* على الفنان الجزائري حفظ كرامته وخلق قانونه الخاص باختيار أعماله في ظل غياب سياسة ثقافية واضحة. نضال الجزائري، ممثلة جزائرية، اكتشفها الراحل، جمال فزاز، وأسند إليها أول دور تلفزيوني، عندما كانت طالبة بمعهد الفنون الدرامية، من خلال مسلسله "كيد الزمان". وذاع صيتها أكثر، بعد أن أطلقت صرخة نجدة، وجهتها إلى السلطات العمومية، من أجل رفع الغبن عنها، عقب انهيار بيتها، الشبيه بالكوخ، الواقع في ضواحي بلدية الرغاية بالعاصمة، إثر عاصفة رعدية. وهو ما كشف عن الواقع المؤلم لحياة الكثير من الفنانين الجزائريين، حيث أكدت الفنانة نضال أنها لا تستحق أن تحيا حياة بائسة ومزرية، ولا يليق بمقامها كفنانة. وفي هذا اللقاء، الذي جمعها بمجلة "الحوار"، تحدثت نضال عن الواقع البائس للفنان الجزائري، في ظل غياب قانون الفنان، وعن كثرة المتطفلين على الفن.. كما كشفت عن جديدها مع قضية السكن. كما عرجت الفنانة، نضال الجزائري، خلال حوارها، على مشاركتها في أضخم مسلسل درامي عربي، وتفاصيل أخرى، تطالعونها في هذا الحوار.
حاورتها: سناء بلال
* كيف تقدم الفنانة نضال الجزائري نفسها إلى القارئ؟ نضال الجزائري، فنانة، خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، دفعة 2000. الحاسة الأولى عندي، هي الكتابة، وبعدها تأتي الحواس الخمس الأخرى. اشتغلت بالصحافة قبل الالتحاق بالمعهد. أول دور قدمته في التلفزيون الجزائري، عندما كنت طالبة بمعهد الفنون الدرامية، من خلال مسلسل "كيد الزمان"، من إخراج الراحل، جمال فزاز. * كثير من محبي الفنانة، نضال الجزائري، يتساءلون حول أزمتك الأخيرة مع السكن، كيف تطمئنين محبيك؟ وهل تم حل مشكلتك نهائيا مع السكن؟ كأي مواطن جزائري، عانيت كثيرا من أزمة السكن، وقد توفيت أمي وهي تأمل أن ننتقل إلى سكن لائق.. ولكن، دائما وأبدا، تجري سياسة بلادنا بما لا يشتهيه المواطن الجزائري، فبعد وفاة والدتي بعام- رحمة الله عليها- استلمت مفاتيح شقتي، بصيغة السكن التساهمي الاجتماعي، وأنا الآن أجهزها للانتقال إليها مع أولادي.
* هل في رأيك نجاح الفنان يجب أن يمر على المسرح؟ المسرح أبو الفنون، ومحك المواهب.. أفضل طبعا أن تمر المواهب الفنية على خشبته أولا، خاصة في ظل غياب التكوين الصحيح، من معاهد وأساتذة ومخرجين..
أعيب على الوزارة الوصية تكليف وتشريف كثير من الدخلاء على المسرح والفن عامة * أبدعت في تقمص شخصيات وأدوار متنوعة، أثرت بها كثيرا في المشاهد. ما السر الذي جعلك تدخلين قلوب المشاهدين في أي دور تقومين به؟ والله، ليس هناك أي سر. إنما هناك دائما الإخلاص للعمل، والاشتغال الجيد على الشخصية، وصدق الإحساس، لأنه من القلب يصل مباشرة إلى القلب، إذ العمل الفني يتطلب إحساسا عاليا، ودراية واسعة بملامح الشخصية المنوطة بي، كعلم النفس، والاجتماع وتاريخ الأزياء، واللغة واللهجة والمنطق والواقعية.. لهذا، أنا أقول دائما إن فن الممثل علم قائم بحد ذاته، كفانا استهتارا وتقليلا من قيمة الفن بكل مجالاته ومدارسه وتاريخه. * ما سبب غياب الفنانة نضال الجزائري في التلفزيون في المدة الأخيرة؟ غيابي كان لسببين، أولهما شخصيتي، التي ترفض العفن، وتحترم الفن.. وثانيا، تهميشي، لأنني أناضل من أجل قانون الفنان، ورفض المتطفلين المرتزقة على حساب الفن والفنان الحقيقي.
* كيف ترين واقع الفنان الجزائري اليوم في الجزائر؟ واقع الفنان الجزائري، منذ سنوات، بائس، في ظل غياب قانون الفنان، وكثرة المتطفلين المعقدين المعتوهين، الذين أصبحوا يتحكمون في مصير الفن والفنانين، بعضهم لا علاقة لهم بالفن، يقتاتون على عرق الفنان، والفنان كثيرا ما يموت جوعا ومرضا واكتئابا وحزنا على حاله.
– توفيت أمي وهي تأمل أن ننتقل إلى سكن لائق ولم يتحقق حلمها. * ماذا عن جديدك الفني؟ ستكون لي مشاركة مهمة في مسلسل عربي تركي ضخم، من إنتاج تونسي، بعنوان "موسم الانتقام"، بمشاركة ألمع نجوم الفن، على غرار الممثلة التركية مريم أوزرلي، المعروفة بالسلطانة هيام في حريم السلطان، والممثلة درة، وغيرهم من النجوم. * حديثنا عن عملك هذا، وكيف تم ترشيحك للمشاركة في هذا العمل الدرامي الضخم. أعتبر هذا العمل فرصة مهمة لي، للانتشار عربيا، والتعرف على التجربة الأخرى في الدراما. تم ترشيحي من طرف الفنان التونسي الشاب، فارس أمين، صاحب فكرة المسلسل. منذ أكثر من عام، وهو يتواصل معي، وقام ببعث النص وقراءته، وهو فكرة مقتبسة عن ريا وسكينة، وهو عمل درامي ضخم، سيعرض في شهر رمضان المقبل. ويشارك في العمل نخبة من الممثلات من تركيا، وعدد من الدول العربية، من بينهن درة زروق من تونس، وبطلة مسلسل حريم السلطان، مريم أوزرلي، الشهيرة بالسلطانة هيام.
* في ظل غياب سياسة ثقافية واعدة في الجزائر، كيف يمكن للفنان الجزائري العيش بكرامة مع خلق فرص عمل مستمرة؟ في ظل غياب سياسة ثقافية واضحة، على الفنان الجزائري حفظ كرامته، وخلق قانونه. عليه هو باختيار أعماله، إذا توفرت له فرص المشاركة، بتثقيف نفسه ومعرفة ما له وما عليه. كما أريد أن أقول إن جرائم كثيرة تحدث في حق الفن. والمواهب يجب على الدولة الالتفات إليها، وهي ظاهرة تكوين المواهب في ظرف 5 أو 7 أيام، واعتماد شهادة تقدم لهم. كيف يمكن لجاهل لم يتكون ولا يعرف كيف يمشي على خشبة المسرح، أن يكون ممثلا.. هذه جريمة لا تغتفر في حق المواهب، الذين يدفعون مبالغ هامة مقابل شهادة مدتها 5 أيام. أين وزارة الثقافة؟ وأين الحكومة؟ ومن الذي يعتمد هذه الشهادات؟ * الأسرة الفنية في الجزائر تعيش حالة من الشتات كيف يمكن لملمة شملها في ظل هذه الظروف التي يدفع ثمنها دوما الفنان الجزائري ؟ الفنان الجزائري بحاجة للاستقرار المعنوي لكي يتفرغ للإبداع والتجديد ومواكبة الحداثة في كل المجالات يكفيه انشغالا بالخبزة وكيس الحليب وثمن وصفة الطبيب والجري وراء سقف يؤويه إلى أن يموت حسرة و اكتئابا ووباء حتى نتذكر اسمه بعد فوات الأوان ما يعيشه الفنان الجزائري كمواطن ظلم وكمبدع جريمة لا يغفرها التاريخ كما أن الأسرة الفنية تعيش حالة من الشتات والتهيان وأغلب الفاعلين في الميدان متطفلين ومرتزقة حيث يجب تأسيس قانون الفنان اليوم قبل الغد كما يجب أن يتحد الفنانون لافتكاك هذا القانون وانتخاب نقابة محترمة يرأسها نقيب فنانين بالإجماع كما يجب على الأسرة الفنية أن تضع اليد في اليد وتجهتد للمطالبة بضرورة تأسيس قانون الفنان وبعدها كل شيء يعود إلى نصابه أين سيجد الدخلاء أنفسهم بعيدا عن هذا القطاع الحساس كما أن الإعلام الغير متخصص ساهم إلى حد بعيد في تشويه صورة الفن الحقيقي وتجريد الفنان الحقيقي من مكانته الحقيقية وإعطائها للمتطفلين والمرتزقة المتسلقين على حساب التضحيات التي يقدمها الفنان المتكون المثقف المتخلق الذي يمارس فنه بضمير مسؤول لأنه يعرف جيدا أنه يمثل بلده وهويته ومجتمعه.
الإخلاص في العمل وصدق الإحساس النابع من القلب يصل مباشرة إلى القلب. * كيف ترين واقع الدراما في الجزائر ؟ الدراما في الجزائر تخطو خطوتها الأولى تتعثر أحيانا كثيرة في غياب المخرج والسينارست والممثل الجيد والتقني العارف بمهنته وفي غياب التكوين والتخصص في مجالات الإبداع لا يمكننا الحديث عن إنتاج درامي في الجزائر أو عن منافسة حرة حقيقية ونحن لا نعرف الصناعة جيدا.
* تراجع دور المسرح كثيرا بالمقارنة بالسنوات الماضية، لماذا هذا التراجع و هو ابو الفنون ؟ أعيب على الوزراة الوصية تكليف وتشريف كثير من الدخلاء على المسرح والفن عامة فنجدهم على رأس الإدارة في المسارح ومديريات الثقافة ودور الثقافة ويصبحون أكبر عائق وعدو للإبداع والمبدعين ونجدهم يمارسون الإقصاء والتهميش القاتل للفنان في المهرجانات والتظاهرات والفرص التي من المفروض تعطى للفنان لكنهم يستأثرون بها لأنفسهم ولأصدقائهم والوصاية لا تبالي ولا تهتم في حين يموت الفنان حسرة على حالة هذه هي أسباب تراجع دور المسرح عما كان عليه خلال السنوات الماضية كما كنت ومازلت أدعو إلى استبدال وزارة الثقافة بوزارة للسياحة والفنون والتراث حتى يمكننا أن نضرب عصفورين بحجر واحد خدمة السياحة تماشيا مع صناعة النجم والنجومية والتاريخ لتراثنا وفنوننا.
* كلمة أخيرة نختم بها حوارنا.. أختم كلامي بشكر مجلة الحوار، على إتاحتها الفرصة لي لمخاطبة جمهوري العزيز، الذي غبت عنه لسنوات، وسأعود- إن شاء الله- في عمل درامي ضخم، سيعرض في شهر رمضان المقبل. كما لا أنسى أن أتقدم بأخلص عبارات الشكر والتقدير لأستاذي، مالك عقون، الذي كان له كل الفضل في نجاحاتي ورضا الجمهور عني.. لهذا الأستاذ المضحي المتفاني، عطاء وأخلاقا واحتراما للفن والفنانين، بفضله عرفت أن فن التمثيل علم، بعدما كنت لا أهتم أبدا بالتمثيل، وكنت التحقت بالمعهد لدراسة النقد وليس التمثيل.