لقد انتقلنا من نظام اشتراكي رفع شعار تحقيق العدالة الاجتماعية إلى نظام رأسمالي متوحش كما قال المرحوم رابح بيطاط في رسالة استقالته من رئاسة المجلس الشعبي الوطني فقد زينوا لنا اقتصاد السوق وأغرونا بمنافعه التي ذهبت في النهاية إلى الأقوياء الذين سخروا الدولة وثرواتها لفائدتهم وعلى حساب الطبقة الكادحة من العمال والموظفين والتجار الصغار والحرفيين فرفعوا الأسعار وأغلقوا المؤسسات العمومية وسرحوا العمال وقلصوا مناصب الشغل فزادت نسبة البطالة بين الشباب وضاعت الآمال وتبخرت الأحلام الوردية. لقد رفعوا دعم الدولة في البداية عن اغلب السلع الاستهلاكية وفرضوا الضريبة على القيمة المضافة التي عمت السلع والخدمات وراحت في كل سنة ترتفع لتصل إلى 20 بالمائة أو يزيد وشملت فواتير الهاتف والمياه والكهرباء والعمليات الجراحية والتحاليل الطبية والأشعة وإيجار السكن الاجتماعي المخصص للفقراء والمعدمين وقد وعدوا في البداية أن الضريبة على القيمة المضافة ستعوض الضرائب الأخرى كما هو الحال في بريطانيا لكنهم لم يفعلوا وزادوا قسيمة السيارات وأصبح المواطن مجبرا على دفع مجموعة من الرسوم والضرائب لان المتعاملين الاقتصاديين في مختلف القطاعات يرفعون سعر البضاعة أو الخدمة كلما ارتفعت الضريبة ولا يدفعون شيئا من جيوبهم وقد استفاد رجال المال والأعمال من امتيازات كبيرة جدا كالإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية والحصول على القارات بالدينار الرمزي والاستفادة من القروض البنكية بالدينار والدولار بدعوى تشجيع الاستثمار وكثيرا ما كان التحدث عن التهرب الضريبي الذي يتم في قطاع الأعمال الحرة ولكن مطرقة الحكومة تنزل بقوة على رؤوس العمال والموظفين المصرح بهم فهي تقتطع من أجورهم بشكل مباشر ومن المبلغ الخام الإجمالي ونسبة 26 بالمائة أي أكثر من ربع راتب العامل أو الموظف يذهب للضرائب ويستمر ذلك عند إحالته على التقاعد الذي لا يتعدى 80 من راتبه . وقد صرحت الحكومة السابقة في السنة الماضية أن نسبة الضريبة خارج المحروقات بلغت لأول مرة 70 بالمائة ولم يكن ذلك إلا من جهد الكادحين وعرقهم وبؤسهم وعلى حساب معيشتهم وقدراتهم الشرائية المتدهورة أصلا. لقد كان نظاما متعسفا فاسدا سيطرت عليه أقلية تنهب كل ما يقع أمامها وتلقي بثقل الأزمة الاقتصادية والمالية الناتجة عن سوء تسييرها على كاهل المواطنين وتدفع للأغنياء بسخاء وقد رفض البرلمان فرض ضريبة على الثروة وتلك قمة البؤس السياسي والظلم الاقتصادي. إننا لا ندعي علما في الاقتصاد والمال لكن الحقائق واضحة للعيان ولا تحتاج إلى علم فميزانية الدولة موضوعة على أساس حوالي 40دولار للبرميل ومع ذلك فان المواطن المغلوب على أمره يدفع 70 بالمائة من الضرائب المشكلة أن يجبر الضعفاء والمعدمون على الدفع ويعفى الأقوياء وهذا ظلم اجتماعي من الواجب تصحيحه. وقد بدأت حكومة بدوي تصحح الخلل برفعها المنحة السنوية للتمدرس من 400 دج الى 3000 دج ورفع المنحة الخاصة بالتلاميذ المعوزين من 3000 دج الى 5000 دج ونتمنى أن ترفع الغبن الضريبي عن العمال البسطاء.