حالة الانفلات الأمني التي تنام وتصحو عليها مصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي، صاحبها إعلام بلا رقيب ومثير للفتنة بوعي وبلا وعي. وكأن الإعلام المصري يعيد نفس السيناريوهات التي غرق فيها واعتذر عن زلاته على المباشر بعدها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل دخل في صف الإعلام الذي يقوده عمرو أديب وزوجته وبعض من زملائه في المهنة في “البلطجة” الإعلامية، القضاء المصري الذي صار أشبه بحزب معارض منه جهة مستقلة. والخوف كل الخوف على سمعة الإعلام المصري الذي رغم هفواته المتكررة إلا أنه يظل وجها لانفتاح سمعي بصري ثري من حيث التجربة بالنسبة لعدد كبير من الدول العربية. إن الأزمة الخانقة التي تعيشها مصر اليوم بكل صور الفتنة والاقتتال التي تنقلها مختلف شاشات العالم، لا يمكن أن تسيّر بأبواق تقود إلى إشعال فتيل الحرب الأهلية لا قدّر الله، أكثر منها إلى التهدئة والتعقل. والغريب كل الغرابة أن يتطاول إعلاميو مصر على رئيسهم المنتخب ولو بعد عزله، ووصفه بأبشع الصفات، كما فعل من يسمى عمرو أديب. الأكيد أن الدفاع عن مصر كل في زاويته حق مشروع، لكن أن يصل الأمر إلى حد التطاول على شعوب أخرى، وفي مقدمتها الجزائر، التي صارت النموذج الاستشرافي لما يحدث في مصر الآن، فلا يمكن السكوت عنه. وإن كان النموذج الجزائري كما يرى بعض “إعلاميي مصر” غير قابل للتكرار في بلدهم، بحجة أن “نموذج” المواطن نفسه يختلف، فلا يمكن للمصري الذي هو عكس الجزائري المتعصب، أن يسمح لنفسه بأن يدخل بلده في حمّام الدم، فما يحدث من معارك يعكس حجم الكارثة وحمّام الدم، فلماذا المقارنة في مثل هذا الوقت بالذات، والسب المجاني من إعلام بلطجي. عندما ثار الشعب المصري في وجه الرئيس حسني مبارك ظن بأنه حقق أهداف الثورة، ولكن ذلك لم يتحقق رغم تهليل الإعلام، وبعد أن ثار من جديد ظنا منه بأنه ينجز أعظم ثورة شعبية، رافقه الإعلام من جانب واحد وهو في حالة هستيريا، واقفا ومتكئا على ظهر العسكر وهلل للانقلاب العسكري وسارع إلى ضرورة إصدار قراره، ولم “ينم” هذا الإعلام حتى أشعل نار الفتنة التي ستحرق كل مصر، وكأن الكل أعمى لا يرى.. وهو ما لا يتمناه بشر، فاللهم أحفظ مصر من إعلام البلطجة ومومياء عنخ آمون؟