طوّق استقلال الجزائر سنته السابعة و الخمسين فتأتي الذكرى و الشعب الجزائري كله عزم و ثبات من أجل الوصول إلى تحقيق المبتغى ، المتمثّل في استرجاع سيادة الشعب في حكم نفسه بنفسه ، تقوده عزيمة الشباب الذين فجّروا انتفاضة شعبية لا تقلّ شأنا عن الثورة التي قادت الآباء و الأجداد إلى استرداد الاستقلال. ذكرى هذه السنة تختلف عن باقي السنوات التي مضت لأنّها تحلّ وسط جو مشحون بالأحداث التي أعقبت الانتفاضة الشعبية المندلعة في فبراير الماضي ، و التي تمّ بموجبها تطليق مرحلة من الحكم و السعي باجتهاد كبير لدخول مرحلة حكم جديد ، قوامها تغييّر النظام الجاثم على السلطة منذ عديد السنوات ، نظام يحمّله الشعب كل الاخفاقات و يطالب ذات الشعب بنظام جديد قوامه التطبيق الفعلي للحكم الديمقراطي و استرداد سلطة الشعب كما هو منصوص عليه في الدستور . تحلّ الذكرى بتعالي الأصوات في كل ربوع الجمهورية من أجل تنظيم أكبر مسيرة في الجمعة العشرين من عمر الانتفاضة السلمية للشعب الجزائري بكل فئاته و طبقاته، و تأكيد الالتحام بين كل فئات الجزائريين ، من المقاومة الشعبية إلى الثورة التحريرية وصولا إلى الانتفاضة الشبابية. 5 جويلية 62 – 5 جويلية 19 : الأرض واحدة و الشعب واحد ، شعب الأولى حقّق المراد و وصل إلى الهدف مخلّفا وراءه قوافل شهداء و يتامى و ثكلى و أرامل و أرض محروقة ، أمّا شعب الثانية فعلى العهد سائر و أتى بالإضافة ، فانتفض بغية التحقيق الفعلي لسيادة غير منقوصة أو يشوبها تدخل من داخل أو خارج ، بعد أن تغلغلت كل أنواع الدسائس و محاولات النيل من سيادة الجزائر و منجزات الشعب . وتتفق الذكريان و تتشابهان في عزيمة الشعبين و سيرهما على منهج و منهاج الأجداد و تأكيد شموخ الإنسان الجزائري في كبريائه و ذوده عن شرفه و كرامته مهما كان المتسلط ، سواء مستعمر أو نظام فاسد عمّر ثم بانت شوائبه و عيوبه و آن له أن يصحح أخطاءه بالعودة إلى الشرعية الشعبية بمعنى الكلمة و التطبيق . و لئن كان استقلال الجزائر قد صنّفه دارسون و باحثون تحت عناوين الأسطورة باعتبار الشعب قد تغلّب على أكبر قوّة استعمارية في القرن العشرين، فإنّ انتفاضة 2019 تأتي أيضا لاسترداد السيادة التي ضحى من أجلها الشهداء.. و تتشابه الذكريان حول الروح الوطنية التي تميّز كل فئات الشعب الذي لم ييأس منذ 1830 و لا يزال واقفا قوته الروح الوطنية و شخصيته المرتبطة بالأرض ارتباطا عجيبا ،كما أنّ المطلب في بعده البسيكولوجي واحد أيضا و ينبني على حب روح الإنعتاق و التمتّع بالحرية في كنف المسؤولية و السيادة .