أفاد الأستاذ فريد منصوري، أّن الوفد الإيطالي “سيزور الكنائس والأماكن الأثرية الّتي بقيت على حالها بعد خروج الاستعمار الغاشم”. مضيفًا “نترك لهم المقارنة بين ما هو الحال عندنا وعندهم” في إشارة منه لتسامح المسلمين اتجاه المسيحيين ودور عبادتهم في الجزائر وبين تفشي ظاهرة العنصرية والإسلاموفوبيا في الغرب عمومًا وإيطاليًا خصوصًا، وهذا حتّى “نُبيِّن ذلك للرأي العام من خلال توثيق الزيارة وعرضها عبر وسائل الإعلام حتّى نسدّ الطريق على مَن يريد إعاقة نشاط المسلمين وحِرمانهم من بناء المساجد ودور العبادة وممارسة شعائرهم الدينية”. وأكّد منصوري أنّ الزيارة ستنظّم خلال الأيّام القادمة، مشيرًا أنّ موظّفًا من سفارة الجزائر في العاصمة الإيطالية روما سأل عن الجمعية والشخص المنظّم لهذه الزّيارة. موضّحًا أنّه راسل قبل أسبوعين وزير الشؤون الدّينية والأوقاف، السيد بوعبد الله غلام الله، لتسهيل زيارة هذا الوفد. وأشار المتحدث أنّ طبيعة الدول الأوروبية تختلف في معاملتها للأقلية المسلمة بين “قامع” في إشارة منه للنّموذج الفرنسي، “ومتساهل” كالنّموذج البريطاني، “ومتجاهل إن صحّ التعبير”، وهذا يعود إلى “ثقافة وتاريخ البلد”. معتبرًا أنّ سياسة إيطاليا اتجاه المسلمين يطغى عليها “الغموض وعدم الوضوح” بحيث أنّك “لا تستطيع إيجاد الصّيغة الّتي يجب على المسلمين الالتزام بها ليبنوا أساسًا يضمن استقرارهم”، مؤكّدًا أنّ “معظم المراكز الإسلامية مهدّدة بالغلق وغير لائقة” بسبب “الصعوبات الجمّة في الحصول على التّراخيص”، هذا “إذا وجدت مَن يبيعك أو يُؤجّر لك المكان”. وأكّد رئيس الأقلية المسلمة في بارما، أنّ الدستور الإيطالي يقرّ ويضمن في بعض مواده “حرية التّديّن وإقامة الشّعائر الدّينية مثل الصّلاة والدعوة إلى الدّين والإشهار به”، لكنّه في كثير من الأحيان “السياسيون يكيلون بمكيالين حين يتعلّق الأمر بالإسلام”. موضّحًا أنّ “أكبر مثال على هذا عدم الاعتراف رسميًا بالدّين الإسلامي ومنح أهله كلّ الحقوق القانونية المترتّبة ويفتح له المجال كما فعل مع باقي الدّيانات الّتي حصلت على الاعتراف مع أنّها تمثّل شريحة قليلة من المجتمع كالبوذية والهندوسية واليهودية والمذاهب النّصرانية الأخرى مثل البروتستانتية والأورثذكسية”، أمّا “الإسلام الّذي يأتي في المرتبة الثانية بعد الكاثوليكية من حيث الأتباع يُهمَّش ويوضع جانبًا”. مشيرًا إلى أنّ هذا الإنكار يجعل من الوجود الإسلامي “غير مرغوب فيه ولا مُرحّبًا به ومضايق من كلّ النّواحي، يعيش أتباعه معاناة جسيمة ويشتدّ الوضع تأزّما كلّما حدث شيء ما في بعض أنحاء العالم وروّجت له وسائل الإعلام كما يدّعون على أنّه إرهاب إسلامي أو القاعدة أو التطرف الإسلامي” وأضاف أنّ الغاية هي “التّضليل والتّشويه في حقّ الإسلام كي لا ينتشر وفي حقّ المسلمين حتّى لا يقترب المجتمع منهم ولا يتأثّر بهم، فتزداد القطيعة والأمر تدهورًا، مما يُسبِّب سوء المعاملة اتجاه المسلمين ويعكّر عليهم معيشتهم”. وأبدى أسفه لحال المسلمين في إيطاليا وقال “يواجهون مصيرهم ويتحدّون واقعهم بعدما أصبحوا يشعرون بأنّهم مواطنون”، وحثّهم على أن “يدافعوا على حقوقهم وأن يثبتوا وجودهم بمشاركتهم في كلّ جوانب الحياة الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية، وإظهار التفوّق في الإتقان والأمانة وحسن الخُلق والمعاملة” موضّحًا أنّه “لا سبيل أمامهم في مواجهة التّحديات إلاّ الالتزام الحقيقي بدينهم قولاً وعملاً حتّى يبرهنوا على أنّهم فعلا قيمة إضافية للمجتمع”. واعتبر الأستاذ فريد أنّ العلاقة بين المسلمين وبين المسؤولين “تختلف من منطقة إلى أخرى” مشيرًا إلى أنّ “هناك بعض المدن الشّمالية لا تهتم ولا تولي أدنى قيمة للمسلمين” وأنّ “الصراع على أشدّه خاصة الّتي يحكمها ممثلون عن رابطة الشّمال العنصرية والّتي لا تريد أصلاً رؤية المسلمين”، وأضاف أنّ “مدنًا أخرى تتعامل مع المسلمين بتحفّظ شديد يخشى سياسيوها من أصوات الناخبين ولا يمنحون أشياء ملموسة وإنّما وعود غالبًا لا يوفّون بها”، كما أشار “نحن في مدينة بارما منذ أكثر من 15 سنة ننتظر منحنا مقبرة خاصة بالمسلمين وننتظر التّرخيص من المذبح البلدي لكي يسمح لنا أن نضحي يوم العيد إلخ..”. وأكّد أنّ العلاقة خلال الخمس سنوات الأخيرة، تحسّنَت شيئًا ما بعدما أيقن المسؤولون أنّ مواصلة التّهميش ومحاولة إذابة القادمين الجدد في المجتمع وطمس هويّتهم سيزيد الوضع تأزّمًا لهذا “غيّرت السلطات سياستها اتّجاه المهاجرين بصفة عامة وأصبحت تجتمع بهم وتأخذ رأيهم في بعض القضايا”. موضّحًا أنّ هذه العلاقة “جاءت متأخّرة نوعًا ما مع المسؤولين” الهدف منها “التعرّف عن قرب من هذه الشّريحة ومعرفة طريقة تفكيرها وهل هي منفتحة أو منزوية على نفسها وهل هي قابلة للاندماج في المجتمع وما هي الوسائل والبرامج الواجب توظيفها لتحقيق ذلك ومن جانبنا نعرِّف بأنفسنا ونوضّح جوانب كثيرة يجهلونها عنّا”. وقال “لدينا أصدقاء لهم وزن يدافعون عنّا ويطالبون السلطات منحنا الحقّ في بناء المساجد والمقابر وعدم التّضييق علينا باعتبارنا مواطنين نعمل وندفع الضّرائب مثلنا مثل الإيطاليين”. وأضاف “عقد مجلس الكنائس في بارما، مؤخّرًا، مؤتمرًا صحفيًا طالب السلطات بعدم التّماطل والإسراع في حلّ المشاكل الّتي تعاني منها الأقلية المسلمة وخاصة المقر (المسجد) ووضع حد للاعتداءات الّتي يسبّبها العنصريين والحاقدين الّذين يريدون منذ 6 سنوات غلق المركز الإسلامي والّذين يجمعون التّوقيعات لمنع المسلمين من بناء مسجد في هذه المدينة”.