لا يزال سكان حي 5 جويلية 1962 بأعالي مدينة مستغانم تحت الصدمة بعدما غادر 13 شابا "حراقا " منازلهم دفعة واحدة و ركبوا قوارب الموت متجهين إلى الضفة الأخرى ، و تتراوح أعمار هؤلاء الشباب ما بين 24 و 31 سنة ، حيث اتفق هؤلاء فيما بينهم على "الحرقة " يوم 29 أكتوبر 2019 انطلاقا من شواطئ عيزب وعمارنة شرق مدينة مستغانم ، لم يشعر أحد من أوليائهم أو ذويهم بتخطيطهم لمغادرة أرض الوطن بهذه الطريقة ، العربي بن شريف حسين ، بن بدرة عبد القادر ، زيتوني غانم و مونا محمد عينة من الأولياء الذين تفاجئوا باقتراف أبنائهم هذا الفعل غير المنتظر و قد أكدوا أنهم طرقوا كل الأبواب منذ شهرين و بدؤوا بوحدات خفر السواحل و الأمن الوطني و الهلال الأحمر الجزائري و الدرك الوطني و القنصلية الإسبانية بولاية مستغانم إلى غيرها من المصادر التي من الممكن أن تدلهم على أي خبر عن أبنائهم . في ظل عدم تلقيهم أي معلومات ظهرت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي "فايسبوك" زادت من قلقهم ، حيث وجد الفضوليون ضالتهم فراحوا يطرحون عبر الفضاء الأزرق أخبار اتضح مع مرور الوقت أنها كاذبة ، حيث كانت تشير تارة أن "الحراقة 13" دخلوا بسلامة إلى المياه الإسبانية وتارة أخرى أنهم هاتفوا ذويهم و أصدقائهم على أنهم في حالة صحية جيدة ، هذه الأخبار الكاذبة تسببت في مضاعفات صحية خطيرة لأولياء الحراقة و ذويهم كارتفاع الضغط الدموي وزيادة نسبة السكر في الدم و تزايد نبضات القلب ، القلق والإرهاق ما أفقد الكثير منهم معنى العيش . جريدة "الجمهورية" جمعت انطباعات بعض أولياء هؤلاء الشباب "الحراقة " و هم يتألمون بحرقة على فراق أولادهم . ----------------- انطباعات أولياء و أقارب الحراقة المفقودين 1 العربي بن شريف حسين والد الحراق عبد القادر "تلقينا أخبارا كاذبة عبر "فايسبوك" زادت من معاناتنا" يوم الثلاثاء 29 أكتوبر كنت منهمكا في صناعة السيارة ، فاقترب مني ابني عبد القادر و بعد لحظة قصيرة طلب مني أن أعتني بنفسي فأجبته أعتني بنفسك أنت وابحث عن عمل ، لم أقرأ رسالته جيدا قال "اعتني بنفسك" ، و و لما حلّ الليل لم يعد ابني إلى المنزل وانتظرته إلى أن تلقيت رسالة نصية بهاتفي تقول "اعتنوا بأنفسكم " و إلى غاية هذه الرسالة و أنا لم أصدق و لم أفهم ما يحدث واعتقدت أنه يمزح ، في اليوم الموالي اتصلت بأصدقائه الذين أكدوا لي أن ابني عبد القادر ذهب مع أصدقائه و امتطى زورقا نحو إسبانيا ، و بعدها بدأت تأتينا أخبار من خلال الفضاء الأزرق "فايسبوك" تقول بأن المجموعة التي غادرت سواحل عيزب وعمارنة وصلت إلى المياه الإقليمية الإسبانية بسلامة وهي في حالة جيدة وأخبار أخرى مطمئنة ، لكن لما اتصلت بمن وضع هذه الأخبار في الفايسبوك قال لي بأنه أراد فقط مواساة العائلات التي كان أبناؤهم على متن هذه الزوارق . ومنذ شهرين و نحن أولياء هؤلاء الشباب نبحث عن أبنائنا الذين لم يظهر لهم أثر بالرغم من أننا طرقنا كل الأبواب . 2 بن بدرة عبد القادر / والد امحمد "نحن في حيرة منذ شهرين " ابني امحمد كان عند جده ، فتناول وجبة العشاء بعدها تلقى مكالمة هاتفية من أحد أصدقائه ، فخرج على التو من المنزل ولم يظهر له أي أثر منذ تلك اللحظة ، في اليوم الموالي تلقت أختي مكالمة هاتفية على الخاص "privé" يقول صاحبها "خرجنا من المياه الجزائرية ودخلنا المياه الإسبانية" ، في هذه اللحظة فهمنا أن ابني موجود مع المجموعة التي غادرت بطريقة غير شرعية أرض الوطن ، لا أخفي عليك فرحنا بسلامتهم لكن في اليوم الموالي رحنا نطرق كل الأبواب بدءا بخفر السواحل و الدرك الوطني و الأمن والهلال الأحمر الجزائري دون معلومات تذكر باستثناء خفر السواحل الذين كشفوا لنا عن 3 "حراقة" ميتين . لم نتلق أي مساعدة من أي جهة كانت بالرغم من أننا قدمنا لكل الجهات أقراص مضغوطة و وضع فيها كل المعلومات وصور المفقودين ، بخصوص الهلال الأحمر الجزائري اتصلنا به من أجل أن يتصل بالصليب الأحمر الإسباني . للأسف لم تتحرك أي جهة ونحن اليوم بعد شهرين من اختفاء أبنائنا في حيرة من أمرنا ، كان ابني يمتهن مهنة سائق "طاكسي" في شركة خاصة وقد أوقف عن عمله قبل أن يختفي ، و للأسف ابني باع هاتفه وأغراضه مقابل مغادرته أرض الوطن بهذه الطريقة . -------------- 3 مونا محمد / أخ إبراهيم "نطلب العون من السلطات الجزائرية " آخر مرة التقيت بأخي إبراهيم كان في صبيحة يوم الثلاثاء ، حيث هيأ نفسه من أجل العمل لأنه كان يشتغل بناء ، شعرت بأن هناك شي ء ما لكن لم أتمكن من معرفته ، لا أنكر أنه حاول في عدة مرات مغادرة أرض الوطن بطريقة غير شرعية لكنه فشل في كل مرة ، بعد مرور يومين من اختفائه بدأت رفقة عائلات المفقودين نتحرك في كل الاتجاهات وانتقلت لدى وكيل الجمهورية الذي استقبلني ، حيث طرحت أمامه الملف لكن إلى اليوم لم يظهر أي شيء عن المفقودين ال13 الذين غادروا شواطئ مستغانم منذ يوم 29 أكتوبر 2019 ، ، بعثنا رسالة إلى والي ولاية مستغانم للتدخل وكذا مسؤولي القوات البحرية التي كانت في زيارة عمل بمستغانم ، هذه المأساة سببت لنا الكثير من الأمراض كما أنها كانت عاملا في تشتت العائلات . والدي المسكين هو اليوم في حالة يرثى له ، نطلب العون من السلطات الجزائرية لإنقاذ أبنائنا و ما هو أكيد أن هؤلاء الشباب لم يغرقوا في البحر لأن "الحراقة" الذين عادوا على غرار شباب حي موشتي أثبتوا لنا ذلك . 4 زيتوني غانم / والد زكريا "معلومات تقول أن أبناءنا في إحدى السجون الأجنبية" يوم 29 أكتوبر لما دخل ابني زكريا إلى المنزل شعرت أنه في حالة قلق و ارتباك وهذا من خلال حديثي معه ، لكنه طمأنني ، و لم أشعر و لو للحظة أنه كان في حالة تأهب للهجرة ، بعد صلاة العشاء حاولت أن أطمئن عليه لكنه لم يعد إلى المنزل العائلي ، في حدود الساعة 11 ليلا هاتفته لكن كان جواله مغلقا بقيت أهاتفه إلى غاية الساعة 2 صباحا ، بعدها اتصلت بصديقه الذي لم يرد هو الآخر ، في الصباح الباكر خرجت لأبحث عن ابني فاتجهت صوب منزل أحد رفقائه ، حيث استقبلني الأخ الأكبر لصديق ابني الذي أبلغني بأن هناك أقوال تشير أن أبنائنا خرجوا عبر زورق من شاطئي عيزب وعمارنة ، على التو اتصلت بالدرك الوطني ، و في يوم الخميس اتصل شخص لا أعرف و أبلغني بأن الشباب وصلوا ، و دخلوا المياه الإسبانية فحمدت الله لكن في المقابل لم نتلق أي مكالمة هاتفية تطمئننا و"لا خبر يريحنا "، و ما تأكدنا منه بعد مرور كل هذه الفترة أن هؤلاء الشباب موجودون في إحدى السجون الأجنبية لأنه لم يظهر عنهم أي أثر كما لم تلفظهم أمواج البحر بعد 60 يوما ، في المقابل هناك أخبار غير مؤكدة تفيد بأنهم اقتادوا من قبل سفينة أجنبية . ***************************