لم تعد تفصلنا إلا بضع ساعات عن اللقاء المصيري للمنتخب الجزائري في طوغو، من أجل تفادي الإقصاء من كأس أمم إفريقيا أمام منتخب يبحث عن مجده الضائع منذ أن حقق مفاجأة من العيار الثقيل منذ 12 سنة، عندما تأهل إلى كأس العالم في ألمانيا التي لُعبت في صائفة 2006 ولم يخيّب أنصاره عندما ظهر بوجه مقبول، ويضم هذا المنتخب لاعب من الطراز العالمي يدعى إيمانويل إديبايور الذي لعب لكبار العالم، ومنهم ريال مدريد ومانشستر سيتي وتوتنهام وأرسنال وموناكو وحقق الكثير من الألقاب والإنجازات، وهو ليس في سن متقدمة جدا كما يظن الكثيرون، بل إنه في ربيعه الرابع والثلاثين. تعتبر طوغو من أهم بلاد غرب القارة الإفريقية، بالرغم من مساحتها الصغيرة التي لا تزيد عن 56 ألف كلم مربع، ويقطنها قرابة السبعة ملايين و900 ألف نسمة، يحدها من الشمال بلد لم يسبق له وأن فاز بكأس أمم إفر يقيا ولم يشارك أبدا في المونديال وهو بوركينا فاسو، ومن الجنوب الخليج الغيني، ومن الشرق بلاد غير كروية ولكنها مرشحة بقوة للتواجد في الكان القادمة وهي بينين، أما في الغرب فيحدها بلد كروي بامتياز ليس في القارة السمراء فقط، وإنما في العالم، وهو غانا وتطل، على الخليج الغيني الذي منحها امتيازا سياحيا هاما. وتعتبر طوغو من البلاد الفقيرة في العالم وهي من البلدان التي مسحت الجزائر ديونها، بسبب عدم مقدرة البلاد باقتصادها الضعيف من الالتزام أمام دائنيها، وهي لحد الآن لا تمتلك سوى مطارين على أراضيها، وتعتبر اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية في البلاد مما يجعل المنتخب الجزائري وطاقمه الفني لا يعانيان من هذه الناحية اللغوية، أما من حيث الديانة ف 9 بالمئة هم من البوريتيستونت و6 بالمئة من السكان هم كاثوليك و15 بالمئة مسلمين، ونصف السكان من دون ديانة أو من الذين يتبعون الدينات الإفريقية القديمة. ويعتبر تأهل طوغو إلى نهائيات كأس العالم في ألمانيا 2006 من أكبر المفاجئات المدوية في عالم الكرة، أصحاب القميص الأصفر والتبان الأخضر حققوا المعجزة مع مدربهم الحالي كلودلوروا الفرنسي، وفي نفس المونديال حققوا أحسن ترتيب عالمي لهم في تاريخهم وهو 56 عالميا، وتحقق هذا الحلم بلاعبهم الأسطوري أديبايور الذي سجل في تصفيات مونديال ألمانيا، 11 هدفا حلقت بطوغو عاليا. ولا تكاد طوغو تمثل أي رقم في عالم الرياضة فهي لا تمتلك سوى ميدالية أولمبية برونزية حصل عليها الرياضي بنجامين بوكبوتي في دورة الصين لسنة 2008، ولأن طوغو بلد المفاجئات فقد بلغ أحد رياضييها الدورة الأولمبية الشتوية وشارك في التزحلق على الثلج من خلال تربصاته في أوربا بالرغم من أن طوغو لا تعرف الثلج إلا من خلال المشاهدات التلفزيونية. طوغو هو بلد لا يمكن إطلاقا مقارنته بالجزائر خاصة من حيث الثروات الطبيعية التي تزخر بها الجزائر، ومن حيث المساحة والقرب من أوروبا وحتى من حيث كرة القدم، فأحسن لاعب في المنتخب أديبايور لا يمكن في الوقت الحالي وهو يلعب مع فريق تركي متواضع، مقارنته بأربعة عشرة لاعبا جزائريا يشاركون حاليا مع أنديتهم في دور المجموعات من منافستي رابطة أبطال أوربا وأوربا ليغ، وإذا كان طوغو قد بلغ نهائيات المونديال مرة واحدة، فإن الجزائر شاركت في المونديال أربع مرات ولها أندية عديدة توجت باللقب القاري ولها لاعبين أحرزوا الكرة الذهبية الإفريقية وهم بلومي وماجر ومحرز. أما اللاعب أديبايور فهو حالة فريدة في طوغو فمرتبه يفوق 5 ملايين أورو سنويا، وهو لاعب اجتهد بنفسه وطوّر مستواه في العاصمة الطوغولية لومي، التي ولد فيها قبل أن ينتقل إلى ماتز الفرنسي في سنة 2001 حيث طرق باب الاحتراف، ونجح أيما نجاح، ليصبح من أهم لاعبي القارة على مرّ العصور. ب. ع
