قد تحظى المرأة العانس أو التي فاتها قطار الزواج لأي سبب كان، بفرصة لتكوين أسرة، فتسارع بذلك إلى اغتنام هذه الفرصة بعد انتظار طويل، غير أنها سرعان ما تصطدم بمشكلة كبيرة تسمى الإنجاب بعد أن دخلت مرحلة سن اليأس، ليتحول الحصول على طفل إلى هاجس تسعى إلى تحقيقه ولو على حساب سلامتها الصحية. "المساء" احتكّت ببعض النسوة ورصدت جانبا من معاناتهن. البحث عن عيّنات من النساء اللاتي لم يستسلمن لعدم إنجاب الأولاد في سن متأخرة، لم يكن سهلا؛ كون الأغلبية يتكتمن على حقيقة الإنجاب في سن متأخرة، فقد يكون تأخر الإنجاب اختياريا بعد وصول الزوجين إلى اتفاق يقضي بتأخير الإنجاب سنة أو سنتين، أو لمشاكل تتعلق بعقم الزوج، وكثيرا ما تتجرعها الزوجة؛ كونها الشريك الأول المتهم بعدم الإنجاب، حيث أكدت فاطمة 42 عاما، أن الزواج كان حلمها منذ صغرها، خصوصا أنها توقفت عن الدراسة في سن مبكرة جدا، لكن "المكتوب"، مثل ما تقول، أخرّ سن زواجها إلى ما بعد سن اليأس، وهو ما حرمها من نعمة الإنجاب، حيث تؤكد في معرض حديثها: "...تأخرت في الزواج مقارنة بأخواتي كوني البنت الكبرى في المنزل. وبعد وفات أمي اضطررت لأخذ مكانها. وللأسف حلم الزواج لدي تأخر كثيرا". وتضيف: ".. بعد سنتين من الزواج لم أتمكن من الإنجاب، وهذا ما أحبط عزيمتي، لذا لم أستسلم أبدا في الحصول على ابن يملأ حياتي،ومازلت أتابع عند بعض الأخصائيين حتى أتمكن من الإنجاب بحول الله تعالى". من شبح العنوسة إلى هاجس الإنجاب الكثير من الفتيات يحلمن بزوج، لكن مع ارتفاع معدل العنوسة بالجزائر بات حظ البنات في الزواج قليلا،لعدة أسباب منها غلاء المهور وتكاليف الزواج بالنسبة للكثير من الشباب، وما إن يتحقق حلم أي بنت في الزواج حتى تجد عقبة أخرى، وهي "الإنجاب"، وهذا الأخير قد لا يكون صعب المنال بالنسبة للفتيات الصغيرات في السن، لكن الأمر يكون شبه مستحيل إن تجاوزت العروس سن اليأس، وهنا تنطلق الرحلة "الماراطونية" في الحصول على ابن يحمل اسم العائلة، وما تمليه الضغوطات التي قد يتعرض لها الزوجان من قبل الأسرة والمجتمع الذي يعيشون فيه، حيث تؤكد "حياة" التي تزوجت في سن ال33، أن الأمومة حلم لا يعترف بالعمر. وتضيف أنها بعد زواجها قررت وزوجها تأجيل الإنجاب لسنتين. وبعد أن كثر عليهم إلحاح أفراد العائلة في إنجاب طفل، اصطدما بمشكل عدم الإنجاب؛ حيث تقول: "..تأخير الحمل كان بموجب اتفاق بيني وبين زوجي، لكن بعد مرور سنتين قررنا إنجاب طفل يملأ علينا حياتنا، إلا أننا تفاجأنا بوجود مشاكل صحية جعلتنا نركض وراء تشخيصات الأطباء الأخصائيين. وبعد أن استحالت كل المحاولات لتمكيننا من الإنجاب لمدة تزيد عن خمس سنوات، قررنا إجراء عملية طفل الأنابيب حتى لو كان ذلك على حساب صحتي في سبيل تحقيق حلم الأمومة". والركض وراء "الذكور" مهما كانت العواقب الركض وراء إنجاب الذكور هو سبب آخر يدفع الكثير من النساء إلى الحمل في سن متأخرة جدا، بعد أن يتأخر الحصول على مولود ذكر يحمل اسم العائلة، بعد إنجاب أربع أو سبع بنات، وحتى ولو كان ذلك على حساب صحة الزوجة، وهو ما يحصل مع "وسيلة" التي دخلت عقدها الرابع ولاتزال تسعى وراء إنجاب طفل ذكر، حيث تقول: "..لديّ أربع بنات، الكبرى تدرس في الجامعة، وكنت مصرة على أن يكون بين بناتي ذكر، وبالفعل رُزقت بذكرين بعد أربع بنات، وإلى حد الساعة أسعى لأنجب ذكرا آخر. ورغم تحذير الأطباء من الحمل مرة أخرى في مثل هذه السن المتأخرة، غير أن رغبة زوجي في الحصول على ذكر آخر لاتزال تدفعني للإنجاب مرة أخرى..".