رفع الجيش الإسرائيلي السرية عن خطة تم إعدادها قبل أكثر من 20 عاماً، ليكشف عن وجود نية إسرائيلية مسبقة لاحتلال بيروت والاصطدام بالقوات السورية في لبنان خلال اجتياح العام 1982، وأن القيادة الإسرائيلية حينذاك، وزير الدفاع أريئيل شارون، ورئيس الوزراء مناحيم بيغن، ورئيس أركان الجيش رفائيل إيتان، أخفوا ذلك عن الحكومة والمواطنين في إسرائيل. ولم يستوعب الوزراء الإسرائيليون أن القضاء على القوات الفلسطينية لن يتم إلا من خلال القضاء على القوة المدفعية لدى الفلسطينيين وذلك قبل الحديث عن ترحيل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورفاقه عن لبنان في إطار مخطط إسرائيل نظام جديد في الشرق الأوسط الذي شمل إسقاط الحكم الهاشمي وإقامة دولة فلسطينية في الأردن. وقالت صحيفة "هآرتس" أمس، إن الخطة أعدها ضابطان في الجيش الإسرائيلي وهما المقدم مائير مينتس، الذي قُتل في غزة في العام 1993، وضابط الاستخبارات العقيد المتقاعد إيتان كليمر، وكانت خطتهما مصنفة على أنها "سرية للغاية"، وتؤكد مجدداً على أن إسرائيل استعدت لاجتياح لبنان قبل وقت طويل من تنفيذها في جوان العام 1982. وتبدأ الخطة باستعراض خلفية تدخل إسرائيل في الشؤون الداخلية للبنان، وأن "إسرائيل وسّعت وعمّقت مساعدتها للمسيحيين في شمال وجنوبلبنان بالتزامن مع صعود حزب الليكود إلى الحكم"، وخاصةً بعد استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه، عيزر وايزمان. وكان وايزمان لخص في ديسمبر 1979 أهداف الحرب التي ستشنها إسرائيل ضد لبنان، باجتياح عام 1982، بقوله "يتم كسر وجود المخربين، أي المقاتلين الفلسطينيين، في جنوبلبنان والمنطقة الساحلية"، بينما الهدف الثانوي هو "التطلع إلى ربط الجَيب المسيحي الشمالي في منطقة جونية بمناطق الجنوب، وعلى طول الساحل ومحاولة إقامة حكومة لبنانية مريحة لإسرائيل". ورغم أن وايزمان لم يتطرق إلى الوجود العسكري السوري في لبنان، إلا أنه عقب تعليماته بلور الجيش الإسرائيلي الخطة العسكرية "أبناء الذوات" لاحتلال جنوبلبنان، في ظل توثيق العلاقة بين إسرائيل وبين الزعيمين المسيحيين الشابين بشير الجميل وداني شمعون. وأشار واضعا الخطة، مينتس وكليمر، إلى أنه خلال العامين اللذين سبقا الاجتياح "لم يجرِ أي بحث بمستوى وزير دفاع أو حكومة، حول أهداف الحرب أو العملية العسكرية في حال تطبيقها"، لكن "رئيس أركان الجيش وشعبة العمليات استغلوا هذا الفراغ من أجل توسيع أهداف الحرب وتغيير سلم أولوياتها". وفي 30 أكتوبر عام 1981، وضع شارون أهدافه من الحرب وهي "القضاء على المخربين وقواتهم ومقرات قيادتهم العسكرية والسياسي"، وأشار الباحثان في هذا السياق إلى أن الوزراء الإسرائيليين لم يستوعبوا أن القضاء على القوات الفلسطينية لن يتم إلا من خلال القضاء على القوة المدفعية لدى الفلسطينيين، وذلك قبل الحديث عن ترحيل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورفاقه عن لبنان، في إطار مخطط إسرائيل "نظام جديد في الشرق الأوسط"، الذي شمل إسقاط الحكم الهاشمي، وإقامة دولة فلسطينية في الأردن. ووثق الباحثان قول شارون لرئيس أركان الجيش إيتان إنه "نحن نتحدث مسبقاً عن أن الحرب تشمل بيروت"، وتم تخطيط الاجتياح بحيث يكون متدحرجاً لمواجهة أي رد فعل أمريكي. وكتب الباحثان أنه بعد دخول شارون إلى منصب وزير الدفاع، في أعقاب انتخابات العام 1981 "دخلت بيروت للمرة الأولى ضمن أهداف الحرب، وكغاية للهجمات". ووصف الباحثان اللواء إيهود باراك، الذي كان في حينه قائداً لشعبة التخطيط بأنه كان "تحت رعاية شارون وعميله" في هيئة الأركان العامة. ونقل الباحثان عن شارون قوله لقادة الفرقتين العسكريتين 36 و91، فرقة الجليل وفرقة الجولان، إن "الهدف الأساسي الملزم هو دخول بيروت"، وأنه "يوجد لهدف التدمير، في الجنوب، انعكاسات تتجاوز تحقيق الهدوء في شمال الجليل، وهو التمكن من التحدث مع السكان الفلسطينيين في المناطق التي تخضع لسيطرتنا "في الضفة الغربية وقطاع غزة"، الذين لن يكون بالإمكان التوصل إلى حوار معهم طالما يخضعون لتهديد منظمات المخربين" أي منظمة التحرير الفلسطينية.