لقد أثارت تصريحات وزير التجارة حول تسويق أكياس الحليب , ردود فعل مختلفة , بين مؤيد و محايد و معارض بطبيعة الحال , رغم أن الأمر لا يحتاج إلى مثل هذه المواقف , بقدر ما يتطلب التحرك كل على مستواه و على قدر استطاعته , على إصلاح الوضع , ليس بخصوص مادة الحليب فقط و إنما بالنسبة لكل المواد التي تحظى بدعم الخزينة العمومية. و أيسر ما في طاقة كل مستهلك , هو ترشيد النمط الاستهلاكي لعائلته , إذ من غير المقبول دينا و اقتصادا الاستمرار في تبذير 130 مليون دولار سنويا , و هي قيمة كمية الخبز التي يرميها الجزائريون كل عام , و لا شك أن نفس المبلغ أو أكثر يهدر بتبذير مادة الحليب , إذ من المستبعد الإقرار بأن نصيب كل جزائري من الحليب المنتج في البلاد هو 147 لترا سنويا ؟ إلا في حالة ما داوم المستهلكون على شراء كمية تفوق حاجتهم اليومية , لتعرف طريقها بعد ذلك إلى شبكة الصرف الصحي , و هو سلوك لا نجد له "دليلا ماديا" مثلما هي حال الخبز.(علما أن هناك تصريحات لمستهلكين أكدوا من خلالها اقتناء 4أو 5 أكياس من الحليب دفعة واحدة رغم أن حاجتهم لا تزيد عن كيس واحد , مبررين ذلك بعدم التفرغ للشراء يوميا ؟ إن مثل هذه السلوكات الاستهلاكية , لن تنفع معها أية حملة لتنظيم السوق سواء كانت دائمة أو مناسباتية كما هي عادة السلطات العمومية , و بالتالي فإن سوء التشخيص يؤدي دائما إلى سوء العلاج , و التشخيص السليم للوضع أن الاستهلاك المفرط "للمواد المدعمة الأسعار" ناجم عن استمرار دعم هذه المواد "المبذَّرة" أي "دعم التبذير و المبذرين و المستفيدين منهما" , و لا بد لهذا النمط من الدعم أن يتغير, ليصبح الدعم موجها لمن هم في حاجة ماسة إليه , أي عبر منحة الدعم للقدرة الشرائية لعديمي أو محدودي الدخل , شريطة أن يتم إحصاء هؤلاء "بالقسطاس المستقيم".