افتك المجاهد المرحوم الفريق قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي وافته المنية فجر 23 ديسمبر الماضي، عن جدارة واستحقاق لقب الشخصية الوطنية لعام 2019، وهذا بفضل مواقفه وقراراته التاريخية الحاسمة، التي حمت البلاد وجنبتها الدخول في أتون نفق مظلم، قد يعصف بها مثلما عصفت رياح الخراب بالعديد من الدول العربية، حيث استطاع فقيد الجزائر بنظرته الصائبة، وحنكته الثاقبة تسيير أزمة سياسية صعبة عاشتها الجزائر طيلة ال10 أشهر الماضية، ساد فيها الشك وسكن في نفوس الجزائريين القلق والريبة والخوف من انفلات الأمور وعودة سنوات التسعينيات المشؤومة، غير أن كل هذه السيناريوهات المظلمة والمخيفة، تبددت وتلاشت بفضل قيادة الجيش الوطني الشعبي النوفمبرية الحكيمة، التي راعت المصلحة العليا للوطن، واعتمدت في رؤيتها الاستيراتيجية السديدة، ضرورة مرافقة آمال وطموحات الشعب الشرعية، الذي خرج في 22 فبراير الماضي، مطالبا بحياة كريمة ومناديا بإقامة جمهورية جديدة قائمة على دولة الحق والقانون. ولعمري أن قرارات المؤسسة العسكرية الرشيدة وعلى رأسها الفريق قايد صالح، قد مكنت الجزائر من الخروج سالمة معافة من محنتها التي ألمت بها، حيث وبفضل نية قيادتها الصادقة وإخلاصها لرسالة الشهداء، رافقت مؤسسة الجيش الحراك الشعبي، ودعت إلى تشكيل لجنة حوار تطرح فيها جميع المقترحات والأفكار الداعية إلى تنظيم انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة، كما أصدرت قرارات صارمة، تمنع متقاعدي المؤسسة العسكرية من الترشح للانتخابات إلا بعد مرور 5 سنوات من تقاعدهم، والعمل على تشكيل لجنة مستقلة مهمتها الإشراف ومراقبة والإعلان عن الانتخابات الرئاسية، وهي التدابير التي أفرزت في آخر المطاف انتخاب السيد عبد المجيد تبون رئيسا جديدا للبلاد، في عملية سياسية شفافة ونزيهة، باعتراف المترشحين الأربعة، ولكن شاء القدر أن تتوقف مسيرة عمي صالح الحافلة بالقرارات، يوم 23 ديسمبر إثر نوبة قلبية مفاجئة، أدخلت الحزن والأسى في نفوس الجزائريين، الذين خصّوه بجنازة مليونية ستبقى خالدة في التاريخ. كما تميز عام 2019، بانتخاب السيد عبد المجيد رئيسا جديدا للبلاد، بعد انتخابات شفافة ونزيهة، أشرفت عليها ولأول مرة في التاريخ، سلطة وطنية مستقلة تحت رئاسة الوزير مآثر وإنجازات الأسبق للعدل محمد شرفي، حيث تعهد الرئيس الجديد ببناء جمهورية جديدة، تلبي رغبات ومطالب الحراك الشعبي، وتنهي مظاهر الفساد والتسيب واللاعدل، وتهتم بالشباب والكفاءات وتعطي أولوية قصوى لاقتصاد المعرفة والتصدير وعدم الاعتماد على الريع البترولي. وكان خطاب تأدية القسم فرصة لرئيس الجمهورية المنتخب عبد المجيد تبون، لإعلان مجموعة من القرارات التاريخية على غرار تعديل الدستور، وحذف كلمة " الفخامة " من اللقب الرسمي والاكتفاء فقط بالسيد الرئيس، فضلا عن محاربة البطالة وعدم العبث بالمال العام والتزام الجزائر بدفاعها عن عديد القضايا التحررية في العالم وأولها القضية الفلسطينية وتصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.. إلخ أما على الصعيد الرياضي، فكانت سنة 2019 حافلة بالإنجازات والتتويجات، التي كان صانعها الأول الناخب الوطني جمال بلماضي، الذي استطاع في ظرف وجيز إعادة الهيبة للمنتخب الوطني بعد سنوات من الهزائم والنكسات، ليتمكن بصرامته وانضباطه من إحراز النجمة الثانية في كأس إفريقيا التي احتضنتها مصر، بعد مشوار حافل بالانتصارات صنعه رفقاء محرز، في أرض الكنانة أدخلت الفرحة في نفوس الشعب الجزائري الذي انتظر تتويجا آخر بعد الذي تحصلوا عليه في 5 جويلية عام 1990. وفي الساحة الفنية فقد كانت 2019، سنة إنطفاء شمعة المطرب الكبير محمد العماري عن عمر ناهز 79 سنة، حيث رافق الراحل كبار نجوم الأغنية الجزائرية في سنوات مجدها، وأدى أغنيات علقت بذاكرة الجزائريين على غرار "جزائرية" و«رانا هنا"، كما مثّل الجزائر في عدة مواعيد دولية وعربية. وعرف الراحل بأسلوبه المميز في الغناء وكذا في الظهور، حيث شكل نجومية منفردة خلال سنوات الستينيات والسبعينيات، وكان صوته المميّز معروفا لدى غالبية الجمهور الذي حضر حفلاته أو تابعه عبر التلفزيون طوال سنوات.