فاجأ رئيس مجلس مدينة مراكش المغربية كل الجزائريين، و حتى الإعلاميين الأوروبيين، بتنظيمه لمأدبة عشاء على شرف مئات المناصرين الجزائرين الذين تنقلوا برا وبحرا وجوا لمؤازرة رفقاء زياني أمس. مبادرة المسؤول الأول على المدينة الحمراء، وبغض النظر عن هدفها السياسي والدبلوماسي وحتى السياحي هي صفعة لمسؤولينا نحن في الجزائر، الذين تجاهلوا مثل هذه المبادرات عندما حل عشرات المناصرين المغاربة بعنابة أين كان بالإمكان القيام بمبادرة من هذا القبيل سواء مع البعثة الإعلامية المغربية أو مع المشجعين المغاربة . وحتى إن كان الساسة المغاربة يحسنون استغلال الفرص لبعث الحرارة بين البلدين بغية دفع "زعيم قصر المرادية" إلى فتح الحدود كي يستنشق الجزائريون هواء أغادير ويتنعموا بشواطئ السعيدية وطنجة، فإن الأصداء الواردة من مراكش تصب كلها في استحسان المبادرة التي من شأنها أن تفتح صفحة جديدة بين مناصري المنتخبين. صحيح أن المغاربة في حاجة ماسة إلى المال الجزائري كي يبعثوا اقتصادهم السياحي، وصحيح كذلك أن التجارة المغربية في عطالة منذ عشرية بسبب غلق الحدود، و مفهوم أن الجزائر متحفظة بخصوص فتح الحدود لأسباب إستراتيجية وأخرى أمنية، لكن غلق الحدود لا يمنع مثل هذه المبادرات ، حيث لم يفكر مسؤولو ولاية عنابة في هذا الأمر خلال شهر مارس الفارط بالرغم من صرف الملايير على التنظيم الكارثي ضمن لقاء الذهاب، ولو لا مبادرات الصحفيين فيما بينهم لعاد المغاربة يحملون صورة سيئة عما شاهدوه يوم المباراة في ملعب 19 ماي . وقد أكون قاسيا في هذا القول، لكن هذه هي الحقيقة المرة، حيث لا زلنا في الجزائر لا نستثمر الجوانب العلاقتية ولا نحسن تطوير الاتصالات الفعالة ، رغم كون الأمر في غاية السهولة وليس في حاجة سوى لحضور النية السليمة والإرادة وكذا القناعة. الأكيد أن ما يربط كلا الشعبين تاريخ عريق وانتماء حضاري مشترك و بالتالي لا أحد يستطيع قول العكس، ومهما كان الخلاف والاختلاف بين ساسة قصر المرادية وحكام المخزن فإن الشعبين بوعاء يفوق الثمانين مليون نسمة ، أثبتا بأنهما أنضج و فوق الساسة في البلدين .