أجمع ثلة من الخبراء الاقتصاديين الذين استطلعت "الحوار" آراءهم حول الآليات الواجب اتخاذها لتفادي ندرة الحليب التي أرقت المستهلك الجزائري في الآونة الأخيرة، أن أسباب الأزمة التي ضربت شعبة الحليب ترجع إلى تهاون الدولة في التعاطي مع معطيات الأزمة، داعين إلى ضرورة تكوين جهاز رقابي لتفادي تفاقم الندرة. من جهته أوضح المكلف بالإعلام بوزارة التجارة أن الأخيرة ساهرة على تطبيق القوانين ومعاقبة الخارجين عن القانون. * وزارة التجارة تشدد الراقابة في السياق، أكد مكلف بالإعلام بوزارة التجارة، سمير مفتاح، أن الدولة الجزائرية، ممثلة في وزارة التجارة، كلفت لجانا بتحقيق ميداني لرصد ما يجري من تجاوزات يقوم بها أرباب المصانع وأصحاب المقاهي والفنادق الذين يستفيدون من مادة الحليب المدعم ويتم بيعها بأسعار مرتفعة، لأن وحسب ما أورد مصالح وزراة التجارة، فإن حليب المستهلك يستفيد منه صانعو الياغورت والأجبان، وعن الإجراءات الردعية التي اتخذتها الوزارة، قال سمير إن أجهزة الوزارة بالمرصاد لكل من يحاول الاستحواذ على هذه المادة دون وجه قانوني، وتتمثل العقوبة -حسبه- في غلق المحل، وهذا الإجراء يكون يأتي بعد عملية التأكد في قضية الغش، حيث يتم تحرير محضر حول الواقعة، وترفع إلى المصالح الخاصة بالولاية محل الجاني، وبعد التحقيق يطبق عليه إجراء الغلق.
* لا بد من فرض ضرائب إضافية على المؤسسات المستفيدة من مادة الحليب المدعم وفي هذا الإطار، قال الأستاذ الجامعي ورئيس الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين الدكتور أحمين شفير، على الدولة اتخاذ استراتيجية ضبط سوق الحليب، إن مادة الحليب المجفف التي تعد من المواد الأساسية التي تندرج ضمن قائمة المواد المدعمة، وقاعدة الضبط هذه يقول أحمين تمر عبر قانون السوق القائم على العرض والطلب، وذلك من خلال ضبط كميات الحليب التي تحتاجها كل منطقة، وبحسب الولايات، ففي هذه الحالة تستطيع السلطة المعنية بضبط مؤشر الأسعار في السوق، وحتى نصل إلى هذه المرتبة لا بد من اتباع العديد من الإجراءات، منها على سبيل المثال لا الحصر تطوير منظومة الاحصاءات، وفي مقدمتها الكفاءة والنوعية والمصداقية، كل هذا يسمح للحكومة تطبيقها على الواقع المادي، لأن المسألة ليست تحويل هذه المادة في اتجاه معاكس، أو طرح السؤال التقليدي من المستفيد من هذه المادة المدعمة؟، إنما المشكلة تكمن في عدم تحكم الدولة في آلية المراقبة، داعيا إلى ضرورة إنشاء جهاز تحفيز الانتاج ذي نوعية وبالشكل الذي يؤمن احتياجات السوق من هذه المادة، فضلا عن البحث عن آلية توزيع وتخزين المنتوج، ولست هنا أكرس تدخل الدولة في العملية الاقتصادية بصورة مباشرة إنما يكون لها ذلك عن طريق سن القوانين لتنظيم السوق، كما أن قضية منع مصانع إنتاج مشتقات الحليب والمقاهي والفنادق ومؤسسات ذات الصلة الاستفادة من مادة الحليب بسعر مدعم، هي إجراءات بيروقراطية والحل أن يترك أرباب المصانع اقتناء مادة الحليب المجفف المدعم والموجه أساسا إلى المستهلك العادي بصورة عادية، وعلى مصالح الضرائب فرض ضرائب إضافية، لأن قرار المنع هذا يجعل أصحاب مصانع مشتقات الحليب مثلا انتهاج طرق ملتوية والاحتيال على القانون عن طريق الاتفاق مع باعة التجزئة على تزويده بالمادة محل الصنع بعيدة عن أنظار أجهزة الدولة، وبالسعر الذي يريد، لأننا لسنا في جمهورية أفلاطون المثالية، كما أن نهج تدخل الدولة في تنظيم الاقتصاد تبنته دول التي تنادي بنظام الليبرالي، وتؤكد دورها في ضبط السوق والأسعار والنقل والانتاج.
* الحل يكمن في صنع مادة الحليب المجفف محلي من جهته، أشار المحلل الاقتصادي الدكتور مختار علالي، إلى أن غياب دور المراقبة في شعبة الحليب جعل من سماسرة مادة الحليب المجفف يعيثون في السوق الوطنية، ويحولون هذه المادة إلى مؤسسات لصنع مشتقات الحليب، ومن القضايا التي لم تتفطن إليها الوزارة المعنية وجود وحدات تصنيع غير قانونية تنتج مشتقات الحليب داخل الملبنات، كما أن غياب الرقابة من قبل الدولة ساهم بشكل مباشر في تذبذب سوق الحليب في الجزائر، وما زاد الطينة بلة يقول مختار علالي عدم توازن في عملية توزيع مادة الحليب المجفف، والذي يجب أن يتم حسب الطاقة الانتاجية لكل ولاية، فأغلب المصانع المستحدثة على مستوى ولاية بشار مثلا لا تتحصل على الكمية اللازمة من هذه المادة، وهناك من الوحدات لا يصلها أصلا، مما سبب أزمة خانقة في هذا المجال، وإن وجد يتوجه لصناعة الياغورت، والأجبان، ومن أجل الخروج من هذه البوتقة التي ضيقت على السوق الوطنية وأحدثت أزمة في شعبة الحليب يرفع الدكتور مختار علالي اقتراحا للحكومة لتشجيع الفلاحين من خلال تزويدهم بالأبقار الحلوب، وإنشاء مصانع لتجفيف الحليب لإنتاج مادة الحليب المجفف، ونكون بالتالي أمام معادلة متساوية، والتي منتجين لهذه المادة بدل استيرادها من الخارج. نصيرة سيد علي