"المَلِك" اسم مِنْ أسماء الله تعالى الحُسْنى. و"المَلِك" عز وجل: بيده مقاليد كل شيء، وعنده مفاتيح كل شيء، ولا ينازعه في مُلكه منازع، ولا يعارضه فيه معارض، يتصرَّف في ملكه تصرُّف قادرٍ قاهر، لا مُعقب لحكمه ولا راد لقضائه.. ومُلك الله مُطْلَق، إيجادا، وتصرفا، ومصيرا، ومُلك المخلوقين نسبي، مآله إلى الزوال، قال الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (الرحمن:26:27). قال السعدي: "أي: كل مَنْ على الأرض، من إنس وجن، ودواب، وسائر المخلوقات، يفنى ويموت ويبيد ويبقى الحي الذي لا يموت {ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} أي: ذو العظمة والكبرياء والمجد، الذي يُعَظَّم ويُبَجَّل ويُجَل لأجله". قال الزجاج في "تفسير أسماء الله الحسنى": "الملِك": النافذ الأمر في ملكه، إذ ليس كل مالك ينفذ أمره أو تصرفه فيما يملِكه، فالمَلِك أعم من المالك، والله تعالى مالك المالكين كلهم، والملاك إنما استفادوا التصرف في أملاكهم من جهته تعالى". وقال الخطابي في "شأن الدعاء": "المَلِك هو التام المُلك الجامع لأصناف المملوكات". وقال الغزالي في "المقصد الأسنى": "المَلِك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود، ويحتاج إليه كل موجود، بل لا يستغني عنه شيء في شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في وجوده ولا في بقائه.. فكل شيء سواه هو له مملوك، وهو مستغن عن كل شيء، فهذا هو الملك مطلقًا". وقال ابن كثير: "(الملك) جل جلاله هو: المالك لجميع الأشياء المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة". وقال ابن القيم في "شفاء العليل": "إن من أسمائه: (المَلِك)، ومعناه المُلك الحقيقي ثابت له سبحانه بكل وجه." وقد ورد اسم الله تعالى "المَلِك" في الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومن ذلك: 1 قال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}(طه:114). قال الطبري: "{الْمَلِكُ} الذي لا ملك فوقه ولا شيء إلا دونه". وقال السعدي: "{الْمَلِكُ} الذي الملك وصفه، والخلق كلهم مماليك له، وأحكام الملك القدرية والشرعية، نافذة فيهم". 2 قال الله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}(المؤمنون:116). قال ابن عاشور: "اللَّهَ هُوَ الْمَلِكُ الَّذِي لَيْسَ فِي اتِّصَافِهِ بِالْمُلْكِ شَائِبَةٌ مِنْ مَعْنَى الْمُلْك. فَمُلْكُه الْمُلْك الكامِل فِي حَقِيقَتِه، الشَّامِلُ فِي نَفَاذِه". 3 قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ}(الحشر:23). قال السعدي: "هذه الآيات الكريمات قد اشتملت على كثير من أسماء الله الحسنى وأوصافه العُلى، عظيمة الشأن، وبديعة البرهان، فأخبر أنه الله المألوه المعبود، الذي لا إله إلا هو، وذلك لكماله العظيم، وإحسانه الشامل، وتدبيره العام، وكل إله سواه فإنه باطل لا يستحق من العبادة مثقال ذرة، لأنه فقير عاجز ناقص، لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا". 4 قال تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}(الجمعة:1). قال ابن كثير: "أي: هو مالك السماوات والأرض المتصرف فيهما بحكمه".