كشفت الوجوه، التي تجاوبت أمس مع مبادرة حزب جبهة التحرير الوطني، "التقدم في انسجام واستقرار"، والتصريحات التي أدلى بها أمس أيضا، رئيس حزب الحركة الشعبية، عمارة بن يونس، أن جبهة الموالاة التي دعّمت الرئيس في العهدة الرابعة، لم يعد لها أثر في المشهد السياسي، وإن أكد رموزها أنهم يقفون جميعا خلف الرئيس. ولم يجد عمار سعداني من الوجوه السياسية التي دعمت العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، سوى رئيس حزب تجمع أمل الجزائر "تاج"، عمار غول، والوزير المنتدب السابق للجالية، بلقاسم ساحلي، الذي يرأس حزب التحالف الجمهوري، أما الحليفان الآخران، التجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية، فقد قررا التغريد بعيدا. وإن أكد التجمع الوطني الديمقراطي، على لسان أمينه العام، في أكثر من مرة، أن دعمه للرئيس بوتفليقة ثابت ومبدئي ولا يمكن أن يتأثر ب "حرب المبادرات"، المندلعة بينه وبين الأفلان، حتى لا يفهم موقفه هذا خطأ من جهة ما، إلا أن التصريحات التي أدلى بها وزير التجارة السابق، وهو أحد أبرز الوجوه السياسية المحسوبة على هذا التكتل، تؤكد أن حلفاء الأمس لم يعد هناك ما يجمعهم. وعندما يهاجم عمارة بن يونس أصدقاءه السابقين (خاصة سعداني وأويحيى)، ويقفز إلى الجهة المقابلة، داعيا منتخبيه إلى التصويت في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، المرتقبة الشهر المقبل، على مرشحي جبهة القوى الاشتراكية، ويؤكد قبله أويحيى في رد سابق على سعداني أن لكل مبادرته، ويرد الأخير على الرجل الأول في "الأرندي"، متهما إياه بالبحث عن تحالفات ضيّقة لإحكام قبضته على الحكومة، فهذا يعني أن "العرس قد انفض"، كما يقول المثل الشعبي السائر. ويستشعر من يراقب الوضع السياسي، وبالأخص التكتل الداعم للرئيس في الأشهر، أن "الفسيفساء السياسي" الذي لطالما انصهر في بوثقة واحدة (التحالف الرئاسي صيغة 2014)، فقَدَ جهة ما كانت تحرص من خلف الستار، على انسجام المجموعة في المواقف والتصريحات. ولو توقّف موقف عمارة عند دعوة منتخبيه إلى التصويت على مرشحي حزب من غير الداعمين للرئيس، لاعتبر الأمر مجرد موقف تكتيكي من حزب سياسي يبحث عن تموقع في منطقة حساسة بالنسبة إليه، أما أن يصل الأمر حد مهاجمة حليفيه السابقين (الأفلان والأرندي) والدفاع بطريقة ضمنية عن مجموعة ال 19 - 4، فهذا يعني من بين ما يعنيه، أن وزير التجارة السابق بدأ يحلّق في المنطقة الرمادية. ومعلوم أن جميع الأحزاب الداعمة للرئيس، في صورة كل من "الأفلان" و"الأرندي" وحزب "تاج" والتحالف الوطني الجمهوري، قد التقوا جميعا عند مهاجمة ال 19 - 4، واعتبروها مناورة يائسة للتشكيك في قدرة رئيس الجمهورية على أداء مهامه الدستورية، ما يعني أن "الحركة الشعبية" شكلت الاستثناء في هذا التكتل السياسي. وكان عمارة بن يونس قد لاذ بالصمت لأشهر، بعد إزاحته من الجهاز التنفيذي في التعديل الحكومي الأخير، وخلال تلك الفترة شهدت البلاد أحداثا كثيرة غاب موقف "الحركة الشعبية" عنها، وهو ما دفع بالكثير من المتابعين إلى القول بأن الحزب بصدد مراجعة موقفه من السلطة، التي لفظته، وهي من المبررات التي عادة ما تدفع بالسياسيين إلى ركوب موجة المعارضة، لأن السياسة لا تؤمن بالعمل من دون مقابل.