البلاد - آمال ياحي - تسبب انتشار وباء الطاعون والحمى القلاعية في أوساط المواشي، هذه الأيام، في ارتفاع أسعار لحوم الغنم والبقر، على مستوى المذابح والقصابات، حيث سجلت هذه الأخيرة ارتفاعا ملحوظا رغم انخفاض الطلب عليها، وقد انتقلت عدوى ارتفاع الأسعار إلى الدواجن نتيجة إقبال المواطنين عليها. ورغم تأكيدات وزارة الفلاحة التحكم في الوضع الوبائي من خلال الإجراءات الوقائية، في انتظار وصول اللقاحات المقدر عددها ب20 مليون، غير أن هذه التطمينات لم تفلح في إقناع المواطن بالوثوق في نوعية اللحوم التي يأكلها، كما أنها فشلت في السيطرة على المضاربين الذين اغتنموا الفرصة من أجل رفع سعر اللحوم الحمراء، حيث شهدت القصبات التهابا في أسعار اللحوم الحمراء بسبب نقص العرض، حيث قفزت أسعار لحوم الغنم إلى 1800 دج. واستنادا إلى شهادات المواطنين، فإن الأسعار على مستوى المذابح ارتفعت بأكثر من 15 بالمائة بسبب نقص في عرض المواشي الموجهة للذبح، والغريب أن هذا الارتفاع في الأسعار تزامن مع انخفاض كبير في الطلب، حيث قاطع أغلب الجزائريين في هذه المرحلة استهلاك اللحوم بسبب ارتفاع أسعارها من جهة، وكذا بسبب التخوف من تأثيرات مرض طاعون المجترات الصغيرة، وكذا الحمى القلاعية على صحتهم إن استهلكوا لحوما يشتبه أن تكون مصابه بالداء. والغريب في الأسواق هذه الأيام، هو تأثر اللحوم البيضاء أيضا بالوباء الذي ضرب المواشي، حيث عرفت أسعار الدواجن من جهتها ارتفاعا قدر بحوالي 10 بالمائة بسبب كثرة الطلب عليها من قبل المستهلك الذي يحاول تجنب لحوم الأغنام والبقر واستبدالها بالدواجن، وهو ما جعل أسعارها ترتفع مقارنة بما كانت عليه في الأيام السابقة، مع توقعات بمزيد من الارتفاع كون شعبة الدواجن هي الأخرى تعاني العديد من المشاكل والفوضى، وأي زيادة في الطلب مبالغ فيها في هذه الفترة، قد يكون نتيجته ارتفاعا صاروخيا في الأسعار، كما شهدنا طيلة الأسابيع الماضية، حيث وصلت أسعار الدواجن إلى أكثر من 450 دج للكيلوغرام الواحد. من جهتها، دعت المنظمة الوطنية لحماية المستهلك إلى عدم اقتناء لحوم الأغنام، وتحديدا لحم الخروف، من الأسواق الفوضوية في الظروف الحالية مع انتشار طاعون الماشية والحمى القلاعية، بحيث يمكن أن يتعلق الأمر بلحوم "جيفة" مما قد يشكل خطرا على صحة المستهلك. ونصح رئيس المنظمة، الدكتور مصطفى زبدي، في تصريح ل "البلاد" بعدم اقتناء اللحوم الحمراء التي لا تحمل ختم البيطري، سواء تعلق الأمر بلحم الأغنام أو البقر، مشددا على ضرورة التزام الزبائن بالشراء من الجزارين النظاميين الذين تحمل لحومهم أوسمة الجهات البيطرية، والكفيلة بحماية المواطنين من أي خطر صحي. وبشكل مماثل، ينبغي توخي الحذر عند شراء لحوم الدواجن، التي ينبغي أن تكون حسب توصياته خاضعة للشهادة البيطرية، ما يؤكد سلامتها جميعا. وفي تعليقه على انعكاسات انتشار وباء طاعون المجترات الصغيرة والحمى القلاعية في العديد من الولايات، أشار زبدي إلى أن سعر لحم الغنم شهد ارتفاعا في الأيام الثلاثة الأخيرة عند جزاري الجملة تزامنا مع الاحتياطات التي اتخذتها وزارة الفلاحة لمنع تفشي الوباء على نطاق واسع، وذلك بإقرار جملة من الإجراءات، منها عدم السماح بتنقل الماشية داخل وخارج الولاية التي سجلت بها بؤر المرض إلا بترخيص من المصالح البيطرية، غير أن هناك فئة من المتحايلين الذين عمدوا إلى إخفاء قطعانهم حتى ترتفع أسعار اللحوم. وحسب المصدر نفسه، فإن ارتفاع أسعار اللحوم يخص العاصمة والمدن الكبرى التي لا تحمل الطابع الرعوي، حيث أن المذابح تجلب اللحوم من المدن المجاورة، وقد بلغت نسبة الزيادة في ثمن لحم الغنم حدود 10 بالمائة، أي ما يعادل 120 دج إلى150 دج. ورغم أن اللحوم الحمراء لا تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن، وليست في متناول فئات واسعة من المجتمع، فإن أي زيادة من شأنها أن تؤثر في ميزان العرض والطلب، وربما في عزوف أكثر عن شراء هذه اللحوم بسبب "شبهة " المرض التي تلاحقها هذه الأيام. يذكر أن وزارة الفلاحة، وبشأن الطاعون الذي ضرب المواشي والحمى القلاعية، قد قدمت تطمينات باحتواء الداء عن طريق التلقيح، وتعهد وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، عبد القادر بوعزقي، بتقديم تعويضات للموالين الذين تضرروا بسبب إصابة مواشيهم بطاعون المجترات الصغيرة، مؤكدا أنه يجرى تصنيع لقاح الحمى القلاعية بمخابر فرنسية في الوقت الحالي، كاشفا عن إصابة 2000 رأس غنم بالوباء منذ اكتشافه أول مرة، داعيا مربي الماشية والموالين إلى عدم تهويل الأحداث، إذ سيتم في ظرف شهر، اقتناء كميات كبيرة من لقاح مضاد للوباء، مشددا على ضرورة التزام الموالين بعدم نقل مواشيهم للأسواق خلال هذه الفترة.