مشهد واحد يتكرر مع حلول اليوم 18 من كل شهر وصورة وحيدة تشترك فيها كل مكاتب البريد الموزعة على ولاية وهران مع موعد صب المعاشات لمختلف الفئات ؛ هذا هو واقع حال المتقاعدين الذين يجدون صعوبة كبيرة في سحب منحهم بعد انتظار طويل قبل الوصول الى دورهم. لم تطلق مكاتب البريد بعد الطوابير الطويلة التي تزداد حدة في الفترة الممتدة بين اليوم 18 و26 من كل شهر ولم تودع هذه الهياكل الفوضى التي تلازمها قرابة الاسبوع لحين الانتهاء من عملية صب معاشات المتقاعدين، رغم التدابير الجديدة التي اعتمدت عليها مؤسسة بريد الجزائر مؤخرا . للشهر الثاني على التوالي ومنذ تبني الرزنامة الجديدة يبقى الازدحام يغلب على مكاتب البريد منذ ان تفتح ابوابها والى غاية الفترة المسائية، فعلى مدار عدة ساعات يضطر المتقاعدون للوقوف امام الطوابير دون ان يطرأ أي تغيير على وضعيتهم ومعاناتهم مع مشقة الحصول على منحة التقاعد . كابوس الانتظار والتزاحم لم تقض عليه لا جائحة كورونا ولا البروتوكول الصحي الذي فرضته الحكومة لتفادي العدوى وحماية المتقاعدين، حيث لا يزال هذا الالتزام غائبا بأغلب مكاتب البريد التي زرناها امس خلال الجولة الاستطلاعية التي قادتنا اليها تزامنا مع عملية الافراج عن منح التقاعد في هذه الفترة بالذات. البداية كانت من مكتب بريد سان شال باعتباره المركز الوحيد الذي يشهد اقبالا كبيرا منذ اليوم الأول من صرف المعاشات على اساس انه يتواجد بقلب مدينة وهران ويقصده اغلب المتقاعدين، ممن عجزوا عن الحصول على منحتهم بعد رحلة طويلة من نقطة لأخرى بحثا عن مركز تتوفر فيه السيولة . توافد كبير للمواطنين كانت الساعة الحادية عشر عندما اقتربنا من مكتب سان شال ورغم ان امس هو يوم عطلة إلا ان هذا لم يمنع من توافد آلاف المواطنين الذين وقع اختيارهم على هذا المكان دون غيره من المواقع خوفا من تكرر سيناريو غياب السيولة او انقطاع الانترنت وتوقف الخدمة قبل الموعد المحدد . وعند مدخل المكتب صادفنا مسنة لم تستطع الوقوف طويلا للازدحام الخانق وفضلت الجلوس قليلا لحين اقتراب دورها خوفا من العدوى، حيث اكدت ان مشكل السيولة لم يعد مطروحا مثلما كان في السابق باستثناء الضغط الذي لم تودعه بعد والذي يتجدد شهريا بكل المكاتب لدرجة انها اصبحت غير قادرة على تحمل هذه المعاناة . وحسب الوافدين على مكتب سان شال امس فإنهم تمكنوا من سحب منحتهم في نفس اليوم على خلاف الاشهر السابقة ولم يصطدموا حسبهم هذه المرة بنقص السيولة النقدية وعجز مؤسسة البريد في صب المعاشات مثلما كان مسجلا خلال الأشهر السابقة، حيث فرض عليهم الوضع بالنزول مبكرا وأحيانا قبل صلاة الفجر للظفر بالأماكن الاولى قبل تعليق عملية السحب بسبب نفاذ "الكوطة" المخصصة لكل مكتب وأحيانا اخرى الدخول في رحلة البحث عن مكتب يضمن لهم هذه الخدمة . صرف 1059 منحة في الفترة الصباحية من جهته أكد مصدر من مكتب بريد سان شال، أنه تم صرف 1059 منحة في الفترة الصباحية فقط والرقم مرشح للارتفاع امام الاقبال الكبير الذي تعرفه هذه الهياكل في الفترة الممتدة مابين 18 و 26 من كل شهر والتي تتزامن مع عملية سحب المعاشات بعد البرنامج الجديد الذي استندت عليه ادارة مؤسسة بريد الجزائر للتخفيف من الضغط وتسهيل المهمة على الاعوان والمواطنين على السواء الذين يدخلون في دوامة الشجارات في كل مرة وانطلاقا من نفس المعطيات فإن مكتب سان شال يسجل يوميا وفي هذه الفترة بالذات 1600 زبون مقابل 1200 في الايام العادية ويخصص 5 شبابيك للإسراع في تسوية الوضعية المالية للمتقاعدين خاصة ان العدد الهائل للمواطنين يتطلب تجنيد اكبر عدد من الاعوان وضخ "الكوطة" التي يحتاجها المركز حسب الطلب وحسب توقعات الادارة على اساس انه النقطة المفضلة لدى غالبية زبائن بريد الجزائر. والشيء الملاحظ والذي سجلناه بأغلب مكاتب البريد هو الغياب الكلي للإجراءات الوقائية والبروتوكول الصحي الذي ضبطته الوصاية من قبل، فلا احترام لشرط التباعد الجسدي ولا ارتداء الكمامة ولا حتى التدابير البسيطة التي من المفروض ان يلتزم بها المتقاعدون خاصة وأنهم الفئة الاكثر استهدافا وأكثر عرضة للإصابة بوباء كورونا من منطلق ان مناعتهم غير قادرة على محاربة الفيروس ما دام الوضع المالي وحاجتهم الملحة لهذه المنحة قد فاقت كل الاخطار والأضرار التي تتربص بهم .