وزارة الشؤون الدّينية تحسم الجدل وتفتي بجواز فطر اللاعبين.. بوزيدي ل "الشروق" حسمت وزارة الشؤون الديّنية الجدل المثار حول إفطار الفريق الوطني والأنصار، خلال مباراتهم مع ألمانيا بإحالة من يطلب الفتوى في ذلك على أخرى قديمة للمجلس العلمي التابع لها بقيادة الشيخ أحمد حمّاني الذي أفتى للخضر سنة 1982 بالإفطار خلال مباراتهم مع ألمانيا في خيخون، إلا أنّ البعض تحفّظ على إمكانية تأخير بعض الأئمّة لصلاة العشاء والتراويح إلى ما بعد المباراة. أكّد عضو المجلس العلمي للإفتاء بوزارة الشؤون الدّينية والأوقاف، الدكتور كمال بوزيدي، أنّ مسألة جواز إفطار المنتخب الوطني والأنصار المرافقين لهم "مفصول" فيها من طرف وزارة الشؤون الدّينية، اعتمادا على فتوى سابقة بداية الثمانينات للمجلس العلمي التّابع للوزارة بقيادة الشيخ أحمد حمّاني رحمه الله، أوضحوا فيها بأنّه وتبعا للعب الفريق الجزائري سنة 1982 في مدينة خيخون الإسبانية التي تبعد على مقرّ إقامة الفريق بمسافة تقطع عنهم صفة الإقامة مع عدم بقائهم مدّة تزيد على أربع أيّام، فإنّ ذلك يبيح لهم الأخذ بأحكام المسافر من تقصير الصلاة وإفطار نهار رمضان، مؤكّدا بأنّ الواقعة هي نفسها اليوم تتكرّر في البرازيل من انتقال الخضر من سوروكابا إلى بورتو أليغري ما يجعل مسألة إفطارهم رخصة شرعية لا غبار عليها.
بوزيدي: شرعا يُمكن تأخير العشاء والتراويح في سياق متّصل، ذكّر الأستاذ بوزيدي بحديث النّبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: "لولا أنأشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه" الذي يبيّن حسبهاستحباب تأخير صلاة العشاء، وهو ما يؤكّد حسبه بأنّه يجوز للأئمّة من النّاحية الشرعية أنيؤخّروا صلاتي العشاء والتراويح إلى ما بعد مباراة الجزائر- ألمانيا حتّى يتسنى للمسلمينالتوفيق بين مشاهدة المباراة والالتحاق بالصلاة أو ما عبّر عنه ب"الجمع بين الحسنيين"ناسبا إلى المجلس العلمي للفتوى التابع لوزارة الشؤون الدينية أنّ هذه المسألة من النّاحية"النظرية" مفروغ من جوازها بل واستحبابها، إلا أنّ الأمر تنظيميا - يكمل بوزيدي- يبقىبيد الوزارة وهياكلها التي تملك وحدها حق إخراج الفتوى في قالب تعليمة توجّه إلى الأئمّةبما يوافق عليه جميع الأطراف.
بلمهدي: الإمام موظّف وعليه تأدية الصلاة في وقتها المعهود وقال الدكتور يوسف بلمهدي بأنّ الصلاة مرتبطة بوقتها لقوله تعالى: "إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَىالْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً"، كما أنّ الإمام موظّف في القطاع كباقي القطاعات في الدولة مايلزمه بأن يحافظ على أداء الصلاة في وقتها المعهود، مذكّرا بأنّ المسلمين خاضوا المعاركوالحروب لإعلاء راية الإسلام والدّين مع النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم فشرعت لهم صلاةالخوف للحفاظ على الصلاة في وقتها ولم تكن محل تأخير على حدّ قوله، داعيا الأئمّة إلىصلاة التراويح في وقتها، الأمر الذي يكون أقوى في سبيل الدعاء للمنتخب الوطني ثمّ إنشاء التحق بهم النّاس لصلاة التراويح أو اكتفوا فقط بصلاة العشاء على أن يستدركوا مافاتهم من فضل بأنّ يصلّوا ما استطاعوا من الركعات قبل الفجر.
حجيمي: تأخير الصلاة ظاهره "الجواز" وحقيقته نشر الفوضى من جانبه حذّر الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، الشيخ جلولحجيمي، من تأخير صلاة العشاء والتراويح عن وقتها لما قد يجرّ إليه هذا التصرّف منمشاحنات وتوتّر داخل المساجد ما يخرجها عن دورها التعبّدي التربوي إلى نقاشات هامشيةيتّهم فيها الإمام من طرف النّاس بالتلاعب بالدّين، مؤكّدا بأنّه من النّاحية الشرعية النظرية لاحرج في تأخير صلاة العشاء والتراويح لأنّ وقتها طويل إلا أنّ النزول بهذا الشيء إلىالمسجد سيثير حفيظة البعض فيكون إرضاء لطرف على حساب طرف آخر ما قد يؤدّي إلىالفوضى في المسجد و"إرضاء النّاس غاية لا تدرك" يكمل حجيمي؛ الأمر الذي جعله يدعوإلى الكلام في الموضوع بعيدا عن العواطف والحماسة الزائدة ذلك أنّ كرة القدم تبقى فيالأخير لعبة والصلاة مرتبطة بمسنّين ومرضى وعمّال لهم أشغالهم التي لا يستطيعونتأخيرها فالأولى حسبه أنّ لا يقع الإمام في هذه المطبّات وأن يترك أمر الصلاة للمصّلين فإنشاؤوا صلّوا معه العشاء والتراويح أو اكتفوا بتأدية الواجب على أن يستدركوا نافلةالتراويح في وقت آخر لمن شاء منهم إدراك فضل هذه السنّة، مشيرا إلى أنّ الثبات علىالوقت المعهود للصلاة سيجنّب المسجد أي توتّرات قد تصله بسبب هذه الخيارات الاستثنائية.
تحفظات من إفطار اللاعبين والمناصرين وتحفّظ عدد من قرّاء "الشروق" لصدور فتوى إباحة الإفطار من عدد من المشايخ والعلماءعن طريق ربطها بمطلق مسألة أحكام المسافر دون النّظر إلى أنّ المسألة هي من مسائل"النوازل" التي لا يصح فيها الاكتفاء بنقل الفتوى كما فعل الدّعاة، وإنّما لا بدّ فيها حسبهممن مدارسة أشمل، سواء في حكم مباريات كأس العالم وما تشتمله من مفاسد قد تصل إلىأصل اللعبة خاصّة مع الحديث عن أنّ مبناها على القمار والميسر وهو ما يحتاج إلى بحثاستقصائي في المسألة ما قد يجعل من المشاركة والسفر أصلا "معصية" ما يترتّب عليهآثار شرعية مخالفة لما ينقل، كما أنّ الفتوى حسبهم علّقت الأمر بالسفر من دون الحديث عنتفصيل العلماء في السفر ما بين دار الكفر ودار الإسلام إذ سحبوا على السفر إلى البرازيلوما فيها من فساد شامل ومنكرات نفس أحكام السفر إلى بلاد الإسلام. وعلّق حدهم قائلا: "ماذا لو سئل الإمام مالك عن حكم إفطار اللاعبين والجمهور المتوجّه إلى هذه المناسباتالكروية بما تشتمله.. هل كان سيجيب بجواز السفر أصلا!!". إلا أنّ البعض استبشر خيرا بتوجّه النّاس إلى السؤال في هذه المسائل الشرعية ومسارعةالعلماء والدّعاة إلى الجواب عنها، سواء وفقّوا للإجابة أم لا، إلا أنّهم استنكروا أن تتوجّهالأنظار إلى المسائل الشرعية الفرعية في وقت لا يبالي المسؤولون في البلاد بأفعالهموتصرّفاتهم أمن حلال أم حرام، داعين إلى توسيع الفتوى أكثر ومطالبة العلماء بالحديث عنالقضايا المصيرية للأمّة التي تدخل ضمن "القطعيات" الدينية كحكم بناء صروح الربا وأوكارالدعارة والخمور التي تقدّم في الطائرات والفنادق والمراقص الليلية والعري في الشواطئالأمر الذي يجعل الدّين في حياة الشعوب وفق قوله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَوَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ".