غني عن البيان أن الأدب الوطني بمختلف أنواعه و أشكاله يلعب دورا مهما في بناء الهوية الوطنية من الناحية اللغوية و التاريخية و المخيالية ، فكل الشعوب تملك قصصا و"أساطير" بالمعنى الإيجابي ، تؤسس للحس المشترك و تسهم في انسجام الجماعة الوطنية و تعزز الانتماء الثقافي ، وتلعب المدرسة بصفتها مؤسسة تلقن عبر فضاءاتها المعارف و القيم الثقافية الوطنية منها والعالمية، دورا لا يستهان به. و لهذا نجد أن الأدب بصفته مخزونا للمعارف و القيم و كونه مليء بالقصص والبطولات والمواقف الإنسانية الرائعة يقدم النماذج للتلميذ فيسعى هذا الأخير للاحتذاء بها و محاولة انجاز ما أنجزته و تقديم ما قدمته من أعمال بطولية و تضحيات. و هذا النوع من المهارة، أي الثقافة الأدبية لا تمتلك إلا بالتردد على الأعمال الأدبية العربية و العالمية بصفة عامة وقراءتها، و منها الأدب الجزائري على وجه الخصوص، و الجدير بالذكر أن الهوية الجزائرية تتشكل و تبنى بتماثلها مع السياق التاريخي والسياسي للبلاد. فالجزائر التي عرفت مراحل تاريخية هامة في حياتها أو مسارها وذلك منذ العصور القديمة و العصور الوسيطة والعصور الراهنة، لا تلبث أن تلفت إلى الوراء لتتقدم نحو الأمام. فأدباؤها و مفكروها كثر و لا يمكن إحصائهم و الاهتمام بهم والاعتناء بهم إلا بذكرهم في كل الدعائم البيداغوجية لكي يرتبط التلميذ بجغرافيته و بتاريخه .. و لعل معاينة بسيطة لكتابين ضمن المقرر التعليم الثانوي و هما كتاب " المشوق في الأدب و النصوص و المطالعة " الموجه للسنة الأولى من التعليم الثانوي جدع مشترك آداب،(منشورات الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية)2007-2008.، و " الجديد في الأدب و النصوص و المطالعة" الموجه للسنة الثانية من التعليم الثانوي العام و التكنولوجي لشعبتي الآداب و الفلسفة (منشورات الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية) 2010- 2011 ، حيث نجد الكتاب الأول يذكر مراحل الأدب العربي من جاهلي و إسلامي (من صدر الإسلام إلى السنة 41 هجرية) و العصر الأموي، و يتضمن مجموعة من النصوص الخاصة بالمطالعة الموجهة و هي لكل من "بيتراند رسل" و" أحمد أمين "و " طه حسين ط و " العقاد سعد الله ونوس" و " أحمد شوقي" ، و هم أدباء عرب و عالمين ، باستثناء قصة قصيرة لأبي العيد دودو و نص من إعداد وزارة الإعلام و نص لجميلة زنير و هي من إنتاج جزائري. فهي قليلة بالمقارنة بما ورد في الكتاب وحتى مراحل الأدب العربي القديمة فلا يوجد مؤلف جزائري، بينما نجد أن العديد من الأكاديميين الجزائريين قد ألفوا في هذه الموضوعات و منهم عبد المالك مرتاض على سبيل المثال لا الحصر و كذلك العديد من الرسائل التي تمت مناقشها في الجامعة الجزائرية، كان بإمكان الاستعانة بها لتوجيه التلاميذ نحو الكفاءات الوطنية في هذا المجال. كما نجد الكتاب الثاني يعود إلى أغراض الشعر من مجون و زندقة و زهد، كما يتعرض لبعض القضايا الأدبية مثل التجديد و السخرية من القديم و كذلك النزعة العقلية في الشعر و غيرها من القضايا الأدبية، و باستثناء الفترة الرستمية التي يخصص له نص لبكر بن حماد و بعض النصوص لكل من أبي حمو موسى الزياني في الفترة الزيانية وبعض النصوص لأدباء من الأندلس و نص لابن بطوطة، فكل النصوص هي لمؤرخين و نقاد مشارقة من أمثال طه حسين و شوقي ضيف و محمد الغزالي و بخاصة في المطالعة الموجهة ...يتبع