مجلس الأمة: اجتماع تنسيقي للوفد المشارك باسبانيا في قمة رؤساء البرلمانات    المجلس الوطني الصحراوي يندد بالحصار العسكري الذي يفرضه الاحتلال المغربي على المناطق المحتلة    كأس إفريقيا سيدات 2024 : المنتخب الجزائري يشرع في المرحلة الثانية من التحضيرات بسيدي موسى    إيطاليا: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات انطلاقا من المغرب    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع المدير العام ل"الألكسو" آفاق التعاون الثقافي المشترك    75 عارضا بالصالون الوطني للصناعات التقليدية    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان "سيرتا للفروسية"    طهران تقصف قواعد أمريكية في قطر    إلغاء رحلتين مبرمجتين إلى الدوحة ودبي    قسنطينة تحتضن الطبعة الثالثة من "ويب إكسبو الجزائر"    جاهزية تامة.. تركيز على مجانية الشواطئ والردع للمخالفين    رئيس الفيفا يعزّي الجزائر    رحلات يومية إلى جيجل ومرتين في الأسبوع نحو سكيكدة    مكانة مميزة لحقوق الإنسان في الجزائر    معاً لموسم اصطياف دون حوادث    مخطط أمني خاص بفصل الصيف    الشرطة تستعين بالدراجات الهوائية    قانون جديد لاستغلال الشواطئ    لا بديل عن الحل السلمي للملف النّووي الإيراني    معرض الجزائر الدولي: رئيس الجمهورية يؤكد على أهمية مواصلة تعزيز تنافسية المنتوج الوطني    الجزائر- موريتانيا.. توطيد التنسيق البرلماني الاستراتيجي    فريق طبي موريتاني يشارك في عمليات زرع كلى بالجزائر    إقبال لافت على مدرسة الدفاع المضاد للطائرات بالأغواط    تسليم أولى تراخيص تنظيم نشاط العمرة للموسم الجديد    مسابقات الاندية الافريقية 2025-2026: الجزائر من بين أفضل 12 اتحادية مشاركة في المنافسات القارية بأربعة أندية    اختتام تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025.. الاحتفاء بالثقافة الحسانية وتعزيز حضورها كأحد روافد الهوية الثقافية المشتركة    انطلاق أشغال الدورة 16 للجنة التنمية الاجتماعية بالجزائر العاصمة    قال إنها لا تحتاج إلى إعادة النظر فيها، بن طالب:الجزائر تملك منظومة ضمان اجتماعي متكاملة    إبادة غزة..إسرائيل تقتل 19 فلسطينيا بينهم منتظرو مساعدات    وزير التجارة العماني يثمن حرص رئيس الجمهورية على توطيد العلاقات مع سلطنة عمان    ملتقى ملاقا الدولي: مشاركة اربعة جزائريين في المنافسة    إبراز الدور الهام للسينما في خدمة الثقافة الحسانية    تطوير الخدمة العمومية : إبراز دور الجامعة في توفير الحلول الرقمية    رئيس الجمهورية يجدد التزام الجزائر بتقوية التعاون الطاقوي الإفريقي    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع نظيره الموريتاني سبل توسيع آفاق التعاون الثقافي بين البلدين    قسنطينة: تنظيم الطبعة ال3 للصالون الدولي "ويب إكسبو الجزائر" من 25 إلى 28 يونيو    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    مأتم المُدرّجات يُفسد عُرس المولودية    انطلاق عملية فتح الأظرفة الخاصة بالمزايدة    الجزائر تُعرب عن بالغ قلقها وشديد أسفها    نتمنى تحقيق سلام عالمي ينصف المظلوم    غالي يشدد على أهمية الاستمرار في الكفاح وبذل كل الجهود من أجل حشد مزيد من المكاسب والانتصارات    أطول أزمة لجوء في العالم    الضربات الأمريكية على المنشآت الإيرانية "منعطف خطير في المنطقة"    لا حل للملف النّووي الإيراني إلا النّهج السياسي والمفاوضات    علامات ثقافية جزائرية ضمن قوائم الأفضل عربيّاً    فتح باب المشاركة إلى 20 أوت المقبل    قصة عابرة للصحراء تحمل قيم التعايش    الزمالك يصر على ضم عبد الرحمن دغموم    الرئيس إبراهيمي يريد جمعية عامة هادئة ودون عتاب    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وذَرُوا ظاهر الإثم وباطنَه
نشر في الخبر يوم 05 - 11 - 2015

يقول الحقّ سبحانه: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ}، إنّ هذه الآية الكريمة جاءت بعد تطواف طويل في السّورة في عدد من أصحاب الجرائم والمعاصي، فتحدّثت الآيات الّتي قبلها عن الّذين أنكروا الوحي والنُّبوَات: {إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}، وكتموا الحقّ الّذي اؤتمنوا عليه، وزعموا أنّ الله تعالى اختارهم واصطفاهم، فكذّبهم الله وزيّف ادّعاءهم: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ}.
❊ وردت هذه الآية بعد ما ذكر الله الّذين اتّخذوا من دونه أندادًا: {وَجَعَلُوا لله شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ}، كما جاءت هذه الآية الكريمة بعد ذكر أولئك الّذين ادعوا أنّه متَى جاءتهم الحُجَج البيِّنة آمنوا بالله: {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا}، وجاءتهم الفرصة فعلاً فأعرضوا عنها، فعاقبهم الله عزّ وجلّ بأن حال بينهم وبينها، وجعل أفئدتهم وأبصارهم زائغة لا تستقرّ على حال: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}، أي: مختلط مضطرب، أمّا أولئك الّذين أسرعوا للإيمان فهم أهل التّقوى والصِّدق، وأهل النَّقاء والنّظافة في قلوبهم، ما حال بينهم وبين الإيمان كبر ولا غطرسة ولا أنَفَة في قلوبهم، ولا تعاظم في نفوسهم، وما قالوا: {لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا}، بل قالوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}، ووردت هذه الآية أيضًا بعد ذِكر الّذين يتمرّدون على شريعة الله، ويعاندونها بالباطل، يُجلبون في وجه الحقّ بشُبهات من عندهم، يزخرفونها بجميل القول وحسن العبارة، ويأتون بالقانون المعارض لشرع الله تعالى، وبالهوى المعارض للحقّ، ويلبسون به على النّاس: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}.
وبعد هذه المواضيع الّتي سبقت هذه الآية: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، بيّن الله أنّ كلّ تلك المخالفات والمعاصي داخلة في ظاهر الإثم وباطنه. يقول ابن القيّم رحمه الله ما خلاصته: إنّ العبد لا يستحقّ اسم التّائب استحقاقًا كاملاً تامًا إلاّ إذا ترك جميع المحرّمات الّتي نهى الله تعالى عنها، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، والمحرّمات اثنا عشر جنسًا هي: الكفر، والشِّرك، والنِّفاق، والفسوق، والعصيان، والإثم، والعدوان، والفحشاء، والمنكر، والبغي، والقول على الله تعالى بغير علم، واتّباع غير سبيل المؤمنين. ثمّ قال رحمه الله: فهذه عليها مدار ما حرّم الله عزّ وجلّ، وعامة الخلق يرجعون إليها ويقعون فيها، إلاّ من عصم الله جلّ وعزّ من أتباع الرّسل عليهم الصّلاة والسّلام، وقد يكون في الرجل أكثرها، أو أقلها، أو خصلة منها، وقد يعلم ذلك أو لا يعلمه. انتهى كلامه.
فينبغي أن نعلم هذه الأصول من المحرّمات، وأن نعلم أنّ من أعظم ما جاءت به الرّسل النّهي عن هذه المحرّمات، والتّحذير منها بكافة الوسائل والطّرق، فالآية أمرت بترك الإثم، وهو المعصية الّتي توجب الإثم، وإنّما سمّيت المعصية إثمًا لأنّها سبب في الإثم الّذي يلحق العبد، ولهذا سمّى العرب الخمر إثمًا، كما قال شاعرهم:
شربتُ الإثم حتّى ضلّ عقلي
كذاك الإثم تذهب بالعقول
وإنّما سمّيت الخمر إثمًا لأنّها سبب في الإثم، أو داعية إليه، فالمقصود بالإثم الظّاهر والباطن معصية الله تعالى في السرّ والعلانية، وعبارة المفسّرين كلّهم تدور حول هذا المعنى، وهي أنّ الآية قسّمت الإثم إلى قسمين؛ الأوّل: إثم ظاهر يراه النّاس بعيونهم، أو يسمعونه بآذانهم ويعرفونه، والثاني: إثم باطن لا يعلمه إلاّ الله تعالى، أو لا يعلمه إلاّ القليل من النّاس، ثمّ توعّد الله تعالى الّذين يكسبون الإثم أن يكون كسبهم للإثم خسارة عليهم يوم الحساب: {سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ}، أي: من الجرائم والآثام، متى؟ {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا، وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}.
فظاهر الإثم: علانيته، كالمجاهرة بالمعصية وإعلانها على الملأ: “كلّ أمّتي مُعَافىً إلاّ المجاهرين” أي: المعلنين بالمعاصي الّذين لا يستترون بها، فتنتقل المعصية إلى المجتمع كلّه، فيتنفّسها النّاس في الهواء، ويشربونها مع الماء، أمّا الباطن وهو السرّ والخفيّ فكثير، والضّابط فيه ما ورد في الصّحيح من حديث النّواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سألتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن البرّ والإثم، فقال: “البرّ حُسن الخُلُق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطّلع عليه النّاس”، فالمؤمن يكره أن يطّلع النّاس على الإثم بفطرته وطبيعته، لأنّه يعلم أنّ النّاس يعيبون ذلك ويسترذلونه ويذمونه، والمقصود بالنّاس المؤمنون الأتقياء الّذين يذمّون الباطل وينكرونه، ويعرفون المعروف ويأمرون به.
إمام مسجد عمر بن الخطاب
بن غازي براقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.