وزير التجارة العماني يثمن حرص رئيس الجمهورية على توطيد العلاقات مع سلطنة عمان    تطوير الخدمة العمومية : إبراز دور الجامعة في توفير الحلول الرقمية    السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي:عرض حول تطبيقات "ميكروسوفت" في مجال الذكاء الاصطناعي    تيبازة.. تخرج 14 دفعة من المدرسة العليا للإشارة    رئيس الجمهورية: المؤسسات الصناعية مدعوة لرفع نسبة الادماج الى ما لا يقل عن 50 بالمائة    قال إنها لا تحتاج إلى إعادة النظر فيها، بن طالب:الجزائر تملك منظومة ضمان اجتماعي متكاملة    ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة: آن الأوان أن يكف الاحتلال المغربي على نهب ثروات الشعب الصحراوي    إبادة غزة..إسرائيل تقتل 19 فلسطينيا بينهم منتظرو مساعدات    الدفاع الجوي الإيراني: إسقاط أزيد من 130 طائرة مسيرة للكيان الصهيوني منذ بداية العدوان    مجلس الأمن الدولي : الملف النووي الإيراني..الجزائر تجدد نداءها لوقف فوري لإطلاق النار والعودة الى المفاوضات    ملتقى ملاقا الدولي: مشاركة اربعة جزائريين في المنافسة    النواب يصادقون على قانون الاستغلال السياحي للشواطئ..مداحي: الجزائر تملك مؤهلات لتكون وجهة سياحية إقليمية ودولية    المدية : 24 ألف طفل يستفيدون خرجات سياحية إلى المسابح والشواطئ    البليدة : برنامج توعوي لفائدة مستعملي الطريق    إبراز الدور الهام للسينما في خدمة الثقافة الحسانية    رئيس الجمهورية يجدد التزام الجزائر بتقوية التعاون الطاقوي الإفريقي    الدورة ال16 للجنة التنمية الاجتماعية: الحماية الاجتماعية وسيلة لتعزيز المساواة    مراد يشرف على تنصيب لجنة التحقيق في حادث ملعب 5 جويلية    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع نظيره الموريتاني سبل توسيع آفاق التعاون الثقافي بين البلدين    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    انطلاق عملية فتح الأظرفة الخاصة بالمزايدة    مزيان يستقبل وزير الثقافة والاتصال الموريتاني    أطول أزمة لجوء في العالم    خارطة طريق لتحسين تسيير النفايات    مولوجي تستقبل وزيرة عُمانية    حادث ملعب 5 جويلية: بتكليف من رئيس الجمهورية، وفد وزاري يقدم واجب العزاء إلى عائلات الضحايا    مولودية الجزائر بطلا للمرة التاسعة    نتمنى تحقيق سلام عالمي ينصف المظلوم    الجزائر تُعرب عن بالغ قلقها وشديد أسفها    الضربات الأمريكية على المنشآت الإيرانية "منعطف خطير في المنطقة"    دعم الوساطة المالية غير المصرفية بتطوير كفاءات التمويل    "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025: مخطوطات تاريخية ثمينة وكتب تبرز أصالة وثقافة الشعب الصحراوي    لا حل للملف النّووي الإيراني إلا النّهج السياسي والمفاوضات    أولمبيك مرسيليا يقدم عرضا لدورتموند من أجل بن سبعيني    خزان مائي بألفي متر مكعب هذا الصيف    سلطة الضبط تدين تصاعد الخطاب الإعلامي المضلّل ضد الجزائر    استزراع 3 آلاف من صغار سمك "التيلابيا"    بداية مشجعة لموسم جني الطماطم الصناعية    الرئيس إبراهيمي يريد جمعية عامة هادئة ودون عتاب    علامات ثقافية جزائرية ضمن قوائم الأفضل عربيّاً    فتح باب المشاركة إلى 20 أوت المقبل    قصة عابرة للصحراء تحمل قيم التعايش    الزمالك يصر على ضم عبد الرحمن دغموم    الجزائر - روسيا.. بحث سبل التعاون في الشأن الديني    مناورات ميدانية لمكافحة الحرائق بسكيكدة وجيجل    العاب القوى: انطلاق البطولة الوطنية للمسابقات المركبة بالمضمار الخاص (ساتو) بالمركب الاولمبي    افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول التعارف الإنساني وأثره في إرساء العلاقات وتحقيق التعايش    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    بلايلي يكتب التاريخ    اتحاد العاصمة يغرق    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة الجذور، الفن والرؤية عند الشاعر ممدوح السكاف.. - الجزء الأول
علي الصيرفي/سوريا
نشر في الأيام الجزائرية يوم 02 - 08 - 2009


1 - أين توجد أسس الشعر؟.
وكيف يمكن أن يتعامل الشاعر مع هذه الأسس؟..
وهل من الصعوبة أن يتصوّر الشاعر غيظ الوساوس التي تزيد من عذابه، حيث يصارع بكل ما لديه من قدرات وإرادة، وأحيانا ترتد صراعاته زجاجا محطما ضدّ فكرة تعود بوصفها قوة لا تقهر.
والشاعر المميز «ممدوح السكاف» يعمل في هذا المجال، وخير دليل على ذلك "قصيدة الجذور" التي يصنع كلماتها ويأمل أن تكون المنفذ من خلال طقوس يقوم بها، ومن خلال حركات فنية خارجية أو خفية، حركات تدل على الدخول في العمق واصلة حتى الجذر وتأكيد الغضب، ورفض الرداء الموسوم بالقهر وسموم الموت والاعتقاد بالظفر..!
لا اعتراف أو رعاف للمصير
وكان يحرك نابض الإعصار
يا نابضا لهوفا من جني التذكار
كانت في منارته يواقيت المحار
تغط هاجعة على سيف رصيف
من صدى التيار
إنه يتحدث عن الفكرة الثابتة في الشعرية عن قوة تعيش في ساحة الشعور عنده، إنه الإحساس ضمن المجال المفتوح أمامه، والوحيد الذي يتلمس هذا اللامعقول الكثير الوقوع على أرض الواقع في صحراء ترمده، وانسيابات انفعالاته المرهفة، إنه يبحث عن يقين عقلي ومعرفي يستبعد منه الأفكار المعبأة بالترهل والخزي، حيث أن تنوع المؤثرات تثير عذاباته وهو يستعمل النفحة الشعرية في البحث عن مخارج لظروف كثيرة تبرئ ساحة الشعور عنده، فهو لا يكشف عن قاطع طريق يكذب أو متهم لم يرتكب جرما، بل يناقش مشكلة الوجدان الحر، وهو يحترم رفضه للكثير من الموجدات، حيث يحق للشاعر أن يتظاهر بما ليس فيه، وهو حق من حقوق حريته، فاستعماله لكل المعطيات القديمة، والتواصل مع الأجداد من خلال ذلك المورث الرائع والصور والرموز البعيدة الغور، تبدو كأنها ضرب من الإرث المتوافر عنده والموجود في عمق ثقافته المتنامية دون تمييز في جدلية صوفية عميقة الرؤية، فكل كلمة لها معنى عميق بالنسبة للأديب المبدع، وثقافته تكشف عن معرفته بالموروث، وكل الطرق التي ترعرع في أحضانها، فهو من موروث ناصع الرؤية والمفهوم، ويتربع في حقيقته ضمن طهر يتلازم مع انقسامات الإشكال وتوزع الزوايا، فكل شيء يحدث كما لو كان في أعماق الأجيال من ذكريات أجدادهم، فهو يستعمل هذا التراث في الصور ذاتها، والرموز العميقة المفهوم، لينتهي إلى حيث يعمل عقله الشعري في وصف الأشياء في أعماق الإنسان، فهو يؤثر في الظل والخلفية من شعورنا ولا يلبث أن يرتحل من مؤثر إلى آخر، فالمرأة ملهمة العبقرية عنده، وتعود إلى حقيقتها ووضوحها في شاعرية (الأديب السكاف) ويدرك حقيقة ارتباطها بالحرية ومدى حصانة هذه الحرية بوجود المرأة الهدف.
أو تذكرين الليل يملكنا بظلمته
ونملكه بضوءينا
استفاق العطر من ثدييك حين لمست
عصفورين أو قمرين
من عسل الشعاع
يشع في لغة على لغة الفراشة
هل نسيت كلامها السحري
يندف كالرذاذ على فمي
2- إنه يرى الشعرية هي الموضوع الأهم بالنسبة إليه، مثلما العالم هو موضوع للآخرين، فهو يدرك إحساسه كموضوع لرؤياه، لا بوصفه وجهة نظر يتكون بوجودها، بل يرى بأن شعره هو الموقف والإرادة والمنتهى، فمن هنا نراه يصبح مغتربا عن الموجودات التي تتحلل أمام ناظريه، فهو كبير في بعد رؤيته، يبتعد عن الدونية في المعطيات ويفكر بنظرة تحمل كل الجدية، فالوجدانية تجعله يميل نحو الارتباك والخجل من المقذوفات التي تسقط فوق الساحة الشعرية، فيرتفع عن تلك المهترئات وينأى بنفسه في خريف يأتي بعده سيل من الفكر، لتزهر به بساتين رياضه الشعرية الرائعة، فالأديب شاعر يعي معنى الكلمة على النحو الذي يكون المنسوب الذي يفصله عن الآخر، فهو يفلت من أن يكون موضوعاً لهذا الآخر، بل تجعله شاعريته يحل كل الخلافات العالقة مع غيره، حيث عليه أن يكون واعياً لكل ما يحيط به من علاقات، فالمتاهات الفكرية وعوالم الأسرار تخيم في كل مكان في عالمه، مما يخلق نطاحات كثيرة التنافر، تبرز في اكتشافات الشاعر لهذه العلاقات التي تفرض طابع التناقض المحيط به، حيث لا مهرب من التحوّل إلى التخيل، فهو يحاول الهرب نحو الحب، ومن خلال الحب يوزع إنسانيته للكل دون هوية أو انتماء، فصوفيته الرائعة التنقل تخلق منه عارفا يحمل أسرار الشعرية بقدسية العابد السالك طريق الترحال، وهل ننكر هذه الروحانية المملوءة بالإنسانية عند الشاعر، حيث نلمسها مجسدة به وهي لون من ألوان علاقاته الشعرية بالمعنى الضيق لهذه (الكلمة)، فالشعرية عنده هي حب يفهم من السياق، إنه حب العابد لكل المؤشرات المرموزة:
أسقط كالنبوءة في دنى مطر على مبشر.
يبشرهم يبشرهم
يبشرنا.
وأذيع من أنبائها
نبأ البيادر في قموحة عطفها..
أعطافها صبحا على عشاقها
ينضون عنها ثوب عافية
إنه أكثر الناس قلقاً، فهو يحاول أن يحافظ على الإنسان وحده لأنه مطلبه الأول والأعلى وأول ما يهتم به، فهو يرى الأفقر والأشد تألماً ولا يرى الأغنى والمنعم، فهؤلاء هم الغوغاء التافهون وهذا احتقار واضح لكل المعايير الأخلاقية التي يرفضها الأديب، وأما أولئك الذين يسيطرون على المصير الإنساني فهو يملك القدرة على امتطاء ظهورهم والتخلص منهم لأنهم يمثلون الفئة التافهة من التطلعات الإنسانية..
وما هجرت شواطئنا
قامت في مياه القرب
آجلها فعاجلها
صرير من أنين القيد
ينفض عن معاصمها
صدى صدأ صموت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.