أكد منظم الحرقة " م . م« للجمهورية أنَ رحلة " حرقة " تعتمد بالأساس على الاستعانة بصياد يقوم بشراء محرك من نوع " ياماها "، بطريقة قانونية من إحدى المؤسسات المختصة ببيع القوارب و يبيعه بعدها لمنظم الحرقة ، بعد مسح الرقم الخاص بالمحرك، ثم يقوم الصياد أو المنظم بشراء قارب جديد من مؤسسة مختصة أو قارب قديم من أحد الصيادين أو مالكي القوارب، مؤكدا لنا أن سعر القارب يتراوح ما بين 70 مليون سنتيم إلى 90 مليون سنتيم، في حين تتوفر المحركات بأسعار متفاوتة قد تتجاوز 200 مليون سنتيم، لكن غالبا ما يتم الاعتماد على المحركات التي تتراوح مابين 80 إلى 184 مليون سنتيم، وذلك حسب سرعتها ، فمنها ما تستلزم حوالي 20 ساعة للوصول إلى الضفة الأخرى ، و منها ما تسير بسرعة تمكنهم من الوصول خلال 4 ساعات فقط ... ويقول " م . م " أن منظم الحرقة يتكفل باقتناء القارب والمحرك، ما يكلفه دفع مابين 150 مليون سنتيم إلى 250 مليون سنتيم فما فوق، ويقوم بعد ذلك بتخبئته في منزل أو مكان غير مشبوه، لا يخرج منه إلا بعد تحديد موعد الانطلاق، عبر المعابر والممرات الهامشية نحو الشاطئ بعيدا عن الأعين، ثم يتم الاعتماد على مجموعة من مساعديه لجمع الراغبين في الحرقة ، وغالبا ما يصل عددهم إلى 25 شخصا يدفع كل واحد منهم مبلغا ماليا، ابتداء من 10 ملايين سنتيم إلى 50 مليون سنتيم ،مستغلين سذاجة الزبون الذي يجهل حقيقة أسعار سوق الحرقة، وهذه الأموال تسحب منها مصاريف العتاد، ويُدفع منها نصيب للمساعدين والمتصلين ب " الحراقة " الذين سبق وأن سددوا المال، و تركوا أرقام هواتفهم، و من ثمّ إيصالهم للموقع من خلال عبور طرق سرية ليلا، كما يتم أيضا دفع المال للمراقبين الموزعين عبر الطرقات و نقاط من الساحل ليلة الانطلاق ، إضافة إلى ثمن حوالي 10 دلاء من البنزين ، وفيما يخص المرشد فأكد محدثنا أنه يتقاضى أجره بالعملة الصعبة " الأورو " ، ويكون صيادا أو محترفا في قيادة القارب نحو الضفة الأخرى، بحيث يتقاضى ما بين 20 إلى 60 مليون سنتيم في الرحلة الواحدة ، والباقي من المال يكون بمثابة ربح لفائدة المنظم الذي يبقى بقريته لتنظيم رحلة أخرى. ويضيف محدثنا أن المرشد لا أحد يراه من الحراقة، إلا ساعة الإقلاع ، وإذا نجح في الوصول إلى برّ الأمان يذهب نحو بيت أحد أصدقائه باسبانيا، أين يقضي أسبوعا أو أكثر ببلاد الأندلس، إلى حين ترتيب طريق العودة السرية إلى أرض الوطن ، بعد أن يتخلى عن القارب على الساحل ، في حين يقوم بعض المرشدين بالمخاطرة والعودة إلى أراضيهم في نفس لحظة الوصول، رافضين التخلي عن العتاد الذي تفوق قيمته المالية 250 مليون سنتيم ، خاصة إذا لم تتجاوز مدة الوصول 4 ساعات، حيث يستغلون القارب في رحلة أخرى أو يدخلونه إلى السوق السوداء لعرضه للبيع أمام منظمي " حرقة" آخرين، و يعرف كل منظم حرقة ب« الرأس المدبر"، أما المُرشد فتبقى هويته مجهولة لدى "الحراقة"، إلى غاية ساعة الإقلاع ، وهو يعرف ب " القيد"، ويزعم أنه مجرد "حراق" ضمن المجموعة إذا ما فشلت الرحلة ، وتم ضبطه من قبل السلطات الأمنية، خوفا من عقوبة السجن. عتاد أكثر جودة وخطط لإنجاح العملية : يقول أحد المساعدين الذين تحدثوا إلى الجمهورية إن منظمي الحرقة باتوا أكثر خبرة بعض تنظيمهم لعدة رحلات، فصاروا يعتمدون على عتاد أكثر جودة و يمرون عبر طرقات سرية ينطلقون من نقاط مجهولة لدى الكثيرين ، كما أنهم صاروا يلجأون إلى طريقة جديدة ، وهي تبادل الحراقة مع " حراقة " آخرين من ولايات مجاورة وذلك بالتعاون مع منظمين آخرين، حتى لا يتمكن الحراق من كشف هوية المنظم في حالة فشل الرحلة ، بحيث يقول أحدهم : "ّ غالبا ما نتصل بمعارفنا المنظمين الناشطين بمستغانم أو ولايات أخرى، حتى من شرق البلاد، من أجل إعلامهم نعمهم بتنظيم رحلة قريبا ، وهم بدورهم يعلموننا بعدد الأسماء المسجلة لديهم ضمن قائمة السفر، فنطلب منهم أن يزودوننا بعدد معين لإكمال القائمة لدينا بعد أن سجلنا عددا من الأشخاص الذين نثق بهم كما يحدث العكس حين نبعث لحراقة من وهران نحو ولايات أخرى دون إخبارهم بالأسماء والاعتماد على المكالمات الهاتفية و التنقل بطريقة سرية، إلى غاية إيصالهم إلى نقطة الانطلاق، و يضيف ذات المتحدث: " بقائمتي حاليا 7 أفراد من ولايات مختلفة ، وقد اتصل بي صديقي من مستغانم مؤكدا أنه سيبعث لي قائمة بها 10 أشخاص من ولاية مستغانم ،في انتظار اكتمال العدد وانتظار الفرصة المناسبة و الجو الملائم للانطلاق.. " .