“لا يغمض لي جفن، ليل نهار أُفكر بابني وأوضاع الأسرى الذين انقطعت أخبارهم منذ إلغاء الزيارات والمحاكم بعد تفشي فيروس “كورونا”، قالت “أُم ثائر”، من مدينة جنين، في مستهل حديثها عن نجلها الأسير ثائر حسين عصاعصة، الذي كان من المقرر عقد جلسة جديدة لمحاكمته الاثنين الماضي، ولم تصلها أيّ أخبار عن مصيره. وتقول أُم ثائر: “منذ اعتقاله، عُرض على المحكمة العسكرية في سالم 15 مرة، وكانت مقررة له جلسة خلال فترة العزل بتاريخ 24-3، ومُددت غيابياً حتى 5-5-2020، ومرّ اليوم بأكمله من دون أن تصلنا معلومات عن مصير محاكمة ابني”. وتضيف: “آخر مرة شاهدته فيها كانت خلال الزيارة في 3/ 2 /2020، وبعدها تم إلغاء الزيارات والمحامين والمحاكم بسبب فيروس كورونا”. وتتابع: “الخطر يتهدد حياتهم في كل لحظة، وحياتنا وجع وعذاب مستمران ونحن نفكر بأوضاعهم، وكيف تسير أمور حياتهم بعد سحب الكثير من حقوقهم، ونصلي لرب العالمين أن يحميهم ويحفظهم من كل مكروه”. وُلد ثائر قبل 18 عاماً في مدينة جنين، نشأ وعاش وتعلم بمدارسها حتى الصف العاشر، وتقول والدته: “قلبي حزين على فراق ثائر الخلوق والبار، صاحب القلب الطيب والحنون، وقد تحمل المسؤولية رغم صغر سنه وضحى ليساعدني برعاية أُسرتنا، فبسبب الظروف الصعبة لم يكمل تعليمه، كبر قبل أوانه وعمل في مهن مختلفة”. الاعتقال والتحقيق. . تروي الوالدة الأربعينية أم ثائر أن بكرها كان يكرس حياته لعمله وأُسرته التي عاشت صدمة كبيرة فجر تاريخ 4-2-2019، عندما اقتحم العشرات من جنود الاحتلال منزل العائلة، موضحةً أنهم حولوا منزلها إلى ثكنة عسكرية، وتوزَّع الجنود بين الغرف للتفتيش والتخريب، وفجأة عزلوا ثائر. وتقول أُم ثائر: “اقتادوه إلى إحدى الغرف، وبعد ساعة قاموا بتقييد يديه وانتزعوه من بيننا، فطول حياتي لم أتوقع رؤيته بهذا المشهد المؤلم”. وتضيف: “مرت الأيام بألم كبير ونحن ننتظر أخباره المقطوعة عنا على مدار شهرين، فيما احتُجز في زنازين التعذيب بسجن الجلمة، وتعرض للتحقيق والضغوط والعزل دون مراعاة صغر سنه”. المحاكم ورمضان دمعت عيناها لحظة مشاهدته مكبل اليدين والقدمين، ومحاصراً بالجنود خلال جلسة المحكمة في سالم، وتقول أم ثائر “فرحت كثيراً ، عندما علمت بنقله إلى سجن مجدو وانتهاء رحلة التحقيق، وترقبت موعد محاكمته، لكن الجنود منعوني من الاقتراب منه والحديث إليه، تمنيت أن تتوقف عقارب الساعة حتى أراه أطول وقت ممكن، لكنهم فصلوا بيننا، وأعادوه إلى السجن، وعدت إلى منزلي حزينة”. وتضيف: “ثائر كل حياتي، أفتقده في كل لحظة، لا سيما خلال الشهر المبارك، كنت أتمنى أن يكون بيننا ومعنا لنفرح بالشهر وطقوسه، لكن الاحتلال ما زال يمدد توقيفه وينتزع حريته”. وتُكمل أُم ثائر: “في كل جلسة يمددون توقيفه حتى نعيش على أعصابنا في انتظار المحكمة التالية”. وتختتم أُم ثائر حديثها ل”القدس” بالقول: “الدعاء الوحيد الذي أُردده في رمضان أن يُفرج رب العالمين كربه، وتنتهي هذه الأيام السوداء من حياتنا، ويعود ثائر إلى أحضاني، وباقي الأسرى إلى أحضان أُمهاتهم، ونستقبل العيد المقبل وقد أنقذنا رب العالمين من “كورونا” والاحتلال وسجونه”.