكون قصارى همّه ترقّب بداية العام الهجريّ الجديد ليحظى بيوم يرتاح فيه من العمل، وإنّما ينبغي له أن يهتمّ بنهاية عام وبداية عام جديد ليحاسب نفسه، ويجدّد وينظّم حياته ويصلح أخطاءه ويصحّح مساره، ويخرج ما عليه من حقوق لله ولعباد الله، من زكاة وديون وأمانات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.