مهم جدا، أن يحتفي الشعب ودولته، باسترجاع رفاة وجماجم الشهداء الذين دفعوا أرواحهم ثمنا لأجل حرية الجزائر، لكن لا ينبغي أن يكون هذا الاحتفاء على حساب قضايا جوهرية وعلى رأسها الدستور القادم. ما لوحظ أن تلاحما كبيرا حدث في موضوع الرفاة والجماجم، فالشعب والحكومة على قلب رجل واحد، إلا بعض شذاذ الآفاق من المرضى الذين لا يعتد بهم، في الاحتفاء بهؤلاء الأبطال وهم يعودون الى أرضهم التي جاهدوا في سبيل تحريرها، لكن لا أحد تساءل، هل وجد الشهداء جزائرهم كما كانوا يتمنون؟ وحتى نكون أكثر دقة، ماذا لو عاد هؤلاء الشهداء الى الحياة اليوم، هل كانوا مثلا سيقبلون بمسودة الدستور الحالية، أو بسيطرة الفرنسية على أرضهم مثلا؟ هذا يعني : أن الاحتفاء لكي يكون حقيقيا وصادقا، وجب أن يكون الجميع، دولة وشعبا، في مستوى تضحيات الشهداء، بأن يعملوا على اقتفاء آثار الشهداء والمحافظة على ميراثهم، في محاربة العدو التاريخي، وإلا كانت كل تلك المشاهد من التوقير والتبجيل، مجرد تمثيل ونفاق لا أكثر. كما يعني أن أفضل طريقة لتكريم هؤلاء الشهداء الذين تم استرجاع رفاتهم، وكذا باقي الشهداء الذين سقطوا في سبيل تحرير الجزائر منذ 1930 الى 1962، هو أن نجعلهم يكتبون بأرواحهم الطاهرة محتوى دستور الجزائر القادم، ما عدا ذلك، سيكون كل الذي يجري مجرد ضحك على الذقون، وبارود عراسي لا أكثر ولا اقل.