هناك فئة تتحكم في الكون ليس من مصلحتها ان تنمو الاشياء نموا طبيعيا كما تنمو الخلائق كلها.. فهذه الفئة تتعيش على الحروب والخراب سواء كانت هذه الحروب بين بلد واخر او كان التخريب داخل البلد الواحد. ونكاد لانرى بلدا في العالم بدون مشكلات حدودية ماعدا اوربا التي خرجت من اللعبة كذا كندا التي تتبع في السياسة امريكا وسوا هذا "العالم الحر" تئن دول العالم لاسيما في بلادنا العربية وعالمنا الاسلامي من ازمة رهيبة قائمة على الشك وسوء الظن والمؤامرة بين كل دولة وجارتها وعند استعراض الخريطة نكتشف كم هي المأساة في أمة ناداها الله سبحانه ان تتعبده بالوحدة.. وفي هذه الحروب البينية تنفق ثروات البلاد وتسفك دماء عربية ومسلمة ويخرب العمران وتنتهك الحرمات. ومن ينجو من صراع مع الجيران يفتعلون له اشتباكات داخلية ينفخون في اوصالها حتى تصبح هي الفتنة المركبة التي يصعب اكتشاف سبيل الخروج منها.. وذلك كله تحت دعاوى ظاهرها حلو وباطنها مر كالعلقم.. ما يجري الآن على حدود باكستان والهند مثال واضح كيف يتم الزج ببلدين نوويين الى اشتباكات قد تصل الى مراحل خطيرة وذلك لدفعهما الى مزيد من النزف لاسيما وهناك ارادة امريكية باعادة ترسيم الخريطة السياسية في المنطقة على ضوء الانسحاب الامريكي الظاهري من افغانستان. ان كانت اوربا وهي الاستعمار القديم الذي أورثنا المشكلات وزرع فيها بذور الفتن الا اننا لم نبذل من الجهود ما يكفي لنزع الفتائل وتطهير الثقافات وتطويق الروح الجاهلية والدفع بالناس الى مصالحهم الحقيقية من خلال برامج تكاملية في المنطقة تحميها من التبعية والتوسل. العالم كله اليوم ماعدا اوربا وامريكا في اشتباكات عنيفة اما بين دوله او بين الشعوب وحكوماتهم.. وهنا بالضبط نكتشف ان هذه الحالة هي مصلحة حياة استراتيجية لكبار الدهاقنة الدوليين الذين يسيطرون على اقتصاد العالم.. ففي ظل هذه الاشتباكات يتم بيع الاسلحة ونهب الثروات وقتل امكانيات استقلال بلدان عالمنا الاسلامي وهنا يصبح واضحا ان بناء الثقة بين دولة وجارتها او بين شعب وحكومته انما هو السبيل الانجع للخروج من الازمة وتحرير الارادة وتقوية المسار التنموي. ان الوصفة السحرية التي تطال ارواحنا ومجتمعاتنا بالتخريب هي غياب صوت الحكمة والعقل والانشغال بالتهريج والضوضاء والخضوع لمنطق العامة فنخسر مرتين مرة بهدر امكاناتنا واعمارنا ومرة بانقلاب تركيب المجتمع حيث يصير المثلث على رأسه. صوت العقل والحكمة والوعي يجب ان يعلو حازما وقويا لكي نضع حدا لكل مآزقنا وقضايانا.. انها فرصة بعد ان راينا كم هم الكارثة في السير في وصفتهم السحرية.. فلا اقل من التدبر والبناء على الحرص على البيت والامة .. تولانا الله برحمته.