كانت الجزائر في سنوات بعد الاستقلال « مكّة الثوّار» نظرا للرصيد الثوري الكبير والسياسة المناهضة للامبريالية والاستعمار، وهو ما دفع بعديد من زعماء وثوّار العالم يتوافدون ويحجّون إليها من كل بقاع العالم لما ألهمته الثورة النوفمبرية للعديد من الثوار على غرار القائد الفلسطيني ياسر عرفات أو كما يحلو للبعض تسميته أبو عمار، والقائد الثوري الأرجنتيني شيغيفارا ونيلسون مانديلا، فيدال كاسترو والقائد الإفريقي الغيني، أميكال كابرال الذي قال عن الجزائر أنها «كعبة الثوّار» ... وغيرهم من الزعماء الذين ارتووا بالقيم الثورية النوفمبرية خاصة في فترة الرئيس الراحل هواري بومدين الذي ساهم في دعم الحركات التحررية في افريقيا بشكل خاص وعير العالم بشكل عام. « كعبة الثوار» عبر العالم وبعد سنوات من حضر المسيرات في العاصمة، تتحوّل اليوم إلى «كعبة لمسيرات سلميّة»، أبهرت العالم بأسره، مسيرات شعبية انطلقت في 22 فيفري المنصرم ولا تزال تتواصل إلى يومنا هذا ... خرج الجزائريون في ذات 22 فيفري بالعاصمة وكسّروا قاعدة الحظر أيّما تكسير، مسؤولون توالوا على الحكومة ورفضوا كسر الحظر على العاصمة، لسبب واحد وهو أنه كما قالها الوزير الأوّل السابق أحمد أويحيى «الجزائريون لا يعرفون التضاهر بالسلمية» أو كما قالها هو « ما تعرفوش تمشيو»، الجزائريون خرجوا وعرفوا كيف يستثمروا في مسيرات لا تزال لغايو اليوم تحقّق الانتصارات، جزائريون استلهموا من شيغيفارا ومن مانديلا وأبو عمّار وكابرال، وشهداء الجزائر الروح الثورية وعرفوا كيف يحقّقوا الأهداف... اليوم وبعد مرور العشرات من السنوات، خرج المواطنون ولا يزالوا يتظاهرون من أجل تغيير النظام وإنهاء كل ما كان له علاقة بالنظام السابق، بعد مرور 19 جمعة بعد جمعة ال 22 من فيفري الماضي وانطفاء لهيب المسيرات ببعض الولايات، يحجّ العديد من الجزائريين من عديد الولايات للعاصمة، من أجل التظاهر السلمي ومواصلة المسيرة لتحقيق المطالب، مسيرات بدأت بالمطالبة برحيل الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة ورفض ترشحه لعهدة خامسة تحوّلت بعد مرور الجمعات إلى مطالب برحيل الباءات الأربع والتي رحل منها باء واحد وهو رئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز ولا تزال الباءات الثلاث صامدة أمام تعنّت الشعب بشعار « يتنحّاو قاع». جمعة بعد أخرى تتحقّق النتائج في الواقع، وجوه وأسماء لم يسبق لها أن تداولت في أروقة المحاكم، اليوم تقبع بسجن الحراش، أحمد أويحيى، عبد المالك سلال، عمارة بن يونس، رجال أعمال من شاكلة، علي حداد، يسعد ربراب، محي الدين طحكوت، ملزي وأبناءه، الإخوة كونيناف مسؤولون بالإدارات العمومية ... وغيرهم كلهّم أطاح بهم شعب المليون ونصف مليون شهيد، قبلة الجزائريون اليوم هي البريد المركزي، وساحة الشهداء وساحة موريس أودان كانت قبلة الثوار ما بعد الاستقلال ... لا يمكن أن يكون هذا من صنع الصدف وإنّما الجزائر وجدت لتكون أرض لا تمشي فيها إلا أقدام الثوار وأقدام من صنعوا مجدها قبل وبعد الاستقلال، الجزائريون اليوم أصبحوا مضربا للمثل عبر العالم. نفتخر اليوم لكوننا جزائريين، ولأننا نعيش في أرض وطئتها أقدام الثوار عبر العالم ارتووا بقيم الثورة النوفمبرية ... نحن شباب اليوم لن نحيد عن مبادئ من صنعوا الثورة وسنعمل ونواصل مسيرة المليون ونصف مليون شهيد ... رمزية كبيرة تلك التي صنعتها العاصمة اليوم بعدما كانت « كعبة الثوار» عبر العالم ها هي تفتح أبوابها لأبنائها وبناتها عبر ال 48 ولاية من أجل تجسيد شعار «الجزائر حرّة ديمقراطية».