يعد قطاع النقل احد أهم انشغالات السواد الأعظم من سكان ولاية مستغانم لاسيما منهم الذين يقطنون خارج عاصمة الولاية رغم توفر عدد معتبر من الحافلات بالحظائر و التي تتوزع بشكل غير متكافئ بين المناطق ، فهناك خطوط مشبعة و أخرى تشكو من النقص و البقية تنعدم بها المركبات. «الجمهورية» تغلغلت في وسط القطاع من اجل استطلاع وضعية النقل بالولاية و البداية كانت بوسط المدينة و بالضبط بمحطة عين الصفراء التي تعرف يوميا حركة و نشاطا كبيرين ، حيث توصل إليها حافلات النقل التابعة للخواص و مؤسسة النقل العمومي ذات اللون الأزرق ، إلى جانب التواجد الوفير لسيارات الأجرة . ففي هذا المكان ، النقل متوفر و بكثرة و ما على الزبون إلا اختيار المركبة التي يرغب فيها للتنقل نحو أي وجهة يريدها ، سواء كانت داخل النسيج الحضري أو حتى خارجه نحو بلديات مزغران و حاسي ماماش و صيادة و خير الدين و غيرها . محطة عين الصفراء بدون محطات و رغم تواجد النقل بمنطقة عين الصفراء بالشكل الكافي ، إلا أن النقطة السوداء التي يعاني منها الركاب تتمثل في غياب تام لمحطات يأوون إليها لتقيهم من أشعة الشمس أو من الأمطار و ما يتعب الطاعنين في السن من النساء و الرجال هو الوقوف و انتظار قدوم وسيلة النقل لوقت طويل .هذا المشكل تسبب في نشوب فوضى بذلك المكان ، إذ تجد الركاب متجمعين في الأرصفة و الطرقات ينتظرون حافلاتهم ما يتولد عنه أحيانا ازدحاما للمركبات . يحدث هذا رغم أن هذه المحطة تتواجد بأمتار قليلة قرب مقر بلدية مستغانم التي لم تتحرك ساكنا إزاء الوضع. الركاب بمحطة عين الصفراء يهجرون الناقلين الخواص نحو الحافلات الزرقاء و ما يلفت الانتباه في محطة عين الصفراء كذلك ، هو إقدام عدد كبير من الركاب على التجمع أمام أماكن توقف حافلات مؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري لمستغانم طلبا للركوب فيها تاركين حافلات الخواص مصطفة في مواقعها تنتظر قدوم المسافرين على أحرّ من الجمر .و استنادا إلى شهادة بعض الركاب ، فان الخدمات التي تقدمها مركبات «ايتوزم» تعد جيدة و مرجعية فهي حسبهم واسعة و مريحة و لا تقبع طويلا في المواقف و المحطات و تستغرق مدة سيرها من موقف إلى آخر دقائق معدودة و محسوبة . إلى جانب سعر التذكرة المنخفض و هي كلها عوامل جعلت الركاب يهجرون حافلات الخواص التي تقدم حسبهم خدمات رديئة . سكان خير الدين و حاسي ماماش يتنفسون الصعداء و في ذات السياق ، عبر سكان بلدية خير الدين عن ابتهاجهم الكبير عقب إقدام مؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري على فتح خط جديد يربط بلديتهم بوسط مدينة مستغانم على امتداد 9 كلم ، لكنهم يطالبون بتخصيص حافلتين أو أكثر بما أن مركبة واحدة لم تعد تكفيهم . فيما شكر سكان «عدل» بحاسي ماماش مدير مؤسسة «ايتوزم» من خلال «الجمهورية» على استجابته لطلبهم بتمديد مسار الخط رقم 13 إلى غاية العمارات الجديدة ل«عدل» و هو ما أثلج صدورهم و حسب المدير بورقية فان المؤسسة تلقت طلبات عديدة من السكان لفتح خطوط جديدة و انه لا يمكن الاستجابة لكلها بما أن الحظيرة تحتوي فقط حاليا على 28 حافلة. الناقلون الخواص يتمادون في «تمريض» الركاب بالمقابل ، هناك بعض الأماكن التي لا تمر عليها مركبات النقل العمومي ما يضطر الركاب إلى أخذ حافلات الخواص من نوع «ايسيزي» و التي يتمادى أصحابها في انتهاج سياسة قانون الغاب على المسافرين ، من ذلك ، قضاء مسافة قصيرة في وقت طويل بسبب الانتظار المبالغ فيه في كل موقف تمر عليه الحافلة في مسارها بغية ملئها بأكبر عدد من الركاب دون نسيان توقفها الطويل عند نقطة البداية بالمحطة الرئيسية. و كمثال عن ذلك الحافلات التي تربط بمحطة عين الصفراء و المتنقلة صوب خروبة و صلامندر و مزغران و المحطة البرية الجديدة . و كذا الحافلات العاملة بخط حاسي ماماش نحو المحطة البرية القديمة بمستغانم و التي تعد محل شكاوى عديدة من سكان هذه المنطقة ، حيث بلغ الأمر بالسائقين و القابضين أن ينزلوا من الحافلات عند بعض المحطات من اجل اخذ سيجارة تاركين الركاب في المركبة ينتظرون و هم في قمة الغضب. عدم توحيد سعر التذاكر بين النقل الخاص و العام و من بين المفارقات التي استخلصتها «الجمهورية» من خلال معاينتها لوضعية النقل بمستغانم ، هو عدم توحيد سعر التذاكر ، عكس ما هو معمول به في الولايات الأخرى . فإذا كانت المؤسسة العمومية تفرض 15 دج كسعر التذكرة داخل النسيج الحضري لمستغانم و مزغران و 20 دج خارجه على غرار «عدل» حاسي ماماش و وريعة و 30 دج نحو خير الدين ، فان هذه الأسعار ليست هي نفسها عند الخواص ، بل تكون مرتفعة ، حيث يفرضون 20 دج للنقل داخل مستغانم و 25 دج خارجها . و العجب العجاب أن ثمن التذكرة من حاسي ماماش نحو مداخل بلدية مستغانم على امتداد 5 كلم فقط يبلغ 30 دج و سعر التذكرة بين مخرج حاسي ماماش و مدخل مزغران على مسافة 2 كلم يقدر ب 25 دج و هو ما أثار حيرة و استياء الركاب . يحدث هذا إلى جانب رفض القابضين تسليم المسافرين التذاكر في كل الحافلات الخاصة. مشكل انعدام النقل يطرح بقوة بالدواوير يشتكي سكان القرى و المناطق النائية المتواجدة بإقليم مستغانم من مشكل النقل الذي ينعدم في بعض الأماكن و يقل في أخرى و هو الأمر الذي جعل قاطني الدواوير في معاناة و غبن للحصول على وسيلة نقل تقلهم من مقرات سكناهم نحو وجهات مرغوبة و العكس. و من بين المناطق المتضررة نذكر قرى بلدية خير الدين كأولاد حمو و الرشايقية و كذا دواوير بلدية عين بودينار و السوافلية و النقمارية وتازغايت و سيرات و حتى عشعاشة و الذين لا يتوانون مضطرين للاستنجاد بسيارات كلونديستان مسددين مبالغ باهظة يوميا. وامتدت الأزمة لتمس أبناءهم التلاميذ المحرومين من النقل المدرسي و كثيرا منهم من يستسلم للمشي عدة كيلومترات من اجل الوصول إلى اقرب مؤسسة تربوية يدرس بها. بالمقابل هناك قرى تعد على أصابع اليد تستفيد من النقل منها المعايزية و البلايدية بحاسي ماماش و الدرادب بستيدية و سيدي فلاق بصيادة. بحث في فائدة النقل يوم الجمعة ظاهرة أخرى يشكو منها بعض سكان بلديات مستغانم و التي أصبحت عادة و هي انعدام النقل يوم الجمعة بسبب رفض أصحاب حافلات الخواص العمل في هذا اليوم و منهم من يغير خطه تلقائيا نحو سوق ماسرى الأسبوعي دون أن تكون له رخصة من مديرية النقل تاركين السكان يبحثون عن وسيلة تنقلهم نحو مستغانم لقضاء حوائجهم المختلفة خاصة الذين يريدون التوجه إلى المستشفيات. في حين تقدم بعض الحافلات على العمل بشكل محتشم صباح الجمعة و تخلد للراحة بعد الزوال و لا تجد من حركة سوى حافلات مؤسسة النقل الحضري التي توفر خدمة المناوبة في ذلك اليوم . أما عن حافلات «طويوطا» العاملة بالمحطة البرية القديمة نحو بلديات شرق مستغانم كبن عبد المالك رمضان و حجاج و سيدي لخضر و سيدي علي ، فإنها توفر الخدمة بشكل مكثف طيلة أيام الأسبوع من الصباح إلى غاية الساعة الرابعة مساء أين تقل تدريجيا ما يجعل المحطة مكتظة بالسكان في انتظار قدوم إحداها . حافلات جاءت من «العصر القديم» إلى جانب السلوكات السيئة التي يتصرف بها الناقلون الخواص ، هناك عوامل أخرى تساهم في تدني الخدمات بهذه الحافلات و هو اهتراء البعض منها بالداخل ، حيث لاحظت «الجمهورية» خلال ركوبها حافلة نقل من مزغران نحو مستغانم نوافذ مكسورة و لم يتم تغطيتها إلا بشريط لاصق لم يمنع دخول البرد لاسيما صباحا ، إلى جانب الكراسي غير المثبتة بالشكل الجيد ما يجعلها تتحرك بالجالسين عليها فضلا عن العطب بالباب الذي لا يفتح أوتوماتيكيا بل بالسحب باليد . كما هناك حافلات أخرى يفوق عمرها 15 سنة و تعمل بالشكل العادي رغم أن القوانين تمنع ذلك. ناهيك عن مركبات خاصة بالنقل ما بين مستغانم و الولايات المجاورة و التي تتواجد في حالة يرثى لها و كأنها جاءت من العصر القديم. يحدث كل هذا و مسؤولي مديرية النقل في سبات .