بترشحها لرئاسيات 2014 تكون الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، قد حطمت الرقم القياسي للشخصيات التي تقدمت لخوض المعترك الرئاسي في الجزائر، إذا استثنينا الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، حيث ترشحت حنون لرئاسيات 2004 وكررت ذلك في 2009، وأصرت على الترشح لثالث مرة عام 2014، كما أنها المرأة الوحيدة في الجزائر والوطن العربي التي ترشحت لمنصب رئيس الجمهورية. ولدت حنون في 7 أفريل 1954 ببلدية الشقفة بريف ولاية جيجل المحافظ، من عائلة فلاحية بسيطة، انتقلت في عز الثورة التحريرية إلى مدينة عنابة رفقة عائلتها، أين نشأت ودرست بها، وتشبعت حينها بالفكر التروتسكي الاشتراكي المتطرف، خصوصا بعد عملها بمطار عنابة وانخراطها في النضال النقابي بذات المؤسسة. وعرف عن حنون نضالها النسائي من أجل ما تصفه "تحرر المرأة من القيود"، والمساواة بين الرجل والمرأة في المسؤوليات والنضال وغيرها، وخصوصا عند اشتغالها في قطاع التعليم كمرحلة أولى، لتتولى النضال النقابي في مطار عنابة بعدها. وبرزت لويزة حنون كمناضلة نشطة بداية سنوات الثمانينات من خلال المنظمة الاشتراكية للعمال، ولكن نضالها كان في السرية نظرا لطبيعة نظام الحزب الواحد، وتسبب نضالها "المخفي" في دخولها السجن، عام 1983، كما كان مصيرها الاعتقال لبضعة أيام، خلال مظاهرات أكتوبر 88.
من سانتيجيديو إلى البحث عن الرئاسة انخرطت لويزة بعد إقرار التعددية في مسعى تأسيس حزب عمالي ذو توجه اشتراكي وفق أفكارها التي تشبعت بها، وهو ما كان خلال شهر جوان 1990 أين انعقد المؤتمر التأسيسي لحزب العمال، الذي ترأسه مصطفى بن محمد، وشغلت حنون صفة الناطق الرسمي باسم حزب العمال، الذي قرر مقاطعة تشريعيات ديسمبر1991 التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، كما أنها وطدت علاقاتها بمنظمة الوفاق الدولي للشعوب والعمال خلال هذه الفترة. بعد توقيف المسار الانتخابي ضمت حنون صوتها لصوت المعارضين للعملية، وانخرطت مباشرة في جلسات سانت إيجيديو بايطاليا المناهضة لتوقيف المسار الانتخابي رفقة شخصيات تاريخية بينها، حسين آيت أحمد عبد الحميد مهري وعبد الله جاب الله وأحمد بن بلة وعلي يحيى عبد النور وغيرهم، توّجتها بمقاطعة رئاسيات نوفمبر 95 التي فاز بها اليامين زروال. عادت لويزة حنون مجددا إلى الساحة السياسية من خلال تشريعيات 5 جوان 1997، وصارت نائبا بالبرلمان عن حزب العمال، وتحوّلت خلالها إلى الآمر الناهي داخل الحزب رغم وجود رئيس له هو مصطفى بن محمد، الذي فضل البقاء بعيدا عن الأضواء، والملاحظ أن حنون لم تخرج من تحت قبة البرلمان إلى اليوم، حيث تقضي حاليا عهدتها الرابعة، حيث انتخبت كنائب في تشريعات 2002 كذلك و2007 و2012. في مطلع الألفية الجديدة تحوّل نضال حنون إلى مناهضة الامبريالية والهيمنة الأمريكية وكانت حلقة بارزة في المظاهرات المناهضة للغزو الأمريكي البريطاني على العراق سنة 2003، وكانت محل ضرب مبرح في ساحة البريد المركزي على خلفية مسيرة غير مرخص لها، وهو نفس العام الذي تحوّلت فيه إلى الرقم واحد في الحزب بصورة رسمية، وتقلدت منصب الأمين العام إلى يومنا هذا. وتحوّلت نضالات وجل مداخلات حنون إلى تحذيرات من مؤامرات أجنبية تحاك ضد الجزائر وتدخل أجنبي عسكري وشيك، فضلا عن عدائها الشديد والمعلن للشركات المتعددة الجنسيات التي تصفها ب"الأخطبوط".
أنا لست "أرنوبة".. في العام 2004 أعلنت حنون عن ترشيحها من طرف حزب العمال لخوض معترك الرئاسيات، وكانت بذلك أول امرأة في الجزائر والوطن العربي، تترشح لهذا المنصب، ورغم كل ما قيل عن النتائج المحسومة مسبقا لصالح الرئيس المترشح بوتفليقة، ورغم كل النعوت التي وصفت بها هي وباقي المترشحين وخصوصا وصف "أرنب سباق"، أبدت حنون مقتا وكرها شديدا لعبارة "أرنب سباق رئاسي"، إلا أن بنت الريف الجيجلي، أصرت على الترشح رفقة بن فليس وجاب الله وسعيد سعدي ورباعين، ولم تحصل سوى على 100 ألف صوت ما يمثل 1 بالمائة. كررت حنون العملية في رئاسيات 2009، وقررت خوض السباق رغم أنها كانت من بين المصوتين في البرلمان على تعديل الدستور الذي أتاح للرئيس تعديل المادة 74 التي فتحت المجال أمام بوتفليقة للترشح لعهدة ثالثة، وكما كان منتظرا كانت الهزيمة حليف حنون بنسبة 4 بالمائة من الأصوات بمجموع 600 ألف صوت. لم تخف لويزة حنون يوما موقفها من قانون الأسرة الذي تعتبره في كل مرة ب"الظلامي"، وبرزت نضالاتها من أجل إلغائه أو على الأقل تعديله منذ إقراره سنة 84، وكانت من أكبر الداعمين للتعديلات التي طرأت عليه سنة 2004. وخلال العهدة الثالثة للرئيس بوتفليقة برز على وجه الخصوص صراع لويزة حنون مع المجلس الإسلامي الأعلى وجمعية العلماء المسلمين والأحزاب الإسلامية، بخصوص قضايا الإعدام واللائكية "فصل الدين عن الدولة" وغيرها، ووصل التنابز بالألقاب أشده بعد وصف حنون للطالبين بتطبيق عقوبات الشريعة الإسلامية، ب "الرجعيين" وبأن العقوبات تعتبر"وحشية".
حساسية مفرطة من الربيع العربي بعد تفجر أحداث ما يوصف ب"الربيع العربي" ظهرت بوادر حساسية مفرطة من حنون تجاه تلك الأحداث، واستغلت أبسط كلمة لها للتحذير من مغبة الوقوع في الفخ، كون ما حدث في الدول العربية ليس ثورة أصيلة، وإنما امتداد لمكائد الامبريالية الأمريكية الرأسمالية، وكانت صدمة حنون أكبر بعد الإعلان عن نتائج تشريعيات ماي 2012 التي جاءت في عز أجواء ومظاهر "الربيع العربي"، متهمة السلطة بمصادرة أصواتها ومقاعدها وبذر الرماد في العيون بخصوص إصلاحات "الغرفة المظلمة"، التي كانت ربحا للوقت بعد أحداث السكر والزيت. وعادت حنون هذه المرة من خلال الانتخابات الرئاسية ل 17 أفريل، حيث قررت الترشح "كاستجابة لرغبة الحزب ومؤسساته"، رغم أن منافسها الأول هو نفسه الذي كان في رئاسيات 2004 و2009، والذي انهزمت ضده بالضربة القاضية، بل ودافعت عن حق بوتفليقة في الترشح، ولم يصدر منها يوما تصريح أو تعليق بخصوص ترشح الرئيس في ظل حالته الصحية الحالية.