"الهند الحقيقية" التى لا تراها فى أفلام بوليوود

لا تتعجب عزيزى القارئ فحالك مثل حال ملايين المصريين والعرب ممن تربت فى نفوسهم صورة مغلوطة بعيدة تماما عن واقع الهند والهنود، بسبب جرعة الأفلام الهندية الزائدة التى يراها أغلبية الشعب المصرى فى الأونة الأخيرة بصفة شبة يومية، والتى تم تصوير أغلبها أساسا خارج الهند أو بداخل استديوهات داخلية لبيوت وقصور فخمة لتعطيك حقائق ومعلومات مغلوطة تماماً عن هذه الدولة التى تتكلف أفلامها ملايين الدولارات، بينما يقطن شريحة كبيرة من سكانها الشوارع ومنهم من يتوفى بفعل الفقر والمرض والبرودة القارسة.
أولا: شوارع الهند:
فى الهند وخصيصا فى نيودلهى العاصمة، سترى فى كافة الشوارع الفقيرة والغنية منها بوسط البلد وفى الأزقة والحارات النائمين على الأسفلت فى درجة حرارة أدنى من -2، كما تمتلئ الشوارع بروائح غير مألوفة، ويصعب على من لم يولد بالهند التنفس بصورة طبيعية فى الأيام الأولى له بسبب التلوث الشديد والعوادم المنتشرة بالجو، الأمر الذى دفع منظمة اليونسكو لوضع "تاج محل" أحد عجائب الدنيا السبع الشهيرة الموجودة بمدينة أغرا بالهند على رأس قائمة العجائب المهددة بالانهيار بسبب التلوث الشديد المحاط بها، كما تعم الفوضى وسوء السلوك المرورى البلاد بسبب التكاتك التى تمشى فى الشوارع الرئيسية حتى فى المنطقة الواقع بها الوزارات والبرلمان، فالتكتك هو بمثابة التاكسى الرسمى بالهند وعدم وجوده فى أى شارع شىء شبه مستحيل.
ثانياً: عادات وتقاليد هندية
بالتأكيد رأيت ابتسامة الهنود وأدبهم فى ضم أيديهم لتحية أى ضيف، ولكن هل رأيتهم وهم يبصقون؟، نعم إنها أسوأ العادات الهندية وأكثرها قزازة التى ستراها على مدار الساعة فى كل مكان بالهند، حيث ستسمع سيمفونية دائمة من أصوات البصق فى كل مكان بالشوارع يلحنها الكبار والصغار الرجال والنساء على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية، وقد تسببت هذه العادة السيئة فى فرض الحكومة لغرامات تصل إلى 200 روبية لمنع البصق بداخل خطوط المترو وفى المطارات وعدم إلقاء القمامة فى الشوارع والمواصلات والأماكن العامة، إلا أن هذا لم يمنع الشعب الهندى عن ممارسة هذه العادات دون تورع.
ثالثاً: عجائب وغرائب:
صدق من سماها بلد العجائب، ففى الهند تتواجد حالة غريبة من التعايش السلمى بين البشر والحيوانات، حيث ستمشى وبجوارك الأفيال وفوقك السناجب وعلى يمينك القرود وعلى يسارك البقر، وهذا فى العاصمة الأم، فما بالك بحال القرى والغابات؟، ولكن وبالرغم من ذلك سيلفت نظرك الطيبة التى يتمتع بها الهنود فى تقاسم طعامهم رغم قلته مع الحيوانات وبصفة خاصة الكلاب، كما يحاولون تدفئتها من برودة الشتاء داخل عششهم وبيوتهم البسيطة.
رابعاً: البيع والشراء مع الهنود:
إذا كنت سائحا وغير متحدث باللغة الهندية، فستقع فريسة لغش التجار لا محالة، فالألف روبية فى الهند تعنى 600 والخمسمائة تعنى 300 وأحياناً 200، فالتفاوت الكبير الذى ستجدة بين السعر الذى بدأ به البائع والسعر الذى ستشترى به السلع أمر يثير الدهشة والعجب، والقاعدة الأولى التى يجب أن تتبعها فى البيع والشراء هناك هى عدم الشراء أبداً من المرة الأولى، فالسؤال مرة واثنين وثلاثة وألا فلتتحمل الندم على الشراء بسعر مغاير تماماً للحقيقة.
أخيراً: السائحون فى الهند:
إحقاقاً للحق يذكر للشعب الهندى فى التعامل مع السائحين أنه متعاون جداً، تسأل عن اتجاه فيتجمع عشرة للإجابة، تطلب منهم تصويرك فتجد ألف يعرضون خدماتهم ويقولون لك رأيهم فى الصورة، وستجد العديد منهم ممن يطلبون التصوير معك دون سابق معرفة على سبيل الود والمحبة، الأمر الوحيد الذى ستتعجب له شعورك الدائم بنظر المحيطين لك لمجرد أن شكلك مختلف وفضولهم للنظر إلى ملابسك ومحاولة فهم كلامك والتعرف على أصلك وفصلك وسبب زيارتك للهند أساساً.
ولا شك أن الهند كدولة وحضارة بها العديد من المظاهر الجمالية والفنية الساحرة إلا أن الصورة كان يجب لها أن تكتمل بإظهار الوجه الآخر لبلد الأفلام الساحرة.