مجلس الوزراء: الموافقة على القانون الأساسي للأسلاك الطبية وشبه الطبية    رئيس الجمهورية: رفع معاشات ومنح المتقاعدين نابع من اعتراف وتقدير الدولة لمجهودات أبنائها من العمال    تحذيرات من كارثة إنسانية بعد توقف دخول المساعدات    دعمنا للقضية الفلسطينية لا يعني تخلينا عن الشعب الصحراوي    الأمم المتحدة تؤكد أن مخزون الإمدادات لا يكفي ليوم واحد    هذه مسؤولية الأندية في التصدى لظاهرة العنف    دخول 3 رياضيّين جزائريّين المنافسة اليوم    دريس مسعود وأمينة بلقاضي في دائرة التّأهّل المباشر للأولمبياد    خنشلة: الحبس المؤقت ل 5 متهمين تسببوا في حريق غابي ببوحمامة    زعماء المقاومة الشّعبية..قوّة السّيف وحكمة القلم    في اليوم الوطني للذاكرة المخلد للذكرى 79 لمجازر 8 مايو 1945 الشعب الجزائر يتذكر تلك الجرائم ويترحم على الشهداء    باتنة : الدرك الوطني بمنعة يوقف جمعية أشرار مختصة في السرقة    وزير التربية:التكوين عن بعد هي المدرسة الثانية    تبسة : ملتقى وطني حول تطبيق الحوكمة في المؤسسات الصحية    العدوان على غزة: اجتياح رفح انتهاك للقانون الدولي وينذر بكارثة إنسانية وشيكة    لإعادة إدماجهم في المجتمع..ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني في مرافقة نزلاء المؤسسات العقابية    إختتام المناورة الدولية للحماية المدنية بالبويرة    قوجيل: مجازر 8 مايو 1945 كانت مأساة للأمة وللوطن    فيلم سن الغزال الفلسطيني في مهرجان كان السينمائي    دعوة إلى تسجيل مشروع ترميم متحف الفسيفساء بتيمقاد    تزامنا وشهر التراث.. أبواب مفتوحة على مخبر صيانة وترميم التراث الثقافي بمتحف الباردو    نظمه المعهد العسكري للوثائق والتقويم والإستقبالية لوزارة الدفاع الوطني.. "الجزائر شريك استراتيجي في التعاون الإفريقي.. " محور ملتقى    أولاد جلال : حجز 72 كلغ من اللحوم غير صالحة للاستهلاك    كما عقد لقاء مع ممثلي المجتمع المدني : وزير الداخلية يقف على مدى تنفيذ البرنامج التكميلي بخنشلة    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    وكالة "النفط" و"ايكينور" النرويجية يوقعان اتفاقية من أجل دراسة الامكانات الجزائرية في المحروقات    القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بنيروبي: تبون يبرز الدور الريادي للجزائر في مجال الأسمدة        هول كرب الميزان    القادسية السعودي يدخل سباق التعاقد مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو    تكوين وتعليم مهنيين: تكريم الفائزين في مسابقة شهر رمضان    أعضاء مجلس الأمن الدولي يجددون التزامهم بدعم عملية سياسية شاملة في ليبيا    بن طالب يبرز جهود الدولة في مجال تخفيض مستويات البطالة لدى فئة الشباب    الرابطة الأولى: تعادل اتحاد الجزائر مع شبيبة القبائل (2-2)    خطوة كبيرة لتكريس الرقمنة    قوجيل يستقبل رئيس الجمعية الوطنية للكونغو    وزير الاتّصال يكرّم إعلاميين بارزين    بن مبارك يشيد بدور الإعلام الوطني    دعوة إلى تعزيز التعاون في عدّة مجالات    تنصيب مدير عام جديد أشغال العمومية    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    ضبط كل الإجراءات لضمان التكفل الأمثل بالحجاج    حقوقيون يدعّمون المعتقلين المناهضين للتطبيع    تهيئة مباني جامعة وهران المصنفة ضمن التراث المحمي    "هولسيم الجزائر" تركب ألواحا شمسة بموقع الإنتاج    الإطاحة بمروج المهلوسات    تفكيك خمس عصابات مكونة من 34 فردا    "نمط إستهلاكي يستهوي الجزائريين    بلبشير يبدي استعداده لتمديد بقائه على رأس الفريق    بيتكوفيتش يأمل في عودة عطال قبل تربص جوان    مدرب سانت جيلواز يثني على عمورة ويدافع عنه    "حصى سيدي أحمد".. عندما تتحوّل الحصى إلى أسطورة    تحسين الأداء والقضاء على الاكتظاظ الموسم المقبل    بلمهدي يحثّ على الالتزام بالمرجعية الدينية    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلالة نادرة حلمت بمشروع ثقافي واعد
في ذكرى سبتي وجاوت ووطار
نشر في المساء يوم 07 - 06 - 2020


* email
* facebook
* twitter
* linkedin
استحضر الكاتب والإعلامي إدريس بوذيبة مؤخرا، ذكرياته مع رموز ثقافية ثقيلة في المشهد الجزائري، كان لها حضورها المميز في المشهد الجزائري، وتركت أعمالا ومواقف وذكريات جميلة مع الوطن والأصدقاء، وظلت لآخر لحظة تحلم بمشروع ثقافي جزائري رائد.
أشار الأستاذ بوذيبة إلى أنه وسط هذه المناخات الكونية الضاجة بالفقدان والارتباك، استقبل ذكرى اغتيال الشاعر والروائي والإعلامي الطاهر جاوت، هذه الشخصية الثقافية المؤثرة والملتزمة التي دفعت حياتها، ثمنا لمعتقدها الصلب في الدفاع عن قيم الحرية والعقل والإبداع والمواطنة، إن هذا الأديب المتمرس سليل المنطقة الساحرة أزفون، القلب النابض للثقافة الوطنية التي أنجبت العديد من القامات السامقة، أمثال ايقربوشن، إسياخم، العنقى، فلاق، حلمي وغيرهم ...، كان المتحدث مع مجموعة من أدباء الشرق قد تعرف على الفقيد الطاهر جاوت -كما أشار إلى ذلك أيضا، الأديب محمد زتيلي- في الثمانينات، من خلال الحضور الدائم لأغلب المهرجانات واللقاءات الأدبية، "أحيانا كمدعوين وأحيانا كمنظمين وفاعلين، والمدن التي كانت تجمعنا هي على الخصوص قسنطينة، وهران، سكيكدة، عنابة، سعيدة، بسكرة وغيرها"...
لقد كان الطاهر جاوت يضيف بوذيبة- "بهدوئه ودعة أساريره وشواربه المميزة ومظهره الأنيق الذي لا يشبه أحدا غيره، ورغم ما يبدو عليه من تحفظ وانطواء، فبمجرد اقترابك منه يمنحك مودته واهتمامه، وقد تكون هذه الصفة سببا في اتساع دائرة الصداقات التي تربطه بالعديد من الأدباء الذين يكتبون باللغة العربية، كما كان على اطلاع واسع بمختلف التيارات الفكرية والفلسفية وتاريخ الفن والسينما، بالإضافة إلى تعلقه ببعض الأدباء الجزائريين، ومنهم الفقيد رابح بلعمري الذي أعتبر نفسي قد اكتشفته من خلاله، ودفعني هذا للاطلاع على أعماله، وبالفعل نظمت ملتقى علميا حول حياة وأعمال رابح بلعمري سنة 2011، حين كنت مديرا للثقافة بولاية سطيف، وهو على ما أعرف، أول ملتقى ينظم حول هذه الشخصية الأدبية الفذة".
يقول الكاتب "لقد كان لقائي الأخير بالطاهر جاوت قبل اغتياله بأيام في منتصف ماي 1993، حيث كنت أسير في شارع ديدوش مراد بالجزائر العاصمة، وفجأة وبلا موعد، رأيته ينتصب أمامي، فتعانقنا بمودة، وكان يبدو منهكا ومكدودا والعرق يتصبب من جبينه، وهو في حالة ذهنية مضطربة، ومع ذلك، أصر أن يدخلني لأقرب مقهى قائلا "لا يعقل أن لا أجلس معك ولو لدقائق، وأنت القادم من قسنطينة، وبالحرف قال لي (عيب يا إدريس أن أتركك...)، لقد كان في طريقه إلى مقر جريدته، تحدثنا قليلا، ثم بادرني مازحا بالسؤال "هيا كيف نترجم إلى العربية عنوان الجريدة (Ruptures) ؟ فقلت له (قطيعات) و(قطائع)، وأردفت ضاحكا "المهم يا الطاهر ابتعد فقط عن مصطلح (القطيع) و(القطعان)، استلطف هذه المزحة وقهقه بصوت عال، قائلا "اطمئن لن يحدث هذا، وسألني بإيجاز عن أخبار الصديقين محمد زتيلي" والراحل مصطفى نطور، ثم ودعني على عجل، كأنه كان يسابق الموت لإصدار العدد الأخير من أسبوعيته، كان هذا آخر لقاء جمعني به في منتصف شهر ماي 1993، قبل اغتياله يوم 26 ماي ببينام".
وصف الكاتب الاغتيال بأنه كان الصدمة الكبيرة والعنيفة داخل الوسط الثقافي والإعلامي، إثر هذه الفاجعة التي ألقت بظلالها على الحياة اليومية للمثقفين والإعلاميين، الذين اضطر البعض منهم إلى مغادرة مساكنهم أو الرحيل، لأن مسلسل الاغتيالات قد تسارع، وكان من أكثر المتأثرين بتداعيات هذا الاغتيال الجبان، الكاتب الروائي خلاص جيلالي، الذي كانت تربطه بالفقيد وشائج متينة وقوية، فقد عصفت به هذه الفجيعة وتعرض لانهيار نفسي، كاد أن يقذف به في الظلام.
يستحضر الكاتب أيضا، حين حديثه عن الراحل جاوت، الروائي الطاهر وطار الذي أزعج بعض المثقفين ببعض تصريحاته، لكنه يبقى حالة خاصة في "تركيبته" التي مهما اجتهدنا في تحليل مكوناتها، فلن نجد الإجابة عنها.
يحكي الكاتب أنه كان مع وطار ب"الجاحظية" يوم اغتيال الشاعر والمفكر يوسف سبتي، بعدما استضافه في بيته، وكما هو معروف، فقد كان بيته مأوى لاستضافة الكتاب والأدباء من كل الاتجاهات والأطياف. كانت الساعة في حدود التاسعة صباح يوم 28 ديسمبر 1993، حين نزل خبر اغتيال يوسف سبتي، هذا المثقف العلماني المتصوف الذي اختار أن يعيش وحيدا، وأغلب أكله كان كسرة الشعير والبقول، وتكاد علاقته بوطار أن تجعل منه واحدا من أسرته، فهو أمين عام جمعية "الجاحظية" وصديقه الشخصي لسنوات طويلة.
مازال الكاتب بوذيبة يذكر حالة الذهول والصمت التي خيمت لدى سماع الخبر المشؤوم، وبعد حوالي الساعة، استعاد وطار أنفاسه المقطوعة.
يعود الكاتب لذكرى الطاهر جاوت، وأنه سيظل واحدا من المثقفين الذين ينتمون لسلالة العصافير النادرة، فلقد كان له مشروعه الثقافي ورؤيته الفلسفية للعالم، تجمع بين الهوية والاختلاف والانعطاف على الجوهر الإنساني في حقيقته العرفانية المتعالية، التي تناهض البداهة واليقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.